من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

ما هو اضطراب الشخصية الحدية (Borderline PD)

اعداد : د. شريف ماهر

؟ لغويًا، الحد هو نهاية أو شفير الشيء. يمتاز أصحاب اضطراب الشخصية الحدية بتقلبهم من الحد الأقصى للمشاعر، إلى الحد الأقصى لنقيضها خلال فترةٍ وجيزة. تركيبتهم النفسية لا تعرف الألوان، ينتقلون من اللون الأبيض إلى اللون الأسود دون تدرجات الطيف بسرعة شديدة.

لذلك يطلق البعض على المصاب هنا مصطلح، الشخصية المتقلبة. طبيًا، اضطراب الشخصية الحدية، هو اضطراب عقلي خطير يمتاز بنمط مستمر من عدم الاستقرار في المزاج، والسلوك، وصورة الذات، والأداء.

يؤدي هذا في الكثير من الأحيان، إلى تصرفات اندفاعية وعلاقات غير مستقرة. حيث يعاني المصاب من نوبات حادة من الغضب والاكتئاب والقلق، تراوح مدتها ما بين بضع ساعات إلى عدة أيام.

كما أن بعض المصابين لديهم أيضًا معدلات عالية من الاضطرابات النفسية المترافقة في الأكل، والقلق وتعاطي المخدرات، بالإضافة إلى القيام بالتفكير في إيذاء النفس والسلوك الانتحاري والانتحار. “اضطراب الشخصية الحدية”، هذا المصطلح وبالرغم من وجود تحفظ في الطب النفسي عليه بوصفه مضلِّلًا، فإنه لا يوجد مصطلحٌ بديل أكثر دقةً منه حتى الآن.

يصنِّف الدليل التشخيصي الإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية (DSM-5)، هذا الاضطراب تحت «المجموعة ب» من اضطرابات الشخصية. وتضم المجموعة أربعة أنواع، هي:

1- الشخصية الحدية

2- الشخصية النرجسية

3- الشخصية الهستيرية

4- الشخصية المعادية للمجتمع. إحصائيًّا، وتبعًا لموقع المركز الوطني للصحة النفسية (NIMH)، فإن نسبة انتشار اضطراب الشخصية الحدية، تبلغ (1.6%) من تعداد الأشخاص البالغين من السكان في الولايات الأمريكية المتحدة.

ولم يتم رصد اختلاف ببن الإناث والذكور، هنا… في المجمل تزيد نسبة الإصابة باضطرابات الشخصية بمختلف تقسيماتها عن (9%)، أي ما يعادل (23) مليون شخص من سكان الولايات المتحدة.

ولا تزال أرقام الإحصاءات الموضحة لانتشار هذه الاضطرابات محدودة، مما يجعل الإحاطة بالتوزيع الجغرافي لاضطرابات الشخصية للأشخاص المصابين بين الدول، أمرًا متعذرًا. الأعراض من أهم الأعراض، تقلبات مزاجية شديدة لدى الشخص المصاب مع حالة من عدم اليقين بشأن ذاته. حينها وتبعًا لذاك، تتغير اهتماماته وقيمه بسرعة. ومن الأعراض: صورة مشوهة وغير مستقرة عن الذات أو الإحساس بالذات.

سلوكيات متهورة وخطيرة في أغلب الأوقات، مثل فورات الشراء، الجنس غير الآمن، تعاطي المخدرات، القيادة المتهورة، والإسراف في الطعام. سلوكيات انتحارية متكررة أو تهديدات بالانتحار، أو تصرفات مؤذية للنفس مثل جرح الجسم. تقلبات مرتفعة حادة في المزاج، وتستمر النوبة من بضع ساعات إلى عدة أيام. حالة مزمنة من الشعور بالخواء. غضب شديد غير لائق أو مشاكل في السيطرة على الغضب.

وجود أفكار ارتيابية متعلقة بالتوتر. تواجد أعراض انفصامية شديدة، كالشعور بالانقطاع عن النفس ومراقبة النفس من خارج الجسم، أو فقدان الاتصال مع الواقع.

نمط من العلاقات حادة العواطف غير المستقرة مع العائلة والأصدقاء والأحبة، متأرجحة فيم بين التقارب الشديد والحب كإسباغ صفة المثالية، وبين الكراهية الشديدة أو الغضب كتخفيض قيمة الشخص.

قد تؤدي الأحداث العادية إلى ظهور بعض الأعراض.

فمثلًا، يحس المصاب بالغضب والكرب بسبب الفراق المؤقت في الإجازات أو رحلات العمل أو التغيير المفاجئ في الخطط، من الأشخاص المقربين. وتظهر البحوث أن بعض المصابين قد يشعرون بوجود الغضب في وجه محايد عاطفيًا، ويقومون بردود افعال أقوى على الكلمات ذات المعاني السلبية من غيرهم من الناس. عوامل الخطر أسباب اضطراب الشخصية الحدية ليست واضحة بعد، ولكن تشير الأبحاث إلى ترجيح تأثير كلٍّ من الناحية الوراثية والدماغ والبيئية والاجتماعية. الناحية الوراثية، تزيد نسبة خطر الإصابة بالاضطراب خمسة أضعاف في حال إصابة أحدَ أقارب الدرجة الأولى للشخص بالاضطراب. العوامل البيئية والاجتماعية، كثيرٌ من الأشخاص المصابين سبق لهم المعاناة من أحداث صادمة كالإساءة أو الخذلان في مرحلة الطفولة. والبعض سبق لهم التعرض لعلاقات غير مستقرة أو لصراعات عدائية.

والصدمات ليست شرطًا، فبعض المصابين لم يسبقبهم التعرض لأي معاناةٍ من الصدمات. عوامل المخ، تُظهر الدراسات أن المصاب يعاني من تغييرات هيكلية ووظيفية في الدماغ، خاصةً في المناطق التي تتحكم في الاندفاع وتنظيم العاطفة. هذا ليس شرطًا، فبعض الأشخاص الذين لديهم تغييرات مماثلة في الدماغ غير مصابين باضطراب الشخصية الحدية.

ولتحديد عوامل الخطر، يهتم الباحثون بالناحيتين البيولوجية والبيئية، وينصب تركيزهم على رصد الاحتمال لظهور الأعراض المبكرة في عُمرٍ أصغرَ من المتعارف عليه في الماضي. كما يبحثون في إيجاد وسائل لاكتشاف الاضطراب في وقت مبكر في المراهقة… ولا يزال الطريق مفتوحًا لإجراء المزيد من البحوث لفهم العلاقة مع الناحية التشريحية والوظيفية للدماغ. التشخيص لسوء الطالع، يسقط اضطراب الشخصية الحدية -غالبًا- في خانة: غيرِ المشخَّص أو التشخيص الخاطئ.

ومن الجدير التنويه بأن بعض الأعراض قد تتقاطع مع بعض المشاكل النفسية الأخرى، بل إنها قد تكون لدى أناس أصحاء لا يعانون من أي مرض عقلي. إذن عليك الحذر هنا، فإن مجرد مشاهدتك لبعض الأعراض لدى شخصٍ ما لا يجزم لك بإصابته باضطراب الشخصية الحدية.

يتسنَّى إصدار التشخيص للمختص المرخص له كالطبيب النفسي أو الاختصاصي في علم النفس بعد تقييمٍ متكامل للحالة الطبية للمصاب استنادًا إلى مقابلةٍ مُتبحِّرةٍ عميقةٍ وفحصٍ طبيٍّ شامل، واستبعاد وجود أسباب أخرى لظهور الأعراض.

ترتبط الأسئلة المطروحة بالتاريخ الطبي للمصاب وعائلته وأي تاريخ للأمراض العقلية. وهي تساعد المختص لتقرير خطة العلاج المناسبة. على ضوء ما سبق، يقوم المختص بتحديد نوع الاضطراب أو المرض النفسي في حال توافر مسوغاته، وتوفير المساندة للمصاب عبر التوجيه لخيارات العلاج إذا اقتضى الأمر.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله