من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

كيف تتخلص من أحزانك؟

د.احمد لطفي شاهين

مما لا شك فيه ان الحالات النفسيّة والتغيّرات الانفعاليّة التي يمرّ بها الإنسان في محطات الحياة كانت ولا زالت مدار الاهتمام من الجميع خصوصا علماء النفس والاجتماع والتربية ،

وهي لا تقلّ شأناً عن الأمراض الجسديّة ، فكما يمرض الجسد بتأثير الأمراض العضويّة فهوَ كذلك عُرضةً للأمراض النفسيّة والحالات الانفعالية التي تطرأ على هذهِ النفس البشريّة كما إن اصعب شيء في الوجود هو التعامل مع النفوس البشرية وذلك لأن البشر يختلفون بشكلٍ عام عن بعضهُم وذلك حسب درجة الحساسيّة النفسيّة،

فهُناك مجموعة من الناس تتأثّر نفسيتهم بشكل كبير نتيجة أي تغيّر طارىء أو حدث عارض، وهُناك من تتميّز أنفسهُم بالصلابة والجفاف وقلّة التأثر بالمُتغيّرات المحيطة بهم ، وهذا نتيجة لأسباب كثيرة منها تربويّة أو جينيّة أو مُكتسبة من خلال الواقع المُعاش والتجارب الشخصية.

و من أخطر التغيّرات النفسيّة التي مِن المُمكن ان تُؤثّر على الإنسان هي أن يُصاب بالحُزن الذي من المُحتمل ان يُؤدّي إلى الاكتئاب في حالة زيادة إفراط الحُزن واضطراب كيمياء الجسد و لذلك سَوف نُحاول ان نُسلّط الضوء على كيفيّة وطريقة التخلّص من الحُزن الذي يُصيب أي إنسانٍ منّا

والخطوة الأولى للتخلّص من الحُزن هي الرُجوع إلى السبب الذي يقف وراء الحُزن الذي نحنُ فيه ، ومُحاولة تحليل السبب بكلّ جزئياته ؛

لأنَّ النظر إلى الأمور بدقّة وتفصيل يجعلنا على خُطوة أُولى من خُطوات حلّ المُشكلة ، بينما النظر إلى المُشكلة من بعيد وكأنّها كُتلة ضخمة من الصخر يزيد من عُمق الحُزن ، ويشُدّ من تأثيره السلبي فلا بٌدّ من تفتيت هذهِ الصخرة إلى مجموعة حصىً متناثرة يسهل القضاء عليها بالتدريج بمعنى ان يعيش الانسان في دوائر الحلول ولا يبقى تائهاً في دوائر المشاكل

الخطوة الثانية هي الابتعاد عن أسباب الحُزن التي تُحيط بنا ،

وقد تكون أسبابه مكاناً ما، يرتبط بذكريات معينة وكلّما مررت بهذا المكان أو جلست فيه أحسست بسحابات من الحُزن تُظلّك وتُغرقك فيها وتخنقك، وقد يكون سبب الحُزن أشخاصاً مُعيّنين يُسبّبون لكَ الحُزن من أحاديثهم وكلامهِم وطريقة تعاملهم

وهؤلاء هُم الأشخاص السلبيين الذين يتوجب الابتعاد عنهُم وعن اي مكان يذكرك بالحزن او بمعاصي سببت حزنك وقد يكون سبب الحزن موقع الكتروني او طريقة حياة او اي سبب والمطلوب ان تبتعد وتجدد اسلوب حياتك حتى تشغل تفكيرك بشيء جديد وتنسى ما يوجعك اويجدد احزانك الخطوة الثالثة هي النظر إلى مشاكل الآخرين وأحزانهِم ؛ ومقارنة وضعك بوضعهم لأنَّ في ذلك تخفيفا عنك خُصوصاً من تجدهُم أشدّ منّك حُزناً وأقسى منّك ظُروفاً 

فكما يقولون في أمثالنا بأنّ من نظرَ إلى هُموم الناس هانت عليه هُمومه وتذلّلت أحزانه وحمد الله على ما هو فيه..

واعظم ما يمكنك ان تحمد الله عليه هو نعمة الصحة

الخطوة الرابعة الابتعاد عن العُزلة والوحدة لأنّها من أسباب جلب الأحزان وتجييش الذكريات والمشاعر المؤلمة التي تصنع الحُزن وتقويّه ،

فكُلّما جلستَ لوحدك بعيداً عن مُخالطة الأخيار والاصحاب من النّاس كُنتَ أكثر عُرضةً لجيوش الهمّ والحُزن وربّما الاكتئاب وافضل مكان تذهب اليه هو مسجد بعيد عن سكنك حيث مكان صالح وعمل صالح وبيئة صالحة وصحبة صالحة

وهناك فرق بين العزلة وبين اعتزال الناس لترتيب ذاتك فالعزلة سلبية بينما الاعتزال الارادي المحدد بوقت هو امر ايجابي

الخطوة الخامسة الاشتغال بماينفعك كالقراءة اوتعلم شيء جديد او لغة جديدة مثلا او هواية جديدة او استماع الى سلسلة دروس في اي مجال مفيد والهدف من السلسلة ان تنشغل بها وتتشوق لمتابعتها

ويمكنك متابعة مسلسل معين او اي شيء مسلي ويمكنك ان تتعرف على أشخاص جدد في نادي رياضي فهذا شيء يشغلك وينمي مهاراتك فممارسة الرياضة اقلها المشي كل يوم تفرغ الطاقات السلبية وتمدك بالطاقه وتساعد على ظهور هرمون السعادة

ويمكن ان تلعب اليوجا وتمارس الاسترخاء والتنفس الطاقي فهو من أنجح العادات التي تكسبك الصبر والهدوء وسلامة الجسد والقلب معاً

الخطوة السادسة إحياء الشغف داخلك وذلك بأن يكون ما يحركك هو دافع الحب، و ليس طلب المال فقط وان تركز على ذاتك وان تركز على هدف محدد حتى لو كان مرحليا

وبالمثابرة والنضال وجهاد النفس تحفز وتلزم نفسك جسديا و عقليا بأنه يجب عليك المضي قدما بإصرار

فالاصرار هو السبب الرئيسي فى تجاوزنا للحزن وبالاصرار تقتنع انه يجب عليك أن تستمر رغم الفشل ولهذا انت تحتاج الى التدريب لاحياء شغفك وبالتالي تنجح في تجاوز احزانك

فلتبدأ فورا بعمل شيء جديد تتغير فيه عاداتك وحتى تصبح جيدا حقا في هذا التغيير فعليك بالتدريب ثم التدريب ثم التدريب.

وأنت لن تستطيع أن تخدم نفسك في احياء شغفك دون أن تقدم للآخرين شيء ذي قيمة من خلال تدريبهم على شيء انت تدربت عليه واتقنته ثم نقلته للاخرين باخلاص لأن هذا هو الطريق للثراء الحقيقي وهذه الخطوة نفسية وعملية وهي معقدة تحتاج الى تركيز

الخطوة السابعة ان تعلم انك قدوة لغيرك وانت لا تعلم .. وانك اذا وقعت وسقطت سيسقط من يقتدي بك ومن ينظر لك نظرة انك عظيم ..

ان شعورك بانك قدوة سيجعلك تتماسك حفاظا على من ينظر اليك بايجابية لان سقوطك يعني دمار غيرك وضياع من يكونوا في مسؤوليتك وتحت رعايتك .

فكن قويا متماسكا لأجل ذاتك ولأجل غيرك مثلا امك او ابوك او ابنك او اخوانك الصغار او ابناء جيرانك او طلابك ..

وغيرهم كثير يعتبرونك قدوة وانت لا تعلم… تذكر هذه النقطة جيدا وفكر فيها بعمق هناك قاعدة تقول انه عندما يتراكم عليك كل شيء وتصل إلى نقطة لا تتحمل بعدها أي شيء .. احذر أن تستسلم ..ففي هذه النقطة سيتم تغيير قدرك إلى الأبد ”

قرأت هذه القاعدة ذات مرّة ومنذ تلك اللحظة وأنا أرفض التراجع عن أيّ شيء، أرفض ان أترك أيّ شيء في منتصفه … ارفض ان استسلم لأي حزن او عقبات وندائي لك انت .. إياك أن تستسلم لأحزانك مهما عصفت بك الاحزان..

أكمل الطريق الذي اخترته، والذي رسمته لتحقيق حلمك.. ثق بأنك ستصل إلى مرادك ما دمت تسعى، مادمت منتصرا على أحزانك.. ما دمت تحمل الأمل في الله جل جلاله…

وكن واثقاً بأنك ستحقق ما تريد ما دمت زرعت في قلبك انك لن تستسلم .. فكن قويا دائما لأجلك أنت.. إهمس لنفسك في عمق شعورك أن هذا الوقت سيمضي وسيصبح ذكرى وانا بيدي استطيع ان احدد نوع ذكرياتي فلا تدع الالم ينفذ الى قلبك الجميل لأنك تستحق الراحة والعيش الكريم

بل كن انت من يأوي القلوب المنكسرة حتي وان كنت اكثرهم انكساراً اغمض عينيك عن الاساءة وافتحها بتركيز عن مواطن الجمال لترى الحياة جميلة بنظرة عينيك الجميلة دع قلبك يتوسع بالحب للآخرين لتعيش ببساطة وبهدوء يعشقه الحلم ويعانقه الطموح ولاتمسك يدك عن فعل اي خير تنوي به وجه الله فالخير الذي تصنعه سيكون باباً لك لتصل الى عمق الحياة السعيدة ..

فكن انت بذاتك سيد قرارك ولا تترك مجال للسطوة من جانب الآخرين على طاقتك الفكرية فلا يمكن ان ينجح الإنسان في حياته الا عندما تكون لديه ثقة عالية بنفسه، ويتقدّم أيضاً باستمرار، ويتطوّر دائما، لتكون حياته سعيدة وناجحة،

إلاَّ أنّ الثقة بالنفس، وعلى الرّغم من أنّها تنبع من شخصيّة الإنسان ونفسيّته، فإنّها تحتاج إلى تدريب وتطوير، حتّى يصبح الإنسان واثقاً تماما بنفسه، عديم التشّتت أو التقلّب فالتدريب كما قلت سابقا هو افضل طريقة لتغيير العادات والخروج عن نمط الحياة التقليدي والتخلص من الاحزان لذلك يجب أن تبتعد عن كل الأفكار السلبية المرتبطة بالكآبة والحزن وان تستبدلها بالأفكار الإيجابية، وان تبتعد عن الأصدقاء والزملاء المتشائمين والسلبيين وان لا تتقبل فكرة الفشل او اليأس

بل حاول أن تحدد نقاط ضعفك وتتخلص منها بكل شجاعة وقوة لتعزز ثقتك بنفسك وشجع نفسك دائما وكافئها باجازة او نزهة او اي شي يجعلك منشرحا كأن تهتم بمظهرك وملابسك وقصة شعرك ولحيتك وان لا تهمل ذاتك وأناقتك لأن مظهرك يعكس حالة الحزن او الفرح داخلك ..

وبامكانك بعد الاهتمام بأناقتك ان تشارك فى كورسات تدريبية او مؤتمرات اوندوات وحفلات خيرية او اي نشاط مجتمعي مفيد لتوطيد علاقتك بالآخرين من خلال العمل التطوعي والمشاركة الاجتماعية

حيث انها تنمى قدراتك العقلية وتطور ذكائك الاجتماعي اضافة الى ان هذه الانشطة تحفزك للقراءة والإطلاع على كل ما هو جديد في مجالات الانشطة التي تشارك بها

وهذا الامر الاخير هو مخرج من مخارج الحزن والكآبة وبوابة للحياة والأمل كان هذا المقال مقالا تطبيقيا عمليا لخطوات متسلسلة وافكار عملية أرجو ان تساعدنا في الخروج من دائرة الحزن التي نسجن انفسنا بها بعد مرورنا بحوادث نفسية او عضوية صادمة

ارجو أن يفيدكم ما قدمت وتقبلوا ارق تحياتي

اخوكم د.احمد لطفي شاهين فلسطين المحتلة

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله