من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

د. شادية خليل تكتب .. الكذب الصادق

 

12744144_944408955644745_6636979247997193520_n

آفة اجتماعية حديثة زحفت على مجتمعاتنا وهو الكذب الصادق وهو كذب يشبه الصدق فى دلالته ، وفى الحقيقة أنها صفة ليست بجديدة فهى موجودة منذ قديم الأزل ، لكن فى هذا العصر تفشت وازدادت لدرجة أنها أصبحت أسلوب حياة عند البعض سواء كان ذلك بقلب الحقائق ، أو اختلاق روايات كاذبة، وقد وصفهم القرآن الكريم “بالمنافقون” ، حيث قال الله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (سورة التوبة: آية 67)؛ فمن المتعارف عليه ومن الثوابت الحقيقية فى مجتمعنا وفى تعاملاتنا وفى ديننا الإسلامى الحنيف ،

وأيضاً فى جميع الأديان السماوية هو الصدق ، سواء كان هذا الصدق بين الفرد ونفسه ، أو بين الفرد والآخرين ، أو بين الفرد وربه.

ولكن دخلت علينا مؤخراً وتفشت آفة مجتمعية كادت أن تدمر قيم ومبادئ توارثتها الأجيال جيل بعد الجيل ، وهو الكذب الصادق ؛ فيتجه الفرد إلى حيلة الكذب والمراوغة ، لتحقيق أغراضه ، وليس هذا فحسب ، لكنه يمتد إلى درجة أن يكون صادقاً فى كذبه ليقنع بالدليل المُضلل كل من حوله أنه صادقاً مخلصاً أميناً ، وقد يصل الأمر أن يصدق الكاذب نفسه ،

والحقيقة تكون عكس ذلك ، وبالتالى يكون هذا الكذب الصادق هو أخطر الآفات الاجتماعية التى تدمر كيان الفرد والمجتمع. لكن دعنا عزيزى القارئ نستشف أثر ذلك على الفرد الذى يُمارس عليه الكذب أولاً: يكون الفرد الذى يمارس عليه الكذب فريسة لأغراض الكاذب ويحاول توجيهه كما يشاء لمصلحته الشخصية ، وثانياً: إذا شعر الفرد الذى يُمارس عليه الكذب أن هذا الشخص كاذب وواجهه ،

يحاول الكاذب مرة أخرى أن يُقنعه مرة أخرى بأنه صادق بأى دليل وهمى وفى ذلك الحين يقع الفرد المُمارس عليه الكذب فريسة تحت ما يسمى بتأنيب الضمير فلا يستطيع أن يتخذ قراراً معيناً ضد هذا الكاذب لأنه يخاف أن يقع تحت وطأة تأنيب الضمير بأنه من المحتمل أن يكون ظالماً له. لكن عزيزى القارئ دعنا نبحث عن أهم الأسباب التى ربما تكون السبب فى وجود هذا النوع من الخصال الذميمة:

1- هل هى صفة متعلمة أم مكتسبة ،

وطبع لا يستطيع الفرد التغلب عليه، وهل الطبع يغلب التطبع؟

2- هل الكذب مرض نفسى؟

3- هل السبب يرجع إلى سوء التربية والتنشئة الاجتماعية داخل الأسرة؟

4- هل يرجع إلى تراجع دور المدرسة فى غرس القيم والأخلاق وغرس الخصال الحميدة للتلاميذ ، كما كان يحدث قديماً عندما كانت التربية أهم من التعليم؟ مع أن من وجهة نظرى أنه أصبح لا يوجد تربية ولا تعليم داخل المدرسة.

5- هل السبب يرجع إلى سطوة المادة على الأخلاق؟

6- هل السوشيتال ميديا (شبكات التواصل الاجتماعى) ووسائل الإعلام هى السبب؟ فنجد الإجابة على كل سؤال من الأسئلة السابقة كفيل بوجود هذه الصفة الذميمة ، وليست هذه الصفة فحسب ،

بل وجود مشاكل أخرى مجتمعية كثيرة تكون السبب فى انحطاط وانعدام الأخلاق. لكن فى نهاية مقالى أزف بشرى للمنافقين من المولى رب العالمين فى (سورة النساء الآية، 145) {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}، وفى (سورة التوبة، الآية 68) {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ }. وأخيراً عزيزى القارئ عفانا الله وإياكم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، ولنا فى الحديث بقية مع مشكلة مجتمعية أخرى. د. شادية خليل كاتبة صحفية وإعلامية مصرية shadia3030@gmail.com

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد