من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

الانتخابات المصرية والمشاركة السياسية بقلم / منصور أبو كريم كاتب وباحث في الشؤون السياسية

فلسطين

بقلم / منصور أبو كريم كاتب وباحث في الشؤون السياسية

مكتب_فلسطين

تمثل الانتخابات المتكررة أحد أهم مظاهر النظام الديمقراطي وفق النموذج الليبرالي، والذي يستند إلي مبدأ تداول السلطة بشكل سلمي من خلال صندق الاقتراع، الأمر الذي يعطي للعملية الانتخابية واجراءاتها أهمية كبيرة في قياس مدى ديمقراطية اي نظام سياسي من عدمه.

والمشاركة السياسية هي أهم مبادئ الدولة الوطنية الحديثة؛ مبدأ يمكننا أن نميز في ضوئه الأنطمة الوطنية الديمقراطية التي تقوم على المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، من الأنظمة الاستبدادية، الشمولية أو التسلطية التي تقوم على الاحتكار والتسلط. لذلك تلجئ الأنظمة الدكتاتورية الي تفريغ العملية الانتخابية من مضمونها،

من خلال التدخل في اجراءات تسجيل الناخبين بالزيادة أو النقصان، أو التدخل في صلب العملية الانتخابية نفسها بإضافة اوراق انتخابية الي صناديق الاقتراع أو تزوير الانتخابات كلها في أسوة الاحوال،

الأمر الذي يؤدي في النهاية الي نجاح نواب مواليين للسلطة التنفيذية او محسوبين عليها في احسن الأحوال. والمشاركة السياسية في أي مجتمع هي محصلة نهائية لجملة من العوامل الاجتماعية الاقتصادية والمعرفية والثقافية والسياسية والأخلاقية؛

تتضافر في تحديد بنية المجتمع ونظامه السياسي وتحدد نمط العلاقات الاجتماعية والسياسية ومدى توافقها مع مبدأ المشاركة الذي بات معلماً رئيساً من معالم المجتمعات المدنية الحديثة خصوصا في اوروبا أمريكا الشمالية. وتعتبر الانتخابات التشريعية أو الرئاسية فرصة مناسبة للشعوب لممارسة حقها في اختيار رؤسائها أو ممثليها في البرلمان،

فهي فرصة للمشاركة السياسية الواسعة، وتعطي مؤشر على توجهات الرأي العام في القضايا الرئيسية، مثل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي تؤثر علي أراء الافراد والجماعات وتحرك توجهاتهم خلال عملية التصويت،

كما نري في اوروبا وامريكا، فقد تلعب نسبة الضرائب المفروضة والتأمين الاجتماعي والصحة والتعليم دورا رئيسياً في فوز الاحزاب السياسية أو فشلهم في الانتخابات العامة.

وأحيانا تقاس درجة تحضر المجتمعات ورقيها بالمشاركة الكبيرة في الانتخابات العامة، ومدى مشاركة الافراد في صناعة السياسات العامة، ورغم ذلك لا تعتبر المشاركة الواسعة في الانتخابات عامل قوة واستقرار خصوصاً في دول العالم الثالث، لأنه المجتمعات التي تعاني من تنافس كبير في الانتخابات بين احزاب وقوي سياسية، تعاني ايضا في بعض البلاد من انقسام سياسي أو ثقافي أو مجتمعي،

الأمر الذي يؤدي في النهاية لحدوث صراعات داخلية بين هذه الاحزاب علي خلفية المنافسة علي السلطة والحكم، والتجربة الفلسطينية عام2006م، والانتخابات المصرية السابقة عام 2012م خير دليل. وبالنظر إلي الانتخابات المصرية الحالية،

والتي تشهد لجان الانتخابات فيها إقبالا ضعيفا على التصويت في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، مع غياب ملحوظ لفئة الشباب على غرار اليوم الأول،

على الرغم من الإجراءات الحكومية لحمل الناخبين على الذهاب للتصويت، الأمر الذي يفتح المجال أمام العديد من التساؤلات والاستفسارات حول العوامل والاسباب التي أدت في نهاية الأمر الي هذه المشاركة المتدنية جدا.؟

وتعتبر تدني المشاركة في العملية الانتخابية التي وصلت في أحسن الأحوال إلي30% في بعض المناطق، مصدر قلق للإعلام المصري والقيادة المصرية الحالية، وذلك كون أن النظام السياسي المصري يمر بفترة انتقالية حرجة،

ولدية الكثير من المعارضين المتربصين به، الأمر الذي يفتح الباب امام البحث عن الأسباب والعوامل التي كانت سبباً في تدني المشاركة الشعبية في هذه العملية الانتخابية، \

والتي يمكن أن نجملها في النقاط التالية: طبيعة المواطن المصري الذي لا يهتم كثيراً بالسياسة،

ويفضل عنها الحديث بكرة القدم والاهلي والزمالك، الأمر الذي يعتبر تدني المشاركة ظاهرة طبيعية في المجتمع المصري. تكرار إجراء الانتخابات والاستفتاءات أكثر من مرة خلال اربع سنوات الأمر الذي أدى نوع من الملل لدي المواطن المصري.

الارتفاع الجنوني في الأسعار، خصوصاً بعد صعود الدولار الامريكي مقابل الجنية المصري، الأمر الذي جعل المواطن المصري يهتم بدرجة كبيرة للحصول علي لقمه عيشه علي حساب المشاركة السياسية.

غياب المنافسة الحقيقية بين الأحزاب، وانحصار المنافسة بين عدد من قيادات الحزب الوطني المنحل، الأمر الذي أدي الي عدم وجود دافع وحماس للمشاركة في الانتخابات. غياب الاخوان عن ساحة العمل السياسي،

وهم معروفون بقوة الحشد والتجميع الانتخابي، من خلال استخدام وسائل الدعم المالي والعيني (زيت وسكر) الاحداث السياسية التي تجرى في الاقليم ، خصوصا في المسجد الأقصى وفلسطين و سوريا سحبت الاهتمام من العملية الانتخابية الي التركيز علي الوضع العربي والاقليمي.

إن عدم المشاركة او الاحجام عن المشاركة السياسية في العملية الانتخابية قد تكون رسالة سياسية من الشعب المصري الي القيادة المصرية،

التي اطلقت مجموعة من التعهدات بتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في مصر عشية انتخاب الرئيس عبد الفتاح السياسي الأمر الذي لم يتحقق حتي الآن، فجاءت هذه الانتخابات بهذا الشكل الضعيف من المشاركة.

ورغم أن العزوف عن المشاركة أو المشاركة في الانتخابات هي حق شخصي بكل تأكيد، ولا تُعبر عن قوة أو ضعف النظام السياسي،

بدليل أن في أكبر التجارب الديمقراطية في أوروبا هناك نسبة مشاركة متدنية في الانتخابات التشريعية ، وعلي الرغم من أن الحديث عن عدم رضي الشعب المصري عن النظام السياسي نظراً لتدني المشاركة فيه نوع من المبالغة السياسية من قبل المعارضة والإخوان،

الا أن هذا الأمر يمكن أن يشكل بداية لمرحلة جديدة من حكم الرئيس السيسي يتم فيها الاهتمام أكثر بالقضايا التي تزعج المواطن المصري وتجعله غير قادر على المشاركة السياسية بصورة فعالة.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد