من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

على هامش فيروس كورونا

كتب: د.احمد لطفي شاهين

لستُ متخصّصا في “البيولوجيا” أو في “الكيمياء البيولوجية”… ولكنني سأتكلم عن بعض العلاقات والتفاعلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين حضارات وامم للسيطرة على العالم اقتصاديا بالدرجة الأولى ..فقد علمتنا نظريات الحياة و المعرفة أن نمتلك عقلية ناقدة بحيث لا نتسلى بالأحداث فقط ، أو نلهو بالتفاصيل التاريخية حتى نتمكن من قراءة “حركية التاريخ” وبالتالي تفسير ما يحدث حولنا، وتوضيح أسبابه، وتوقع نتائجه و ثمراته وإفرازاته المستقبلية … ..

قبل ثلاثة أشهر تقريبا خرج الرئيس الصيني المستكبر في مؤتمر معلناً أنهم وصلوا لمستوى لا تستطيع أية قوة في الارض أن تقدر عليهم.. وصفقت الجماهير ولكنهم نسوا ان الله القوي القادر على كل شئ وعندما يطغى هذا المتكبّر ويقول من أشد منا قوة.. لابد ان يتدخل جنود الله جل جلاله ) فأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ( فصلت:15 ومع ايماني المطلق بقدرة الله لكن من يتأمل بشكل تحليلي تسلسل الأحداث خلف “فيروسات الإنفلونزا” بكل ألونها من “الطيور” إلى “الخنازير”، الى “كورونا” سيرى بوضوح أن كل أنواع “الإنفلونزا” التي مرّت علينا في العقود الأخيرة تمر على بتناغم متسلسل مكشوف – حيث تظهر بوادر أعراض “للإنفلونزا” في رقعة جغرافية محددة، لنتعرف من خلالها على اسم الفيروس كمصطلح جديد والمفارقة أننا لا نسمع بمئات الفيروسات الأخرى التي تقع معها في نفس المستوى من الخطورة، والأهمية، والحساسية… –

ثم يتحول الفيروس، إعلاميا، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى “حالة وبائية إعلامية” متسارعة عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحنا لا نشاهد الواقع إلا من خلالها… ولا ينتبه المتابعين، إلى أن الكثير من “الأوبئة الواقعية” لا تزال حاضرة في حياتنا اليومية وتحصد الآلاف سنويا، مثل الملاريا، والكوليرا… والمفارقة العجيبة أن نسبةَ التعافي عالية لدى المصابين بهذه الفيروسات لكن الاعلام والانترنت يركزون على تضخيم حجم الخطر لأهداف معينة تتعلق بالتسويق لعقاقير وامصال سحرية – ثم تتحرّك الهيئات الإنسانية الدولية الممولة غالبا من شركات صناعة الأدوية العالمية والمدعومة من الماسونية العالمية، لتطلب من “منظمة الصحة العالمية” التدخّل: لتسُنّ القوانين، وتحذّر من الفيروس الأكثر فتكا والأشد وطأً إعلاميا. -وبعد مدة بسيطة وبطريقة مفاجئة، غير متناسقة مع “منطق البحث العلمي” يتم اكتشاف الدواء والعقار في مختبر بحثي معزول، مؤمّن تجاريا، ببراءة اختراع جاهزة … –

ثم تتحرك بعد ذلك مباشرة “منظمة الصحة العالمية” لتَفرض الادوية والامصال المُكتشفة، وتسُنّ القوانين والإجراءات الوقائية الملزمة لاقتناء كميات الدواء والأمصال بأثمان باهظة لحساب شركات ادوية محددة – وبعد أسابيع قليلة، يُطوى الملف واقعيا وإعلاميا وإلكترونيّا، ويدفن في الذاكرة، وتبقى الامصال ولا يستفيد الا مختبرات ومصانع وشركات الادوية المملوكة للعائلات التي تسيطر على العالم ماليا ..وهكذا يستعد العقل اللاواعي لوباء جديد، و”دورة وبائية إعلامية جديدة” في اي لحظة وفي اي مكان في العالم من خلال التسلسل السابق نلاحظ أن “منطق الأحداث” الذي يسير به التدجين الذهني، لفيروس كورونا ليبلغ حالة “الوباء” في أذهاننا تشوبه الكثير من الأسئلة، والاستفهامات، والتناقضات، والملاحظات عن “كورونا”، وعن “الصين”، وعن موقعنا الحضاري من الإعراب، ومن هذه الملاحظات والتساؤلات ما يلي:

هل نحن اليوم نعيش حربا بيولوجية بعد أن تراجعت الحرب التجارية، إلى الوراء؟ هل هو تغيير تكتيكي بين المتنازعين لساحة الحرب، ومفهوم المعركة، وطبيعة السلاح؟ بخاصة حين نقرأ تصريح الرئيس الصيني “تشي جين بينغ” قائلا: نحن نواجه “فيروس الشيطان” بكل ما تحمله صورة “الشيطان” من شحنات معنوية في قاموس الدبلوماسية والثقافة الصينية …وما العلاقة بين “الفيروس” وإنتاج “المصل” والأرباح التي تجنيها شركات الدواء العالمية؟ أم أنكم ستتهمونني بهذا النمط من التحليل انني مهووس و صاحب فكر تآمُري؟ – هل أصبحت المختبرات البحثية وباحثوها، والجمعيات الخيرية ومؤسسات “حقوق الإنسان مجرد خدَم، وجنود، وحشم، بوعي أو بدونه، لمؤسسات التجارة العالمية واصبح الباحث كالنادل في الحانة، لا يتحرك إلا بأجرة من سيده الثمل ، أوطلب من زبونه المخمور..؟

انني ورغم احتقاري وكرهي للسياسة الصينية تجاه قضايا كثيرة ومنها الإويغوريين والمباديء النفعية المصلحية فقط التي تحكم علاقات الصين مع العالم لكنني اعتقد ان القيادة الصينية في حالة حرب حقيقية مع “فيروس كورونا” وحين يمتلكون الجرأة على إغلاق مطاراتهم وموانئهم ومدينة كاملة مثل “ووهان” دون اعتبار للمخاسر الاقتصادية، و حين يستعرضون قدراتهم العملية، وسط أزمة فيروسية عاصفة ويقوموا ببناء مستشفى في غضون 10 أيام…

كل ذلك ينبئك ان هناك سر تخفيه الصين و أن الصين لا تواجه مرضا بل تخوض حربا مع “شيطان ما” لعله الشيطان الاكبر الذي لا يجرؤ احد على الحديث عنه ممثلا في الماسونية ومن خلفها الصهيونية لمجرد تحقيق ارباح اقتصادية لجهات محددة.. إن “فيروس كورونا” دشن أول “حرب بيولوجية مفتوحة وعلنية” لأول مرة في التاريخ فقد كانت الفيروسات السابقة (الخنازير، الطيور…) تقع في خانة البزنس التجارية، أما “كورونا” وما بعدها فهي حرب سياسية إستراتيجية علنيّة تم استغلال الصين فيها حتى تكون حقل تجارب بشري.. وقد تكون عقابا ربانيا للصين على تنكيلها بإخواننا “الإيغور المسلمين” أجراه الله على ايدي اعداء الاسلام الصينيين انفسهم وقد تكون بسبب الماكولات الصينية الشاذة مثل طهي الأجنة والثعابين والكلاب …. الخ

ولكن المعروف ان الجزاء من جنس العمل وان من يحفر حفرة لانسان يسقط فيها وهذه المرة اعتقد ان ((الله جل جلاله )) أرسل عليهم جنوده من أقبية مختبراتهم، حيث أنه قبل 3 سنوات من الان قامت الصين ببناء معمل لدراسة فيروسات “السارس وإيبولا و كورونا” في مدينة ووهان التي الآن هي مركز تفشي الكورونا، وحذرهم العلماء الأمريكيون والاوروبيون من خطورة أن الفيروسات قد تتسرب من المعمل !! ويبدو أن هذا ما حدث فعلا كما يبدو الوضع الآن ..فالفيروس خرج من مختبرات الصين نفسها واول الضحايا كان من العاملين في مختبرات صينية.. ولكن كل ذلك مجرد اسباب ومن قبيل سنة التدافع الكونية ومن من باب انقلاب السحر على الساحر انني اريد ان نتعلم من كل ما يجري حولنا في العالم ان نكون نحن العرب والمسلمين في دائرة الحدث وليسوا مجرد متفرجين سلبين ..

ان العبادة وعمل الصالحات والدعاء ضد الظالمين امور مطلوبة وبديهية ولكن لا تكفي لوحدها لتغيير واقع المسلمين الى الافضل.. بل يجب ان تترافق مع عمل جاد ونوعي لمصلحة شعوبنا حاليا والاجيال القادمة.. ف.لو كان العالم كله اليوم جملة للإعراب، سنجد انه ليس للعرب والمسلمين فيه مقام ، ولا محل للإعراب، ولا يمثلون في الجملة اليوم، سوى تلك الفجوات والفراغات التي تفصل بين كلمة وأخرى، وانا لا أقول هذا الكلام من قبيل اليأس او القنوط او الاحباط (وان كان عاما) لكنني اريد ان اقول أنه لن يكون لنا محل من الإعراب، ولا موقع في الحروب التجارية أو البيولوجية أو في تحقيق السلام والتنمية … الا اذا بدأنا عمليا في استثمار مواردنا البشرية والمادية بأنفسنا بحيث نتحول الى انتاجيين وليسوا مجرد استهلاكيين و حين نسمع انه يوجد مصنع عربي مسلم واحد ينتج شيء متكامل بأيدينا، وأموالنا، وعقولنا دون استيراد اي قطعة مكملة للمنتج من الصين او اوروبا…. فإننا وقتها نستطيع ان نقول لقد بدأنا التحرر من ذيل القائمة ..

وحين نستطيع استخراج ثرواتنا بشركات عربية اسلامية خالصة دون عقود امتياز اجنبي فإننا وقتها فقط يحق لنا ان نتشدق بالاستقلال الوطني ….. هذه بدايات للانطلاق لنا حتى نحاول ان نكون رقما صعبا في المواجهة الحضارية القائمة .. ولو افترضنا ان هذا الفيروس او أي فيروس مشابه اصاب دولة من دولنا فان الضحايا سيكونوا بالملايين من طرفنا وليسوا بالعشرات فقط لاننا لسنا مستقلين فعليا ولا جاهزين علميا او حضاريا لمواجهة اي فيروس قد يواجه شعوبنا مستقبلاً.. فنحن نعتمد على الاستيراد الكلي من الغرب والاستنجاد بالغرب في اي ازمة تواجهنا لاننا لا نستطيع القرار وحدنا .. ثم ندعي الاستقلال؟؟ كما اننا نفتقد الى عقلية المبادرة التي هي اساس نجاح وتطور كل الدول الناهضة فنحن مجرد استهلاكيين مستقبلني نتلقى كل شي ولا يصدر عنا شي وهذه مصيبتنا ان النهوض من التخلف ليس مستحيلا …

إنها “إرادة” و”إدارة” و ” قيادة”… ويمكن ان تحدث النهضة فى سنوات معدودة … والطريقة معروفة ومحددة وبسيطة : جودة التعليم .. الصناعة … الزراعة … الاهتمام بالفئات الفقيرة المنتجة خاصة الشباب … واما الجيش والتسليح فهو امر ممتاز ومطلوب لكن يجب ان يكون هناك اهتمام متوازي معه في مجالات التنمية البشرية الذاتية والمستدامة وهذا ما طبقته ألمانيا واليابان فى الستينات بعد هزيمة فادحة في الحرب العالمية الثانية …وهذا ما فعلته البرازيل حديثا ودول شرق أسيا فى الثمانينيات … فنهضت كوريا والصين وهذا ما عملته الهند فى التسعينيات …وهذا ما عملته تركيا وماليزيا … وهذا ما تعمله الآن اثيوبيا ورواندا منذ سنوات قريبة…!! فمتى نفكر نحن في النهوض؟ متى نتخلص من التبعية الشاملة للعالم المتقدم؟؟ د.احمد لطفي شاهين – فلسطين المحتلة

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله