من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

القادم بين التنين الصيني، والدب الروُسي، والنّسِرْ الأمريكي

الأديب الكاتب والباحث والمفكر العربي والمحلل السياسي الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل عضو اتحاد المدربين العرب، وعضو الاتحاد الدولي للصحفيين عضو في اتحاد الأدباء والُّكُتاب والمثقفين والمدونين العرب الأستاذ والمحاضر الجامعي غير المتفرغ بالجامعات الفلسطينية أمين سر شبكة كتاب الرأي العرب، ورئيس الهيئة الفلسطينية للاجئين سابقاً رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسطين dr.jamalnahel@gmail.com

لكُل بدايةٍ نهاية، ولكلِ ظالمٍ حكاية، وخِّتامُهُ زفتْ!؛ ويأتي بعد الارتفاع الشاهق السقُوط المُدوي، وبعد القُوة الضعف، وبعد الشباب،

نصل لمرحلة الشيب، واَلمّشِيب، ويبقي بعد حُلو الزمانِ مُّرهُ، مُّرٌ، وعّلَقّمُ، وبعد الحياة لا مفّرْ لأحدٍ من المُوت، فلا شيء يبقي علي حالهٍ أبداً؛ فلا يبقي القويُ قوياً، ولا الضعيفُ ضعيفاً، فاّلُدِنَّياَ تّمُرُ وتُّضرُ، وتّغُرْ. وها هي الولايات المتحدة الأمريكية بعدما أصبحت القوة الأولي الوحيدة في العالم، وذلك بعد مضي أكثر من قرنين علي قيامها، وتأسيسها علي أنقاض السكان الأصليين الهُنود الّحُمر!؛

حيثُ كانت أمريكيا قبل ذلك الزمان نسياً منّسياً؛؛ ولكنها استطاعت بالدهاء والاحتيال والكذب وخلال فترة زمنية وجيزة تاريخياً السيطرة كقوة عظمي والهيمنة علي العالم؛ وسرقت العالم من خلال حّيِلَة اقتصادية وهي: ”

حيلة الدولار الوهمي”، والسبب الذي جعل الدولار الأمريكي يكسب مكانة أولي، وأهمية عالمية مقارنة مع باقي العملات، تلك الكذبة والحيلة التالية: “إن كان لديك ورقة دولار أمريكي أو بحثت عنها على الانترنت، ستجدها موسومة بالعبارة الآتية” :”This note is legal tender for all debts public and private

” وتعني أن ورقة الدولار هي مستند قانوني لكل من الدَيْن العام والخاص، أي أن حيازة أي جهة لهذه الورقة تعني أن لهذه الجهة دَيْن في عُنق الحكومة الأمريكية، فمن يملك ورقة الدولار سيُلزم الحكومة الأمريكية بسداد ما يُعادل قيمتها من السلع والخدمات، في حين تكتب الدول الأخرى على أوراقها النقدية عبارة :”ورقة نقدية صادرة بموجب القانون عن البنك المركزي لتلك الدولة “

، أو “ورقة نقدية مضمونة القيمة بموجب القانون “؛ هذه الصياغة وغيرها من الصيغ هي التي جعلت الأوراق التي لا قيمة لها أوراقا نقدية ذات قيمة.؛؛ استمر النظام المالي في العالم على هذا النحو حتى العام 1971 وكانت القلبة النوعية على يد الرئيس الأمريكي حينها نيكسون، فيما عُرف:

“بصدمة نيكسون “Nixon shock”، حيث خرج بإجراءات ألغت استبدال أوراقه النقدية بمقدار ثابت من الذهب، وتابعتها في صنيعها هذا سائر دول المنظومة الرأسمالية ، فأصبحت الأوراق النقدية تتحدد قيمتها تبعاً للكميات المطبوعة منها،

أي تبعاً لِما تُصدره آلات طبع النقود، أي أن الدولار سيُعوَّمُ أي ينزل في السوق تحت المضاربة وسعر صرفه يحدده العرض والطلب بدعوى أن الدولار قوي بسمعة أمريكا، واقتصادها وكأن هذه القوة الاقتصادية ليست قوة مستمدة من تلك الخدعة الكبرى التي استغفل بها العالم فلم تتمكن أي دولة من الاعتراض أو إعلان رفض هذا النظام النقدي الجديد لأن هذا الاعتراض سيعني حينها أن كل ما خزنته هذه الدول من مليارات دولارات في بنوكها سيصبح ورقا بلا قيمة وهي نتيجة أكثر كارثية مما أعلنه نيكسون!؛ وسميت هذه الحادثة في ذلك الوقت بصدمة نيكسون “Nixon shock”،

وقال نيكسون حينها كلمته الشهيرة :”يجب أن نلعب اللعبة كما صنعناها، ويجب أن يلعبوها كما وضعناها “؛ ولا زال النظام قائم حتى اليوم أمريكا تطبع ما تشاء من الورق وتشتري به بضائع جميع الشعوب؛ ولكن ألفُ مستحيل أن يستمر هذا النسر الأمريكي الأصلع والذي يرمز للقوة والسمو، أبّدْ الدهر،

وآن وقتُ أن يترنح، وضعُفت مّخَالِبةُ، وكّبُرْ سنهُ وهّرِم ولم يعُد يستطيع التحليق في السماء بجناحيهِ كما كان سابقاً!؛؛ وكذلك لأن التنين الصيني كالمارد كّشر عن أنيابه، وأطلق حممْ نارهِ المُحرقة، ونهض الدب الروسي من كبوُتهِ شامخاً من جديد، ليعود العالم لنظام الرؤوس الثلاثة بالعالم، مُتعدد الأقطاب؛

ومما لا شك فيه أن كل الدلائل، والمعطيات علي أرض الواقع تؤكد اقتراب انهيار الاقتصادي الأمريكي؛ من قلب أمريكا نفسها وخلال عام سيبدأ مُتدرجاً من العام المُقبل 2020م!؛ لأن النظام العالمي الجديد يُمّرْ الآن في مخاض عسير سيُفضي لميِلاد مرحلة جديدة، وهي إعادة تشكّل عالمي،

ولن يبقى على حاله القائم برأس واحد أبدا، وسيتغير في غضون بضعة سنوات؛ فلن تبقى أمريكا الدولة المهيمنة الوحيدة على العالم)؛ لذلك فإن التنين الصيني ضمن استراتيجيتها القادمة تظهر قوة رئيسية في العالم، وقد أصدرت وثيقته بعنوان: “الحزام والطريق” المتعلقة بطريق الحرير الجديد الاستراتيجي للصين الصاعدة كقوة دولية، وطريق الحرير الجديد يعتبر بمثابة تمدد بري اقتصادي وعسكري يغطي 70% من سُكان العالم، كما أن الصين لا تّقُحِم نفسها منذ عقود طويلة بأي صراعات أو نزاعات عسكرية في العالم؛ بِعكس ما تفعلهُ الولايات المتحدة الأمريكية؛.

إذن فإن هنُاك متغيرات عالمية كبيرة، وكثيرة سوف ستقلب النظام الدولي والعالمي خلال السنوات القادمة؛ ولا ننسي أن من أسباب التغير القادم وجود تكتل قوي لمجموعة البريكس BRICS، وهي منظمة تأسست في عام 2006 تتكون من خمسة دول هي: “البرازيل، روسيا، الهند،

الصين وجنوب إفريقيا، وأسست هذه الدول هذا التكتل لتعزيز التعاون الاقتصادي، والسياسي والثقافي فيما بينها لتحقيق مصالحها المشتركة، ولتشكيل نظام اقتصادي متعدد الأقطاب؛؛ وإن البحوث العلمية،

والدراسات الاستراتيجية لمراكز الأبحاث العالمية، والمتابع للأحداث في العالم يري أن البوصلة العالمية تتجه نحو الصين لتكون الأولي عالمياً فالتنين العملاق الاقتصادي العظيم سيكسر أجنحة ورأس النسر الأمريكي الأقرع وسيدوس عليهِ اقتصادياً، فلن تكون الولايات المتحدة كسابق عهدها المتربع الأول علي عرش الاقتصاد الأكبر في العالم، وكذلك فإن روسيا ستصعد اقتصادياً وتقدم عالمياً،

وكذلك الهند ستكون قوة اقتصادية ضخمة جداً في العالم، وكذلك فإن إندونيسيا ستكون قوة اقتصادية عالمية كبيرة، كأكبر دولة إسلامية،

وسوف تترنح بريطانيا، وتتراجع خلال العقود الثلاثة المقبلة، وستكون المكسيك، وألمانيا واليابان، والبرازيل من الدول الصاعدة اقتصادياً وقوية عالمياً،

لذلك فإن التغير سنة الله في الكون ولن تستمر القوة لأحد، وعلي العرب والمسلمين أخذ العبرة والدروس، وأن يعملوا علي ترسيخ قوة اقتصادية لهم، ولن يأتي ذلك من خلال التفرق، والضعف والتشرذم العربي؛ بل من خلال الوحدة العربية، ومن خلال أن تكون أُمة منتجة، ومبدعة ومبتكرة،

ولا تعتمد علي الاستيراد فقط، بل علي التصنيع والتصدير، والجودة ومواءمة التطور العلمي والتقني، ومن خلال المناهج التعليمية المتطورة،

والحديثة بشكل مستمر، وعبر البحث العلمي، والاهتمام بالعلم، واكرام العلماء والاهتمام بهم،

وعبر تحقيق العدل والمساواة ومراعاة حقوق المواطنين في الوطن العربي؛ حتي لا نبقي نُعاني من هجرة العقول العربية المبدعة؛ فلقد بني الغرب والشرق كله مجده العلمي والاقتصادي من خلال العقول العربية من العلماء الذين هاجروا خارج أوطانهم؛ لأنهم أحسوا بالفقر والغربة في أوطانهم، فما كان من الغرب إلا أن أستغل قدراتهم ومواهبهم وكانوا مكسباً وكنزاً عظيماً لا يقدر بثمن وكما أن الصين والهند،

وروسيا وغيرها من الدول سوف تتصدر زعامة العالم اقتصادياً؛ فّنُحن العرب والمسلمين نملك مقومات عظيمة لو أحسنا استخدامها سنكون في قمة الهرم عالمياً، سياسيًا واقتصادياً؛ ولن يكون قرارنا من رّأِّسِنَا إلا إن زرعنا بِّفّأَسِنَاْ.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله