من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

أبو العلاء المعري اعداد: وصال أحمد شحود

أبو العلاء المعري  
أبو العلاء المعري

أبو العلاء المعري  

منارتنا لهذا الاسبوع النابغة الرائع، والشاعر المتميز، والذي عرف بفطنته وحكمته وعلمه، ولم تعيقه اعاقته كونه مكفوف من أن يسطر ملاحم ابداعية ستبقى مابقي فينا من يحب الشعر والأدب ويتذوقه  ، فقد حزم أمره على الانتصار مواصلاً الجهاد حتى يبلغ الغاية فشق طريقاً معينة ابدع فيها شاعرا ومفكراً وفيلسوفاً . فبفقده للبصر تمسك بالبصيرة وجعل العقل مقياساً لجميع الأحكام وله الإمامة المطلقة اذ قال” لا إمام سوى العقل ” .   

أبو العلاء المعري (363 هـ – 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري، شاعر وفيلسوف ولغوي وأديب عربي من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في الشمال السوري وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.

ولد المعري في معرة النعمان في سوريا، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر.

فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري، وبدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب وأنطاكية، وغيرها من المدن السورية.

فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي وهو أحد رواة شعر المتنبي.

وزاول مهنة الشاعر والفيلسوف والمفكر الحر، حيث سافر المعري إلى وسط بغداد لفترة، حيث جمع عدداً كبيراً من التلاميذ الذكور والإناث للاستماع إلى محاضراته عن الشعر والنحو والعقلانية.

وإحدى الموضوعات المتكررة في فلسفته كانت حقوق العقل (المنطق) ضد ادعاءات العادات والتقاليد والسلطة.

كان على جانب عظيم من الذكاء والفهم وحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطر، وسافر في أواخر سنة 398 هـ 1007م إلى بغداد فزار دور كتبها وقابل علماءها. وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ 1009م، وشرع في التأليف والتصنيف ملازماً بيته، وكان اسم كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم.

وقد كان عزم على اعتزاله الناسَ وهو في بغداد, خصوصاً بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وتيقن “أن الدنيا كما هي مفطورة على الشرور والدواهي” وقال ذات مرة “وأنا وحشي الغريزة، أنسي الولادة”.

وكتب إلى خاله أبي القاسم قبيل منصرفه من بغداد “ولما فاتني المقام بحيث اخترتُ، أجمعت على انفراد يجعلني كالظبي في الكناس, ويقطع ما بيني وبين الناس إلا من وصلني الله به وصل الذراع باليد، والليلة بالغد” وقال بعد اعتزاله بفترة طويلة “لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أُتوفى على تسبيح الله وتحميده”.

عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.

وقد جمعت أخباره مما كتبه المؤرخون وأصحاب السير في كتاب بإشراف الدكتور طه حسين بعنوان “تعريف القدماء بأبي العلاء”.

وفاته

كانت علته ثلاثة أيام، ومات في أوائل شهر ربيع الأول من سنة  449وعاش 86 سنة  واتفق ياقوت والقفطي والذهبي والصفدي وابن خلكان، على أن أبا العلاء لما مات أنشد رثاءه على قبره شعراء، لا يقل عددهم عن سبعين شاعرا، منهم تلميذه أبو الحسن علي بن همام الذي قال فيه من قصيدة:

إن كنت لم ترق الدماء زهادة

فلقد أرقت اليوم من جفني دما

سيرت ذكرك في البلاد كأنه

مسك فسامعة يضمخ أو فما

وأرى الحجيج إذا أرادوا ليلة

ذكراك أخرج فدية من أحرما

                                                                                                 أعماله

أول مجموعة شعرية ظهرت له هو ديوان سقط الزند، وقد لاقت شعبية كبيرة، وأسست شعبيته كشاعر

ثاني مجموعة شعرية له والأكثر إبداعاً هي لزوم مالا يلزم أو اللزوميات، وقد التزم فيه المعري ما لا يلزمه نظام القوافي

ثم ثالث أشهر أعماله هو رسالة الغفران الذي هو أحد الكتب الأكثر فاعلية وتأثيراً في التراث العربي، والذي ترك تأثيراً ملحوظاً على أجيال الكتّاب التي تلت. وهو كتاب يركز على الحضارة العربية الشعرية ولكن بطريقة تمس جميع جوانب الحياة الخاصة، ويحكي فيه زيارة الشاعر للجنة ورؤيته لشعراء الجاهلية العرب هناك، وذلك بعكس المعتقدات الإسلامية أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، وأكثر ما يثير الاهتمام في رسالة الغفران هو عبقرية المعري في الاستطراد، والفلسفة العميقة، والبلاغة المذهلة. بعد ظهور آراء ميغيل آسين بلاسيوس (Miguel Asín Palacios) يقول البعض بأن من الواضح أن كتاب رسالة الغفران كان له تأثيراً على (أو حتى ألهم) دانتي أليغييري (Alighieri Dante) في كتابه الكوميديا الإلهية وذلك لأن الاثنين في كتابيهما زارا الجنة وتحدثا مع الموتى.

ثم يأتي كتاب “فقرات وفترات” أو “فصول وغايات”، وهو عبارة عن مجموعة من المواعظ. وهو من أكثر كتبه إثارة للجدل عبارة عن مجموعة شعرية مماثلة لأسلوب القرآن الكريم. ويفترض بعض العلماء أن المعري كتبها لإثبات أن لغة القرآن ليست معجزة، ولكنها تبدو كذلك بالنسبة للبعض بسبب تبجيلها لمئات السنين. ولكن ليس كل العلماء يتفقون مع هذا التفسير.

أما كتبه الأخرى فهي كثيرة وفهرسها في معجم الأدباء:

الأيك والغصون في الأدب يربو على مائة جزء

تاج الحرة في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، وهو أربع مائة كراس

عبث الوليد، شرح به ونقد ديوان البحتري

رسالة الغفران

ديوان سقط الزند

رسالة الملائكة

رسالة الهناء

رسالة الفصول والغايات

معجزة أحمد (يعني أحمد بن الحسين المتنبي)

شرح اللزوميات

شرح ديوان الحماسة

ضوء السقط ويعرف بالدرعيات

رسالة الصاهل والشاحج

قصائد المعري

إيّاكَ والخمرَ، فهي خالبةٌ.

من ليَ أن أقيمَ في بلدٍ.

إذا شِئتَ أن يَرْضى سجاياكَ ربُّها.

رأيتُ قضاءَ اللَّه أوجَبَ خلْقَهُ.

أطلّ صليبُ الدّلو، بين نجومِه.

إذا كُفّ صِلٌّ أُفْعوانٌ.

إذا كان رُعبي يورثُ الأمنَ.

لا تفرَحنّ بفألٍ، إنْ سمعتَ به.

لَعمْركَ! ما غادرتُ مطلِعَ هَضبةٍ.

إذا ما عراكُمْ حادثٌ، فتحدّثوا.

إن يصحبِ الروحَ عقلي، بعد مَظعنِها.

اللَّه لا ريبَ فيه، وهو مُحتجبٌ.

الأمرُ أيسرُ مما أنتَ مُضمرُهُ.

لو كنتمُ أهْلَ صَفْوٍ قال ناسبُكم.

                                                                                                                     تلاميذه

درس على أبي العلاء كثير من طلاب العلم ممن علا شأنهم في العلم والأدب، منهم:

أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي

أبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسي

أبو الطاهر محمد بن أبي الصقر الأنباري

أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي

ولقد شهد جميع شعراء عصر المعري بفطنته وحكمته وعلمه، وعندما توفي ودفن في مدينته معرة النعمان اجتمع حشد كبير من الشعراء والأدباء لتكريمه.

ولقد ألف العديد من معاصريه، ومن بعدهم كتباً ودراسات حول آراء المعرّي وفلسفته، مثل: (أوج النحري عن حيثية أبي العلاء المعري)، ليوسف البديعي، و(مع أبي العلاء المعري)، لطه حسين، و(رجعة أبي العلاء) لعباس محمود العقاد، وغيرهم كثير.

كما ترجم كثير من شعر المعري إلى غير العربية. وقال ابن خلكان: “ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته”.

أبو العلاء المعري  
أبو العلاء المعري
أبو العلاء المعري 
أبو العلاء المعري

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله