من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم
Breaking News

احتفظ بقيمتك .. لنفسك وللتاريخ

اعداد: د.احمد لطفي شاهين

فلسطين المحتلة🇵🇸

قصة وتعليق
في زمن العقاد .. زمن عمالقة الادب والفكر والفن في الاوساط الراقية..
مع وجود بعض السطحيين المشهورين في الاوساط البسيطة.وجه صحفي متحذلق سؤال للكاتب والفيلسوف المصري المبدع «ﻋﺒﺎﺱ محمود ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ» قائلاُ له : من منكما أكثر شهرة، أنت أم محمود ﺷﻜﻮﻛﻮ؟!
ﺭﺩ «العقاد» ﺑﺎﺳﺘﻐﺮﺍﺏ وببساطة:
ﻣين ﺷﻜﻮﻛﻮ؟
(كان محمود شكوكو ممثل و مونولوجست مصري هزلي كان يرتدي ثياب المهرجين لإضحاك الناس)،

الصحفي المتحذلق ذاته اوصل القصة ﻟﺸﻜﻮﻛﻮ فقال للصحفي:
«قول للعقاد ﻳﻨﺰﻝ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ، ويقف على أحد الأرصفة وسأقف أنت على الرﺻﻴﻒ المقابل، ﻭﻧﺸﻮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ (هتتجمع) ﻋﻠﻰ ﻣﻴﻦ اكتر … هأأأاااو !».

عاد الصحفي الى العقاد بالرد من شكوكو فابتسم العقاد وقال بهدوء :
“قول ﻟﺸﻜﻮﻛﻮ ﻳﻨﺰﻝ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺭﺻﻴﻒ ﻭﻳﺨﻠﻲ « أي ﺭﻗّﺎﺻﺔ» ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺻﻴﻒ الثاﻧﻲ ﻭﻳﺸﻮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ (حتتلم) على مين أﻛﺘﺮ !.”

عبارة العقاد الأخيرة رغم قسوتها إلا أنها تحمل رسالة بليغة وعميقة عن المستوى العلمي والاخلاقي والقيمي وعن العمق الشخصي الشعبي العام. مفادها أن القيمة لا تُقاس بالجماهيرية ولا بالشهرة.
بل إنك -وفي أحيان كثيرة- تجد أنه كلما تعمق البعض في الإسفاف والابتذال والهبوط والرخاصة… كلما ازداد جماهيريةً وشهرة .. وهذا واقع الحال للاسف في السنوات الاخيرة خصوصا في الوسط الفني

إن ميل الناس إلى الاحتفال والاحتفاء بالهشاشة والسخافة والسهولة والتهريج والسطحية ليس جديداً.. بل هو ميل قديم .. حديث .. وكما ان هناك طبقات راقية ومثقفة وواعية فان بالمقابل هناك طبقات اكثر من العوام والرعاع والساقطين والمخمورين والحشاشين … الخ في كل المجتمعات سواء العربية والاسلامية او الاوروبية .. ولكن البقاء والخلود دوما وابدا للافضل والارقى واذا تتبعنا تاريخ العظماء وتاريخ السفهاء سنجد انه مهما ارتفع شأن التافه الا انه ينتهي مصيره الى مزبلة التاريخ ولا يذكره حتى التافهين امثاله لانه لا يصلح كقدوة لاي ساقط ولا يجرؤ اي تافه ان يذكره من باب الغيرة والخجل داخليا من الذات فالقذر يدرك قذارة نفسه مهما تعطر وتزين واحيط بالمتحذلقين من صحافة رخيصة … بينما العظماء والشرفاء والمخلصين يتكفل الله تعالى برفع ذكرهم وتخليد اسماؤهم
لقد ثبت تاريخيا انه كان هناك انتقادات كثيرة حتى من الاوساط الفاسدة لهذا الميل العجيب المتدني للسقوط الاخلاقي .. لكن من المؤسف ان الانحطاط الاخلاقي لم يحقق انتصاراً ساحقاً.. وواضحاً إلا في عصرنا الحالي.. عصر إدارة الظهر للأخلاق والقيم والعدل.. عصر العولمة.. عصر الثورة التكنولوجية والانفتاح الاعلامي واجهزة التواصل التي يقال عنها ذكية بينما اصيب غالبية من يستخدموها بالغباء والتوحد والجفاف العاطفي والتأخر الدراسي فضلا عن الكذب خصوصا والسقوط الاخلاقي عموما
لقد قرأت كتاب (نظام التفاهة) للكاتب الكندي (آلان دونو) والذي يقول فيه
“أن التافهين حسموا المعركة لصالحهم.. في هذه الأيام.. لقد تغير الزمن.. زمن الحق والقيم.. وذلك لأن التافهين أمسكوا بزمام كل شيء .بكل تفاهتهم وفسادهم..
فعند غياب القيم.. والمبادئ الراقية.. يطفو الفساد المبرمج.. ذوقاً وأخلاقاً وقيَماً.. إنه زمن الصعاليك.. الهابطين !
اختم مقالي بخلاصة .. مفادها
إن أرقى صناعة هي صناعة الإنسان ، وأجمل استثمار هو استثمار العقول،
وهذه مهمة الوالدين بعد توفيق الله ،
على الوالدين تشجيع ابناؤهم على القرائة واقتناء الكتب والحفاظ عليها.. فالكتب أثاث فاخر، وانا شخصياً لا يجذبني شيء في البيوت كما تجذبني مكتبة ، على أن الكتب لا يجب ان تكون أثاثاً شكليا ًللزينة ، ولا غرضاً للتباهي ،فقيمة الكتب الحقيقية ليست بوجودها على رفوف المكتبة في البيت وإنما بوجودها في عقول أهل البيت ، لهذا فإن إقتناء الكتب هي نصف مهمة الوالدين ولكنه النصف اليسير والسهل ، أما النصف العسير والصعب فهو تعويد الأولاد على القراءة ، ومناقشتهم بالذي قرأوه ، وإرشادهم في اختيار الكتب بما يُناسب أعمارهم ومستواهم العلمي وقدرتهم على الإستيعاب ، وعمل جلسات ثقافية اسبوعية لنقاش رواية او قصة او كتاب محدد تمت قرائته من الجميع في البيت ويمكن تطبيق ذلك في المدارس والمؤسسات وحتى في جروبات الانترنت وهذا الاسلوب سيرفع مستوى ثقافة وذكاء الجميع وسيكون له اثر اجتماعي ونفسي ممتاز عند الابناء والبنات
إن أولادنا هم أولادنا وهذا شأن قدره الله ، أما ان نجعلهم أبناء الكتب والثقافة .. فهذا شأننا نحن … وقد قلت سابقا في مقدمة رسالتي في الدكتوراه
ان تكبر في عمرك فهو امر اجباري
اما ان تكبر في عقلك .. فهذا امر اختياري
فاختر لنفسك الخلود والذكر الأبدي دنيا وآخرة..
دمتم قدوات طيبة للجميع

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله