من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

حق توريث المعوق (بقلم: وصال أحمد شحود)


حق توريث المعوق


نكتب كثيرا ونقول حول حقوق المعوق فيالمجتمع وكيف ينظر المجتمع إليه , ولكن باعتبار الحضارة والثقافة الفكرية وصلت للإيمان بالمعوق كشخص عادي له حقوق وواجبات واحترام متطلب ومفروض , فلم لم يسبقلأحد أن سلط الضوء على قضاياه الاقتصادية كحقه في الإرث مثلا؟
هل يفكر رب الأسرة أو ربة الأسرة بمنح المعوق في حال وجوده لديهم وذلك بمساواته بإخوته وإعطائه نصيبه من التركة والتي يجب تقاسمها بالعدل بينهم ؟
أحدهم عنده طفل داون سيندروم وإصابته ليست على درجة كبيرة فالطفل كبر وأصبح شابا ويساعد أباه في العمل أكثر منأخوه السليم جسديا والذي أمضى حياته في الجامعه فبدل الدراسة لمدة أربع سنوات درس أكثر من عشر سنوات , والمهم أن الوالد الذكي وزع ممتلكاته كلها لبناته وللشاب السليم جسديا وبقي الشاب الداون سيندروم والذي مازال يعمل معه وله , وهنا أتأمل الوضع ألم يكن من الأجدر به أن يكتب له ولو جزءا لا لشيء ولكن ليحس به إخوته أنه شخص عادي ويملك مايكفيه عيشه وطبابته إن لزم الأمر فمثله مثلا لو مرض من سيدفع تكاليف علاجه؟؟
قصة أخرى وردت بخاطري .. امرأة تملك بيتا وأبناء وبنات , وبعرف مجتمعها المتخلف لا يجب توريث الفتاة لأن الفتاة أصلا لزوجها , ولكن باعتبار عندها فتاة معاقة جسديا وباعتبارها تؤمن سلفا بأن هذه الفتاة لا يمكن أن تتزوج أصلا فقد كتبت لها البيت باسمها , وذلك لتؤمن لها الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وتؤمن لها حق الحماية من غدر الزمان , وكم كبرت تلك المرأة بعين المجتمع واعتبرتها مثالية ونموذج للأم المتفانية الصالحة ولكن ماحدث هو التالي : كبرت الفتاة المعاقة جسديا وباتت محط إعجاب وأنظار المجتمع ولمجرد  أن ساورت الأم الشكوك حول أن الفتاة قد تريد الزواج , تراجعت حول موضوع البيت وأعادته من ابنتها بالقوة تاركة الفتاة تتقلب علىوجع التخلف .
لقد اعتبرت الأم أن الفتاة ستكون محط طمع الآخرين وأنها إن تزوجت فسيكون زواج مصلحة وامتلاك بيت , ضاربة كل تفكير ومنطق وعقل الفتاة بعرض الحائط .
وبذا نلاحظ أن المعوق في مجتمعنا العربي لا يحق له الامتلاك سواء أكانت إعاقته عقلية أو جسدية , ولا يحق له الخيار وحق تقرير المصير , فمصيره مرهون بطريقة تفكير أسرته وبدرجة إعاقته .
فإذا أين هي حقوقه واحترامه ذاك الاحترام الذي يجب أن يبدأ بالأبوين والذين من المفترض أن يكونا مصدر الرأفة والحنان والقدوة الحسنة.
أنطالب المجتمع بما لا يستطيع الأهل منحه ؟؟ إننا إن فعلنا نغالط أنفسنا ولكننا نستطيع أن نطالب القانون بحماية حقيقية للمعوق ولحقوقه كاملة في الإرث والتوريث , مع الأخذ بعين الاعتبار إرادته ورغباته الشخصية .
مثال آخر ( ع ) من الناس عندها إعاقة متمثلة في تشوه العمود الفقري مما أدى لضعف نمو وتشوه ظاهري , ولكنها تمشي وقد درست وتوظفت, كتب لها أهلها بيت الأسرة كملكية كاملة في حال لم تتزوج وان تزوجت يعود البيت لأخوها الوحيد والذي بدوره ورث بيتا أيضا , وفعلا وبعد أن كانت الفتاة قد أصلحت البيت ووضعت من جهدها ومالها الشخصي فيه ما يكفي لشراء بيت صغير , ولكنها قررت الزواج حين وجدت فرصتها, وبذلك اضطرت الى منح البيت لأخوها .
والسؤال ماذا يعني أنها فتاة وأنها معوقة وقررت الزواج ؟؟ لماذا يعتبر زواج الفتاة المعوقة جريمة نكراء يعاقب عليها القانون والمجتمع ؟

هناك أيضا من يورثون بشرط أن يمتلك هذا المعوق الملكية الممنوحة على أن تكون بعد وفاته لفلان أو فلان من إخوته أو غيرهم, وبذا لايستطيع المعوق التصرف بملكيته ولا بيعها أو حتى منحها كما يهوى أو يريد
فأي توريث مشروط هذا ؟؟ ماذا لو احتاج المعوق نتيجة أمر طارئ لبيع هذه الملكية أو ماذا لو أراد بكامل إرادته منحها لشخص ما كان ايجابيا جدا في التعامل معه بحياته ؟ إن يده مكفوفة حينئذ عن فعل أي شيء , وحريته مغلولة بطوق إعاقته
فأي مجتمع متخلف وأي أهل لدينا ؟
إن قضية التوريث للفتاة العربية بشكل عام منقوصة ويشوبها جرثومة أن الفتاة ليست لأهلها بل هي لزوجها وكأنها ملكية تنقل من خانة لأخرى كأثاث منزل , فمابالك إذا كانت هذه الفتاة معوقة ؟ إنها في هذه الحالة ترمى بأشد العقوبات المعنوية مضاضة فقط يكفي أن يذكرها من حولها وبشكل غير مباشر أنها لا يمكن لها أن تكون مقبولة للزواج , وان حصل فذلك سيكون طمعا بما تملك
والسؤال هل الفتاة الغير معوقة أكثر وعيا لتميز من يريدها طمعا أم حبا , ألا يوجد في المجتمع من يطمع بفتاة قد تكون على قدر كبير من الثقافة والتأهيل والتعليم وغير معوقة ولكنها تملك إرثا مرغوبا فإذا أين المعادلة الخطأ ؟ هل هي في المجتمع أم في الإعاقة؟
أنا أرى أن الواجب الأول من الأهل تجاه المعوق هو حمايته من الحاجة ،ويتمثل ذلك بتوريثه ما يضمن له الحماية من العوز وحاجة الآخرين
وما دام المعوق أو المعوقة سليم التفكير فيجب أن يمنح حرية هذه الملكية وحرية التصرف بها , أما في حالات الإعاقة العقلية فلهم الحق .بضمان حقه بالطريقة المناسبة لإعاقته
إن المعوق في الأسرة ليس نكرة ولا فرد يستحق الشفقة , إنما هو كائن موجود واحترام وجوده يفرض احترام حقوقه كاملة , إن قانون الأحوال .الشخصية يخضع لقواعد الشريعة الإسلامية , ونحن إذ نطالب بحماية حقوق المعوق وذلك بأن يخضع لقواعد الشريعة الإنسانية

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

١ تعليق

الرد