من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

آسيا جبار..فجرٌ بزغ من أجل التحدي

p-13-n-1

كتبت الاعلامية والصحفية والأديبة والناقدة /سليمة مليزى
مدير مكتب الجزائر
حين نتحدث عن المرأة في عيدها الذي يقتصر عن نصف يوماً فقط ، تحملنا أفكارنا بعيدا عن الواقع الضيق الذي لا يتسع للفرح ، ونمرح في أفق الكون ، و أنثى طالما حيرت أوجاع الصمت فتحولت إلى صرخة ضد التقيد بأي شيء يعيق تطورها وأحلاهما وطموحاتها . من هنا رأيت أن الروائية المرحومة ” آسيا جبار” هي النموذج الحي للتحدي ، امرأةٌ ليست ككل النساء ، أيقونة الحرف والانتماء سيدة دافعت بقلمها عن المرأة وحريات الفرد والمجتمع .. لتحارب التخلف والتمييز العنصري خاصة بالنسبة لحقوق المرأة المضطهدة من طرف المجتمع المغلق ، تعتبر آسيا جبار من أهم الأديبات في العالم العربي والجزائر اللواتي صنعنا من شرنقة الحرمان تحدي ، وقالت لا لحياة تشبه دولابا مغلقا، لا يتسع لأحلامها،وصنعت من أعمالها الابداعية أسطورة لن تتكرر من النجاح ، وهي الشخصية العربية الأولي التي انتخبت سنة 16 يونيو 2005 بين أعضاء الأكاديمية الفرنسية لتصبح أول عربية وخامس امرأة تدخل الأكاديمية ، التي تُسمى بـ “مؤسسة الخالدين” في فرنسا، وقد دخلتها كروائية جزائرية تكتب باللغة الفرنسية . هاجرت إلى فرنسا عام 1980 حيث بدأت بكتابة رباعيتها الروائية المعروفة، التي تجلى فيها فنها الروائي وفرضها كصوت من أبرز الكتاب الفرنكوفونيين ، واختارت شخصيات رواياتها تلك من العالم النسائي، فمزجت بين الذاكرة والتاريخ ، من رواية ” نساء الجزائر” إلى رواية ” ظل السلطانة ” ثم ” الحب والفنتازيا ” و” بعيداً عن المدينة ” ، في أوج الحرب الأهلية التي هزت الجزائر كتبت عن الموت أعمالاً روائية أخرى منها ” الجزائر البيضاء ” و ” وهران… لغة ميتة” ، وبعيداً من مناخات الحرب، بل ومن أجواء الحبّ المتخيّل، كتبت رواية ” ليالي ستراسبورغ” ، وهي لم تكتب هذه الرواية هرباً من وجع الموت الجماعي الذي شهدته الجزائر، وإنما كعلاج نفسي داوت به غربتها وآلامها، بحسب تعبيرها. كما كانت آسيا جبار أول امرأة جزائرية تنتسب إلى دار المعلمين في باريس عام 1955 ، وأول أستاذة جامعية في الجزائر ما بعد الاستقلال في قسم التاريخ والآداب، وأول كاتبة عربية تفوز عام 2002 بـجائزة السلام التي تمنحها جمعية الناشرين وأصحاب المكتبات الألمانية، وقبلها الكثير من الجوائز الدولية في إيطاليا، الولايات المتحدة وبلجيكا، واستطاعت أن تتخير من بين أفضل أستاذة الأدب الفرنكفوني في جامعة نيويورك، وقد رشحت لنيل جائزة نوبل للآداب أكثر من مرة ، إنها كاتبة تنشد الحرية من خلال جل أعمالها وهو ما مكن آسيا جبار من نقش اسمها في الرواية وفرض وجودها في السينما أيضا ، حيث أخرجت أول فيلم لها ” بنات الشينوي ” ، توفيت آسيا جبار يوم السبت 7 فبراير 2015 في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس ودفنت في مسقط رأسها شرشال تنفيذا لوصيتها. في نظري أن النجاح الذي حققته الأديبة والروائية الجزائرية آسيا يعود لوجودها في أكبر جامعات العالم خاصة باريس ونيويورك هو الذي أهلها أن تخوض ثورة التحدي ، و هذا التحدي نابعٌ من عمق المرأة الجزائرية ، لكن للأسف المجتمع هو الذي يهمشها ، لذلك أرى أن الروائية آسيا جبار قفزة قفزٌ كبيرة في حياتها الأكاديمية والأدبية وأثبتت وجودها كروائية تعالج قضايا المجتمع العربي خاصة الانحطاط الذي أصاب هذه الأمة والتي كانت ترفضه رفضا قاطعا ..وحاربته بكل ما تملك من قوة فكرية مما أهلها تتصدر القمة من أجل نيل جائزة نوبل للأدب ، وأنا أعتقد لو عاشت لتحصلت عليها بكل جدارة واستحقاق ، وهي شرفت الأدب الجزائري والمرأة أحسن تشريف، حضور المرأة القوية في المجتمع يبشر بحياة افضل لمستقبل البشرية .

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد