من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

قريقع مصور صحفي على كرسي متحرك

 

 

فجر – لا تجد فعالية من فعاليات كسر الحصار، إلا وتجد المصور مؤمن قريقع يسير بسرعة على كرسية المتحرك ليلتقط بكاميرته مجموعة من الصور المتميزة، ومن جوانب مختلفة قد يغفل البعض عنه، فالكاميرا بالنسبة له الجزء المكمل لنصف جسده التي بترتها صواريخ طائرة الاحتلال الإسرائيلي. ورغم معاناته بعد أن أصبح مقعداً، إلا أن عيناه تحمل الكثير من الأمل والطموحات الكبيرة التي لا توقفها حركة الكرسي المتحرك، خاصة أنه يؤمن بأن الإعاقة تكون بالعقل وليس بالجسد المبتور. ورغم صعوبة العمل بالعمل الإعلامي إلا أن عشقه للصورة والكاميرا جعلته يسخر كل قدراته في تصوير معاناة قطاع غزة المحاصر وجرح غزة النازف حتى وهو على سرير المستشفى عند إصابته.

 

“نافذة الخير” جمعت حروف لقائها مع المصور قريقع لتشكل منها كلمات ومعاني جديدة تحمل الأمل والإيمان والقدرة على استكمال مسيرة الحياة بالعمل والزواج.

 

أمل رغم الألم

 

لم تعلم منطقة حي الشجاعية بمدينة غزة أنها ستنجب المصور قريقع “23سنة”، ليكون من أبنائها المعروفين ليس بالمنطقة فحسب، بل في مناطق كثيره من القطاع حيث لا تجد مصور أو صحفي إلا ويعرفه، ويعرف قصة عشقه للكاميرا. يقول قريقع لـ”نافذة الخير” :”يربطني بالكاميرا علاقة كبيرة خاصة أنني تعلمتها منذ سنوات على أنامل خبراء التصوير والمشهود لهم بالجوائز العالمية، ذلك جعلني أهتم بدراسة الصحافة والإعلام حتى اربط بين العلم والعمل في مجال الإعلام”. ويتابع كلماته، وهو لازال محافظا على ابتسامته، :”درست السنة الأولى في جامعة الأزهر وكنت أعمل مصور في عام 2008 وأثناء إعداد تقرير عن حصار غزة بالقرب من معبر الشجاعية “المنطار” أطلقت طائرة الاحتلال صواريخها بمسافة قريبة مني مما أصاب ذلك جسدي ولم أغب عن الوعي ولا دقيقة فكنت مدرك ما حدث لي”. ويشير وهو يذكر الأمر كما لو كان أمامه، إلى أنه علم بأن قدميه سيكون موضعهما البتر لكن الأمر لم يكن القدمين من أسفل فقط بل كان كامل الساقين. ويذكر أنه كان ينزف لمدة نصف ساعة حتى جاءت سيارة إسعاف أدخلته غرفة العمليات وفي ذلك الوقت تم نشر خبر استشهاده فكانت إصابته خطيرة للغاية. ويبين أن كل ما كان يشغل عقله في ذلك الوقت هو كيف له أن يقابل ربه حيث شعر بأن يستعد للشهادة فالإصابة خطيرة جدا.

 

سرير المستشفى مكتب للعمل

 

ويستكمل قريقع” 23سنة” وهو يعيد شريط ذكرياته، :” بعد النزيف المتواصل تم نقلي إلى مستشفى الشفاء وكنت مدرك لما يحدث بكل التفاصيل إلى أن دخلت غرفة العمليات”. ويتابع وهو ينظر إلى جسده المبتور ويكرر الحمد لله رب العالمين، :” كنت أدرك أن الإصابة خطيرة فكنت أتوقع الشهادة لكن لازال لي عمر في الحياة”. ويذكر أنه بعد أن خرج من غرفة العمليات ما هي إلا أيام قليلة حتى تعالت أصوات طائرات الاحتلال الإسرائيلي بالقصف لتعلن عن بداية حرب غزة “حرب الفرقان”، ورغم صعوبة الوضع الصحي إلا أنه كان يحمل كاميرته ويلتقط الكثير من صور الشهداء والجرحى وهو بداخل المستشفى. ويضيف: “لقد جعلت من غرفة المستشفى مكتب صحفي حيث كنت أصور و أراسل لنشرها من أجل فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وكثير ما كان يأتي زملائي الإعلاميين من أجل شحن أجهزة اللاب توب والهواتف النقالة. ويلفت أنه رغم وضعه الصحي الصعب إلا أنه لم يسلم من إصابات جديدة خاصة حينما تم قصف المسجد المقابل للمستشفى مما زاد عليه الألم.

 

الإيثار

 

إحالة قريقع للعلاج، وملازمته للكرسي المتحرك، لم يجعله يفكر بنفسه فقط، فقد حصل على موافقة من أجل العلاج بالخارج فرفض وطلب أن يتم أخذ من جرحى الحرب نظرا لأنه يعلم حالته الصحية في استقرار بينما آخرون هم بحاجة أكبر للعلاج. وبعد ذلك بفترة من الزمن حصل على إذن آخر للعلاج بالخارج، وذهب لمدينة فهد الطبية بالسعودية، حيث يشير إلى أنه مكث على سرير المستشفى ما يقارب 15 يوم لا يتحرك عنه، وكانت الكثير من الوفود تأتي لزيارته خاصة العائلات الفلسطينية كانت تأتي لزيارة الجرحى.

 

ابتسامة الزواج

 

وجوده بمدينة فهد الطبية، واستقباله للعائلات التي تزور الجرحى، سهل عليه التعرف إلى أحد العائلات وخطبة إبنتهم، يقول قريقع :” كانت من ضمن الوفود الزائرة عائلة ديما التي هي الآن زوجتي فقد أكرمني الله تعالى بالزواج بها حيث وجدتها إنسانة تحمل الدين والخلق ولها شخصية ثابته وجميلة مما جعل في داخلي الرغبة بأن تكون زوجة لي”. ويضيف بكلمات تحفها الابتسامة :” تحدثت مع قريبها بالأمر وشجعني بالحديث مع والدها والحمد لله وجدت ترحيب بذلك حيث طلبت مني ديما قبل أن أقدم أي خطوة أن تتحدث مع والدتي وجدتي وبعد الحديث معهما أعلنت الموافقة”. ويتابع بكلماته التي تحمل الأمل:” لقد وجدت الترحيب والوفاء من أهل زوجتي وزوجتي حيث كان المهر عبارة عن ريال وكان من ضمن شروط عقد الزواج أن أحفظ القرآن الكريم”. ويعبر عن شكره للندوة العالمية للشباب الإسلامي التي تبنت حفل زفافه لعروسه ديما، ثم ليرزقهما الله بطفله أسموها جنى.

 

فنان تشكيلي

 

وكما يجيد قريقع فن التصوير يجيد كذلك خطوط الفن التشكيلي، حيث يوضح أنه أقام معرض تشكيلي في مدينة فهد الطبية وكان له حضور كبير، عبر من خلال رسوماته التشكيلية الكثير عن ملامح فلسطين وخاصة قطاع غزة. ومن الرسائل التي شكلها بأنامله المحبة للتصوير، لوحة تقول :” المعاق من يعجز عقله عن العمل والتفكير وليس من بتر جزء من جسده فرغم بتر جزء كبير من جسدي إلا أنني أكملت جسدي من خلال الكاميرا التي ترافقني في كل مكان فلها محبة كبيرة بقلبي”. ويتمنى قريقع أن يحصل على سيارة تساعده على التنقل خاصة أن وضعه يحتاج إلى سيارة تسهل عليه الحركة إلا أن إمكانياته البسيطة تعجز عن توفير سيارة له، كما يحتاج إلى بيت صغير مؤهل لوضعه الصحي يكون خاص له ولزوجته ديما.

 

مشروع إعلامي

 

ورغم أن قريقع لازال في متقبل عمره من الشباب إلا أنه يحمل العديد من الأفكار والمشاريع التي يتمنى من يحتضنها لترى النور بتوفيقاً من الله تعالى، حيث يقول:” لقد جهزت مشروع بكامل تفاصيله يتضمن إقامة مؤسسة إعلامية تحتضن أصحاب الاحتياجات الخاصة بحيث تكون بالنسبة لهم أكاديمية دراسية بما يتناسب مع وضعهم الصحي”. ويضيف:” الهدف هو توفير لهم فرصة تعلم، وبالوقت ذاته يتم تأهيلهم للعمل خاصة أن العديد من المؤسسات الإعلامية رحبت بتوظيف من يتعلم من أصحاب الاحتياجات الخاصة في المشروع”. ويعبر عن ألمه لعجز وضعه المادي عن القيام بهذا المشروع رغم أنه مشروع يحتاجه العديد من أبناء قطاع غزة المحاصرة خاصة بعد حرب غزة التي أسفرت عن أكثر من 5000 جريح.

منقول عن شبكة وراديو صوت المعاق

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

١ تعليق

الرد