من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

مخططات إيرانيه خبيثه في العراق

سالم الكتبي

قيل أن إيران اعتذرت لدي بغداد عن “التجاوزات” التي ارتكبها الزوار الايرانيون في معبر زرباطيه الحدودي بين البلدين، وأعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أنه تلقي رساله من الرئيس الايراني حسن ورحاني عبر فيها عن  “شكره وتقديره للحكومه والشعب العراقي لما قدموه لزوار أربعينيه الإمام الحسين” وأن السفير الايراني قد قدم اعتذاراً لرئيس الوزراء العراقي، وهذا الاعتذار جاء بعد “لوم” وصفته التقارير الاعلاميه بأنه “نادر” من حكومه العبادي للسلطات الايرانيه ، و قد قيل عن “الاعتذار” وقبله “اللوم” أنه يستهدف في مجمله الاستهلاك المحلي وتجميل صوره العبادي أمام شعبه بعد أن سمح لهذا العدد الهائل من الايرانيين بدخول العراق من دون تأشيرات أو حتي وثائق هويه شخصيه ! !

ربما ينطلي الأمر علي البعض، ولكن استقراء الأمور وفهم حقيقتها يوحي بأن ماحدث علي المنفذ الحدودي في محافظه واسط العراقيه أكبر من مسأله الاعتذار، فهناك اقتحام من قبل حشود إيرانيه هائله أعلن رسمياً أن أعدادهم تجاوزت نصف مليون زائر دخلوا العراق من دون تأشيرات بعد ما اقتحموا المنفذ الحدودي، وتردد رسمياً أيضا أن أعدادهم الفعليه تجاوزت المليون ونصف المليون في تدفق بشري نادر الحدوث!

هذا الحدث الذي وصفه مسؤولون عراقيين بأنه انتهاك لسياده بلادهم يضع الكثير من التساؤلات أمام نوايا إيران في المنطقه خلال المرحله المقبله ، لاسيما أن هناك العشرات من الأسباب والمبررات التي تدعوني ـ كمراقب ـ للتفتيش في ما وراء الدفع بهذا العدد الضخم من البشر إلي داخل العراق، وفي مقدمه هذه الأسباب أن السلطات الايرانيه التي تعرف جيداً كيف تحصي أنفاس شعبها لا يمكن أن يمر عليها تجمع حشود مليونيه علي حدود العراق من دون تأشيرات، ثم تسمح لهم بالاعتداء علي الحدود بين البلدين والدخول عنوه رغم أن هناك اتفاق مسبق يلزم السلطات الايرانيه بعدم السماح لمن لا يحمل تأشيره دخول بالاقتراب من الحدود العراقيه !.

ولو سلمنا جدلاً بسلامه نوايا طهران، فإن السلطات الايرانيه التي سبق أن كالت الاتهامات من كل حدب وصوب متهمه السلطات السعوديه بالفشل في إداره موسم الحج هي نفسها التي تسببت في ارتكاب جرم فادح بحق دوله مجاوره حين سمحت لنحو مليون ونصف المليون زائر بالتدفق علي أراضي العراق في موقف ربما يتسبب في إشعال نار الحرب لو حدث مع دوله اخري غير العراق ، الذي تقوده حكومه العبادي التي توفر لإيران الضوء الأخضر لما تفعله بالبلاد ، والتي يدلي مسؤولوها بتصريحات مثيره للسخريه مثل التعهد بمحاكمه كل من دخل العراق من دون تأشيره !.

أحد مظاهر سوء النيه في ما حدث أن غالبيه هذه الحشود لا تحمل وثائق رسميه إيرانيه بالأساس أنها جاءت إلي الحدود في مهمه كلفت بها بل ربما أن المهمه اقتضت عدم حمل وثائق هويه شخصيه من الأساس لسبب يدركه بالتأكيد من دبر هذه المهمه القذره وخطط لها ، فمن غير المقنع أن ينوي شخص السفر إلي بلد آخر ثم يذهب مباشره إلي الحدود من دون وثيقه رسميه تثبت هويته (!) ناهيك عن مسأله تأشيره الدخول من الأساس.

المسأله لاتحتاج إلي اجتهاد أو تحليل ولا مجال للتحامل والتوقعات فيها ، فالداخليه العراقيه نفسها ، والتي يسيطر عليها قيادات شيعيه ، قالت بأن انفلات الوضع الأمني علي الحدود مع إيران كان متعمداً من قبل الطرف الايراني ، وهي اتهامات لا ينبغي أن تمر مرور الكرام ، خصوصاً أن أعداد الإيرانيين الذين دخلوا العراق في هذه المناسبه قد بلغ نحو ثلاثه ملايين شخص تقريباً .

ساسه عراقيون من السنه اعتبروا المسأله تجاوزاً بالغاً في حق سياده بلادهم ، واتهموا المسؤولين الايرانيين بالتعامل مع مدن العراق كجزء من بلادهم ، فيما انهمرت تحليلات المراقبين عبر وسائل الاعلام تفسيرا وتحليلاً لما حدث، فالبعض اعتبره غزو إيراني من نوع جديد للعراق ، بينما اتهم آخرون السلطات العراقيه بالتراخي والتهاون في صد حشود الايرانيين، وقارنوا بين موقفها وموقف آخر مشابه من النازحين العراقين الذين فروا من محافظه الأنبار خوفاَ من تهديدات تنظيم “داعش” الارهابي” حيث وقف الأمن العراقي حائلا بينهم و بين الوصول إلي بغداد واحتجزوهم عند أحد الجسور ، ولم يمر منهم سوي من جاء بكفاله عراقي آخر للدخول إلي بغداد!.

هيئه علماء المسلمين العراقيه اتهمت حكومه العبادي بانتهاج سياسه تستهدف الحاق العراق بإيران وسط صمت عربي ودولي، ولكن ردود الأفعال العراقيه السنيه القلقه هذه لم تجد صدي يذكر من الجانب العربي ، كما أن القوي الكبري لم تتوقف عند دخول هذا الحشد الهائل من الايرانيين إلي العراق ، الذي مثل إحدي الساحات الساخنه في مكافحه الارهاب الدولي ، ولم يتوقف المسؤولون الأمنيون بهذه الدول ولو لمجرد الاستفسار عن تفاصيل الحدث ، ولو حتي من جهه الاطمئنان لعدم اندساس عناصر ارهابيه وسط هذه الحشود والدخول إلي العراق ، لاسيما أن الباب في هذه المسأله مفتوح امام اندساس عناصر ارهابيه سنيه أو شيعيه ، لدعم “داعش” و “القاعده” أو لدعم ما يسمي بالحشود الشعبيه الشيعيه في العراق ، إلا إذا كان الأمر تم ترتيبه مسبقاً مع الأجهزه الأمنيه الإيرانيه التي تعرف يقيناً هويه جميع العابرين والمتسللين تحت ستار زياره العتبات المقدسه ، ناهيك عن آلاف آخرين سيتجهون حتماًً إلي الأراضي السوريه للقتال هناك بجانب قوات الجنرال قاسم سليماني.

الكارثه التي تدركها حكومه العبادي جيداً أن المليون ونصف المليون متسلل إلي الأراضي العراقيه بينهم عشرات الآلاف من عناصر الحرس الثوري ممن يستحيل التعرف عليهم أو تعقبهم في الداخل العراقي ، فالمعروف أن إيران تستغل في العاده المناسبات الدينيه للزج بعناصر الحرس والاستخبارات إلي الأراضي العراقيه رغم وجود تأشيرات دخول رسميه لهم، فما بالنا والأمر ـ ظاهريا ـ قد خرج عن السيطره وتسلل من تسلل وانفتح الباب العراقي علي مصراعيه امام الطوفان البشري الايراني ! ثم بعد ذلك يبحث البعض عن سياده العراق علي أراضيه وعروبته وسط خطط إيرانيه تنفذ في وضح النهار لتغيير الديموجرافيا العراقيه وتكريس الطائفيه في محافظات مثل صلاح‌ الدين وديالي وغيرها.

الكارثه أكبر مما يتصور الغائبون عن المشهد ومنشغلون بما يدور في سوريه ، فما حدث في العراق جريمه تاريخيه ارتكبتها إيران، ويكفي الاشاره إلي أن السلطات العراقيه اعترفت بصعوبه العثور علي نحو 150000 زائر أفغاني وإخراجهم من الأراضي العراقيه ، فهؤلاء هم وقود للميلشيات الشيعيه وربما السنيه أيضا، فإيران تسعي بوتيره متسارعه لتنفيذ مخطط ابتلاع العراق و من ثم التفرغ لاستكمال مخططها في الدول العربيه المجاوره !

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد