من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

(دفتر المذكرات)

أحياناً لا أصدق الأسطر الموجودة في دفتر مذكراتي، أشعر أن أحدهم اقتحم دفتري خلسة ليكتب يومياته.. متى عشتُ هذه الأيام؟. أنا لا أتذكر إلا الحرب.

بعد سنوات من هذه الحرب القاسية، صار بإمكاننا تقديم نصائح مهمة لسكان الدول الأخرى، منها ــ على سبيل الذكر لا الحصر ــ لا تصنع لنفسك دفتر مذكرات، إن فعلتها ثمّ جاءتْ الحرب، هذا الدفتر سوف يعذبك أكثر من الحرب ذاتها.

أحياناً أشعر أن دفتر المذكرات هذا ليس لي، إنما هو لشخص آخر من حياة أخرى من بلاد بعيدة جداً عن كل الحروب.

هذه الليلة، القصف كان عنيفاً وقاسياً، لم أعرف إلى أين أهرب من هذا الخوف، أشعلتُ سيجارة وفتحتُ دفتر المذكرات لأقرأ بصوت مرتفع عشرات الصفحات علني أحتال على خوفي من القصف.


ثمّة موسيقى هادئة صارتْ تتمايل حولي مع دخان السجائر.
في صفحتين متتاليتين، قرأتُ شرحاً مطولاً لصاحب الدفتر، يحكي كيف أخذ زميلته في الجامعة إلى صالة السينما في ذلك الزمن، وفوق المقاعد الخلفية خلال العتمة تبادلا القبلات الشهوانية، ثمّ يقسم إن بطل الفيلم ذاته توقف عن متابعة التمثيل، وراح يراقب قبلاتهما من الشاشة الكبيرة، وعندما رجع إلى الفيلم حاول البطل أن يقلد تلك القبلات ــ التي ارتكبت في آخر الصالة ــ مع البطلة، لكنه لم ينجح كثيراً بحسب وجهة نظر بطلة الفيلم، التي انتبهت أيضاً لقبلات صاحب هذا الدفتر مع زميلته الجميلة.


تذكرتُ تلك الزميلة الجميلة، بحنق وأنا أصرخ متألماً، قذفتُ هذا الدفتر.
عندما ارتطم دفتر مذكراتي بـ مرآة خزانتي انكسرتُ إلى عدة قطع لأتناثر على أرض غرفتي.


في الصباح قالوا بحزن من فوقي: قتلته إحدى القذائف.
لم أستطع أن أشرح لهم أن موتي لم يكن بسقوط قذيفة عليّ، وإنما حدث بسبب سقوط دفتر مذكراتي عليّ.

بقلم : مصطفى تاج الدين الموسى

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد