من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

الزواج من المعوق هل هو حاجة أم قناعة

الزواج من المعوق هل هو حاجة أم قناعة

 رأيتها في حديقة عامة وتصادف أن جلسنا بالقرب من بعضنا البعض وبعد حوار مقتضب في البداية عرفت أنني أعمل في مركز دراسات وأبحاث المعوقين

كان معها طفلين بنت وصبي آية في الجمال والهدوء أما هي فكانت تبدو إلى حد كبير مشتتة الذهن رغم طبيعية وضعها الخارجي, وجذبني الدخول إلى تفاصيل حياتها حين عرفت أنها متزوجة من أصم وأبكم وبأدب شديد استأذنت الدخول إلى خصوصياتها

ويبدو أنها كانت بحاجة لمثل هذا الحوار لأنها لم ترحب فقط بل وعبرت عن حاجتها لمن يسمعها وتستطيع الوثوق به

سألتها كيف تزوجت من معوق وهل أحبته فأجابت لا فقد تقدم بعرض الزواج بشكل روتيني وكان عمري ثلاثون عاما مما يعني الإشراف على بداية مرحلة العنوسة , وأضافت أنا كنت أحمل مسؤولية إحدى عشر ولدا فأمي توفيت واستلمت مسؤولية قبيلة من الأولاد وكان دور الأم لكل هؤلاء الأولاد صعبا , وبعد زمن تزوج أبي وأنا كنت بانتظار الزوج فوافقت على السيد – س –

نظرت إليها بعمق وسألتها : هل أنت نادمة ؟

أجابت بأسرع مما توقعت : نعم والحقيقة ندمت منذ الأشهر الأولى للزواج

أحثثتها على المتابعة فأكملت أجل لقد ندمت منذ البداية فأنا لم أعرفه من قبل وخطبتنا لم تطل سوى شهرين زارنا خلالهم زيارات متباعدة جدا.

لم أستطع التواصل معه بعد الزواج لأنني لم أتعلم لغة الإشارة ولا حتى هو يعرف لغة الإشارة فأهله لم يهتموا بوضعه في مدرسة ما لتعليمه هذه اللغة , نحن نجلس طوال الأيام والليالي لا نستطيع الحديث في شيء وأكذب عليك إذا قلت لك أنني في كثير من الأحيان أتمنى أن أسمع كلمة أحبك.

وحين أحببت أن أعرف عن طبيعة العلاقة الخاصة قالت : كانت في السنوات الخمس الأوائل عادية وأقل , والآن ومنذ ثلاث سنوات لم يعد بيننا تواصل جنسي , ولو يعود الزمان للوراء لرفضت زواجا كهذا رغم أن الناس جميعا يقولون لي اصبري مثواك الجنة هذه حسنة تسجل عند رب العالمين.

والآن تستوقفني الحالة وأنظر في ماهية الحدث : بداية هناك ظروف أجبرت الفتاة على حالة الزواج من معوق وبعد ذلك ندمها وعدم تقبلها للأمر الواقع وأخيرا لو الخيار بيدها لما تزوجت والأهم من ذلك كله إحساسها بالنقص إن ما ينقص هذا الشاب الجميل الشكل والعامل النشيط كما وصفته هي ما ينقصه ينقصها هي أيضا وبالتالي انتقال الشعور بالدونية والضعف ولد تراجع الحالة الحميمة والجنسية , لن أسترسل في تحليل الحالة النفسية فهذا اختصاص ذوي الاختصاص ولكن أفكر في زواج المعوقين هل هو فعلا أمر طبيعي وضروري كما يدعي المجتمع المثقف حاليا أم هو نظريات على منابر محبي الكلام ؟

أنا أرى أنه لكي تنجح المعادلة يجب وضع جميع الاعتبارات في موازين العقل وعمق العاطفة.

هناك قصص كثيرة أثبتت نجاحا وتقدما كبيرا في شفافية الإنسان وبالمقابل نتألم لقصص الفشل وطبعا الفشل وارد سواء عند ذوي الاحتياجات الخاصة أو غيرهم.

بالنتيجة أرى أنه لكي يتم الإقدام على خطوة كهذه يجب أن يكون هناك حب حقيقي صافي ينبع من ذات أقرب للملائكة لكي لا يرى هذا الإنسان الإعاقة الموجودة عند الطرف الآخر إلا بمنظار القلب والروح وأن يكون مقتنعا بالفكرة قناعه حقيقية بعيدا عن الظروف الخارجية والداخلية لكل فرد وبعيدا عن حالة الثواب والعقاب والإكراه ، فإما أن يقبل بحرية مطلقة وله عندئذ تعود النتائج وما يترتب على الحالة من سلبيات وايجابيات , و إما أن يحجم عن الإقدام على تبني حالة كهذه لأنها عندئذ ستكون برأيي خطيئة بشرية فظيعة .

وصال شحود.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد