من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

حوار من القلب الى القلب( مع الفنان القدير رشدي علوان ) للباحثة و الشاعرة و الناقدة منى بعزاوي

13479668_1153762524654763_15004874_n

حوار  الباحثة و الشاعرة و الناقدة منى بعزاوي

مكتب تونس

 

رشدي علوان: أعشق الفن و أخافه… رشدي علوان فنان تونسي، عرف بالكلمة الذوقيّة و بالتفنن الموسيقي الممتع، لم يرضخ في حياته لمقاليد الشهرة، بل خضع للموسيقى بكل تجلياتها و قواعدها،

و يصعب القول إن رشدي علوان غائب عن الساحة الفنيّة، بل إن المسألة تعود في إطارها العام إلى تغير منظومة البحث عن الفن الراقي و الأصيل،

فكل شيء أصبح لمجة للاستهلاك و للتجارة الفنيّة بين الدول. فالفن اتقان و معرفة و رشد و حنكة، وكما يقول علوان” أعشق الفن و أخافه، و لهذا السبب لم أغادر وظيفتي الرسمية كأستاذ تعليم في علوم الفيزياء،

فلا أريد الانتهاء أو السقوط فنيا، مثل ما حدث للكثير من الفنانين على الساحة، لذلك أعي جيدا أن الفنان الذي يحترم نفسه، سيحترمه الفن لا محالة ، لاعتبار أن الفن يعشق صاحبه و يعشق مصاحبة عاشقه ،

و طبعا لا يعرف هذا الدرب إلا من صاحب العود و اختلى بنفسه بعيدا عن كل هذا الضجيج”. هكذا صرّح رشدي علوان رؤاه الفنية و من هذا المنطلق نبدأ معه حوارنا لليوم أهلا و سهلا

1-أين رشدي علوان اليوم: نعلم أنه موجود كفنان و لكن أين هو اعلاميا؟

في الحقيقة لكي تكون موجودا اعلاميا لابد من اتباع نظام “الباز” أو ما يسمى بالفرقعة الاعلاميّة و هو الأسلوب اللمجة و السلس المتبع اليوم، أو أن تكون تابعا لأحد الفضاءات الإعلامية أو اللوبيات، و خاصة تلك الفضاءات الخاصة. فتقريبا كل زمام الأمور تتحرك خارج دائرة الإبداع، أي العلاقات أحيانا تفرض نفسها و تعلي من شأن الفنان سواء كان يتقن الفن أو يجرده من هويته.

2: تنوعت أغانيك و دروبك الموسيقية و لكنك تبنيت فكرة الانتماء إلى النخبة الفنية الراقية، فهل تعتقد أن هذا الانتماء هو سبب اضمحلال الفن الراقي و الأصيل؟

بالعكس، دأبت في مسيرتي الفنية انطلاقا من واقع الشعب و من الشعب ذاته و لكن يبقى دور الفنان في الارتقاء بفنه أسلوبا و معنى ليلتقي بجمهوره في ثوب يجمع بين الرقي والأصالة و بين متطلبات السوق و أذواق الجماهير.

3-مسيرتك الفنية حافلة و الحمد الله و لكن الخمس سنوات الأخيرة سجلت ابتعادا عن المألوف، فما مرد ذلك ؟

في الحقيقة لم أبتعد يوما عن الساحة الفنية ، بل بالعكس فقد برزت خلال هذه الفترة تحديدا، أي في الخمس سنوات الأخيرة ، فأنتجت ألبومين غنائيين، و أتواصل مع جمهوري بشكل مستمر و خاصة داخل الحفلات الخاصة، و إذا ما عاد الأمر للواقع، فإن الاعلام أصبح مهتما “بفن الراب” الذي طغى على السوق اليوم و خاصة بعد الثورة ، إذ برزت وجوها فنية جديدة كست السوق بهذا اللون وحقيقة أرى أنه من حقهم البروز و الاهتمام بهم.

4-عاشت تونس على وقع ثورة اجتماعية فهل ينتظر رشدي علوان ثورة ثقافية فكرية؟

كم كنت أتمنى أن تسبق الثورة الثقافية الثورة الاجتماعية و لكن المنطق يسبق ذاته و يفرض قوانينه. و حقيقة أصبحت أعي اليوم أن كل شيء في تونس يعود إلى الوراء ولا يتقدم خطوة إلى الأمام، لأن مفهوم الحرية و الديمقراطية هي مجرد شعارات جوفاء ليس لها مضامين و لا محتويات لا مادية و لا معنوية. فحرية الشعار مثلا تبقى في شكله المادي، و لا يعكس ثقافات أو ايديولوجيات أخرى.

5-قلت يوما ” لا أطمح البتة في الشهرة”، فما هو طموحك الحقيقي؟

لا أطمح في الشهرة بمعناها الأجوف المادي و الشكلي، والشعب يعرف الفنان جيدا و يعرف طموحاته، إذ هو الحكم في الميدان و ليس الفنان، و أعتقد أن أهم شيء يعرّف بهوية الفنان هي البساطة و التواضع و الرقي الفني وخاصة محاكاة الواقع بكل أشكاله و ألوانه، فينقل معاناة الناس و يعلم الأجيال القادمة رسائل نبيلة، إذ الفن رسالة جوهرية و معنوية أو لا يكون.

6- رشدي علوان يتقن مواهب متعددة كالطرب و المسرح، فهل تفكر يوما في تقديم عروض مسرحيّة أو صعود سلم التمثيل؟

شخصيا خضت تجربة التمثيل مع المخرج منصف ذويب في مسلسل “يا مسهّرني” و كانت لي تجربة سينيمائية مع المخرجة رجاء عماري في فيلم” satin rouge”، و لم أواصل في هذا الدرب لأن التجربة لم تستهويني، لذلك أفضل الغناء على مختلف ألوان الفن.

7-طغى على الفن اليوم جوانب كثيرة ماديّة و معنويّة، وأصبح الشباب مستسلمون لبرنامج “ستار أكاديمي و ذي فويس” و غيرهما، فما هي وجهة نظرك في هذا الموضوع؟

هذه حقيقة و لا يمكن انكارها و لكن في ظل غياب الاستراتيجيات السياسية المحكة في مجال الثقافة و الشباب فتجد البرامج اليوم مغيبة للوعي الفني و لمساره ، فهي لا تصنع فنانين حقيقيين، بل إنهم مجرد نجوم من ورق يبرزون في لحظة و يغيبون في اللحظة الأخرى، فوضعهم تقريبا يشابه وضع البطولة الرياضية، و كم نتأسف لذلك خاصة و أن تونس تمتلك كفاءات فنية متنوعة، و لكن بروزها مرتبطة بهذه البرامج السريعة و ليس مرتبطة بضوابط فنية محكمة، إذ بعد التتويج ينتهي أمر المبدع نحو الجمود، فليس هناك متابعة و لا دعم مادي و لا معنوي. و هو ما يساهم في تحطيم الطموح و في الانكماش الفني و الذاتي.

8- لك في السوق عديد الألبومات المتنوعة، فلو تحدثنا عن أقرب أغنية لذاتك، أي تلك التي تلخص مسيرتك الفنية، وما هي وقعها عليك؟

لدي تقريبا خمس ألبومات فنية في السوق، و تقريبا مائة أغنية، و لكن للأسف الشعب لا يعرف كل الأغاني و خاصة الأغاني الطربية لأنه قد عرفني باللون الاستعراضي دون غيره، و بالنسبة لي كل الأغاني قريبة من ذاتي أعشقها بكل اللحظات، لأنها نابعة من احساس صادق و واقع أصدق، فكل أغنية هي مراقصة لذكرياتي و عودة للزمن الجميل، و لكن أقر و أؤكد أنني أميل إلى الطربي أكثر من الاستعراضي.

9- عمّ يبحث رشدي علوان في الأغنية: عن الكلمات أو اللحن أو الاثنين معا و لماذا؟

طبعا أبحث عن الاثنين معا و دون استقلال أحدهما عن الآخر، أبحث عن الكلمة الصادقة و عن اللحن الذي يراقص مشاعري و يعبر عن أحاسيسي في أبعد مداها، فهما أصل الفن و هوية كل فنان.

10-جديدك اليوم أغنية بعنوان” زمن الفايسبوك”: هل هي ثورة عن الفن الكلاسيكي أم مسايرة للواقع المعيش؟

شخصيا أنا دائما متواجد فنيا، و أغنية زمن الفايسبوك ظهرت تقريبا منذ أربعة أشهر و حاليا عندي عمل فني وأنتظر اللحظة المناسبة لينزل إلى السوق

11- لو تعرفنا عن جديدك في السنوات الاخيرة وماذا ننتظر منك أيضا قريبا، و أيهما أقرب لأسلوبك الفني: الخيال أم الواقع؟

بالنسبة للفنان يعيش مع الخيال و يعيش مع الواقع، فالإحساس الصادق هو الفيصل في تسيير ذاته و أفكاره، ولكن الخيال أوسع في تحقيق الحلم و الهروب من الواقع المرير و المتردي أحيانا و أحيانا اخرى يتفوق الواقع على الخيال في عدّة مناسبات و لكن تبقى الذات متأرجحة بينهما لا تستطيع الاستغناء عن أحدهما.

12: الفنان ليست له كلمة ختام لاعتباره امتداد في الذاكرة و الواقع، فما هي رسالتك الفنية التي تريد أن تمررها عبر هذا اللقاء؟

و هل لك أغنية وطنية في ظل ما يحدث في العالم العربي؟

أشكركم جزيلا على هذه الفرصة و أعد جمهوري بالجديد قريبا إن شاء الله، و حاليا لي أغنية من ألحان عبد الرحمان العيادي مهداة إلى الإذاعة و التلفزة التونسية منذ عشر سنوات، و لكنها مفقودة و أتمنى أن يجدونها كي أعيد توزيعها و أتمنى لكم التوفيق و إن شاء الله تونس تبقى بخير و سلام و رمضان كريم و عيد إفطار مبارك. مع تحياتنا و تقديرنا

13453802_1153762621321420_1174706112_n13479332_1153761994654816_741652350_n13459764_1153762481321434_507958553_n

13459635_1153761971321485_2123598579_n

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد