من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

فن إدارة المشاعر

 د.احمد لطفي شاهين

من المفاهيم العملية للفن أنه مهارة، ووعي، وتدريب، وقدرة عالية على ضبط النفس، وادخال السرور على الاخرين وايصال رسالة للجميع.. وانت لا يمكنك ان تمنع المشاعر أن تجتاح شخصك، لكن يمكنك أن تدرب نفسك على ملاحظة تلك المشاعر الموجودة داخلك ،

وان تتصالح وتتصارح مع ذاتك مثل قولك لنفسك -أنا الآن غاضب جداً – أشاهد الآن نفسي وأنا متضايق -اشعر ان دمي يحترق وضغطي يرتفع – لقد شعرت بالقهر او الظلم او الاهانة او الاحراج.. لكن لماذا اخاطب ذاتي وما الحاجة؟ وهل يمكن ان اخاطب ذاتي ام ان هذا جنون؟

انا اقول لك إذا تمكنت من مخاطبة ومحاسبة ذاتك -وهو امر صعب جداً وليس مستحيل- ‏فإنك ستكون قادراً على اختيار ردة فعلك تجاه اي موقف –

إن من المؤسف أن غالبية الناس يستيقظ وعيهم بعد تصرفات مدمرة و أفعال وأقوال يندمون عليها لاحقاً ندما شديدا لكن بعد فوات الاوان، قد يقول البعض ان مشاعرنا ليست بيدنا بشكل مطلق : نعم هذا صحيح لكن إن تحديد اسم أو طبيعة مشاعرك خطوة مهمة نحو إدارتها، فأنت قد تفقد أعصابك ذات مرة وتتسبب في كسر قلب احدهم وقد لا تستطيع اصلاح ما كسرته او ارضاء خاطر من أحزنته ..

لكن تستطيع ان تتعلم من غلطك حتى لا يتكرر ما فعلته لذلك أمسك ورقة وقلم وإكتب اسما لشعورك و تعرف عليه، هل هو حماقة او غباء او تفاهة او سخافة او جنون او اي مسمى تختاره ثم بعد ذلك افعل الخطوة الثانية بأن تتسائل ماذا اريد انا ؟ ولماذا فعلت انا ذلك؟

حاسب نفسك بموضوعية وضع نفسك مكان الطرف الاخر ، إن بعض أنواع المشاعر هي انعكاس لشيء نريده، شيء ينقصنا، شيء لا نستطيع قوله بالكلمات، إذا استطعت تحديد ذلك اكتبه، ثم تحدث به لشريكك بهدوء وصراحة بدل ان يخرج في نوبات غضب، وستشعر بالارتياح بعدها.

ف‏كم أفسد الغضب من بيوت ، وقطع من علاقات ، وتسبب في تشريد أطفال وزوجات ، فلا تغضب ابداً لأن الغضب تجسيد عملي للفشل في ادارة مشاعرك.‏

وحتى لا تستفز غيرك ..كن منطقيَّا في طلباتك واحذر من أن ترهق شريكك بتكليفات مادية او معنوية لا يطيقها فيبقى طول حياته مديناً للبنوك او مجروحا من داخله وهذا ايضا يؤدي الى ضغط عصبي وغضب ومشاكل. 

إن ‏النجاح فى الحياة عموما و في الزواج خصوصاً لا يحتاج إلى أن تتزوج الشخص الصحيح بل النجاح يتطلب أن تكون أنت الشخص الصحيح دائما وفي كل الحالات ..

وحتى تتمكن من ادارة مشاعرك جيدا يجب ان تعلم بداية أن المرأة تختلف عن الرجل في كل شئ بدءاً من الشكل والخلق والتركيبة الجسدية وطريقة التفكير وطريقة التعبير، فتذكر أن زوجتك أنثى وتعامل معها بطريقة تفكيرها هي لا تفكيرك

والعكس صحيح فعلى المرأة ان تفهم الرجل جيدا وبهذه الطريقة تتكون الصداقة بيت الزوجين وما اجمل أن يكون الشريك زوج وصديق وحبيب فيكون كل طرف هو السرور لقلب الاخر … وهو الاعجاب لعقله …والمتعة لسمعه … والانصات لحديثه … فيكون كلاهما للاخر كل العالم …

 إن هناك كلمه مهمة جداً وسهلة ورائعة تسعد المرأة وزوجها..وهي كلمة الشكر … فكما ان الاعتذار مهم فإن الشكر والثناء والتقدير أهم بينك وبينها وأمام الآخرين والعكس قاتل ويدمر الحياة ..

فيجب ان تكونوا لبعضكم مثل حمامة سلام في الحياة.. ولا تكرهوا اقارب بعضكم البعض او الاصدقاء بسبب الغيرة منهم فالغيرة هي مفتاح الطلاق والغيرة في غير مكانها تسمم الحياة الزوجية والغيرة اذا زادت عن حدها المعقول تصبح حماقة وغباء وقد تتحول الى شك وهذا اخطر ما في الحياة فلا معنى لحياة مشتركة بلا ثقة متبادلة.

ان أجمل ثياب المرأة هي ثياب الخجل والحياء والرقة والنعومة والانوثة فلا تخلعي هذه الأثواب امام زوجك مهما طالت الحياة الزوجية ولا تسترجلي ابداً ..

ولا تحاولي ان تشطبي شخصية زوجك وحافظي على دورك في الحياة زوجة وام وصديقة فانتي لست مجرد خادمة في البيت وانما انتي سيدة البيت فكوني انثى دائما وللأبد من الراس حتى القدم.. واجعلي صبغة خديك من حمرة الخجل والادب والحياء ولا تتوقفي عن الدلال ولا عن التدليل لزوجك.

واذا كنتي تؤمني ان كلمات الحب افضل عندك من الطعام فيجب ان تعلمي ان الاحترام بالنسبه للرجل اهم من كل شيء في حياته بعد عواطفك وحنانك إتجاهه فاعتبري زوجك طفلك ودلليله واعتني به ولاتنشغلي عنه باطفالك كثيراً ووازني بين زوجك واطفالك… وكوني متفهمة لزوجك وكن متفهماً لزوجتك والتفهم يعني ان يضع كل طرف نفسه مكان الاخر وان لاتهدموا حياتكم بسبب عدم التفهم والتفهم هو اساس التفاهم والاحترام والتقدير المتبادل.

ان جمال المراة لا يعني فقط اناقتها .. بل الاهم جمال الروح و الشخصية و روح المرح في وقته بحيث تمتص المرأة كل غضب وتعب الرجل وتعدل مزاجه بكلمة وتجعله يستمتع بحديثها ولو كررته الف مره من شدة حبه لها واعجابه بها وتقديره لها وخجله من ذوقها..

ونفس الكلام مطلوب من الرجل بان يكون مرحا ومرنا وان يستمع جيدا لاحاديث زوجته لأن المرأة تمتلك طاقة كلامية كبيرة ولابد ان تسمح لها بتفريغها لك انت كزوج وصديق وحبيب.

وحتى ينجح الزوجان في ادارة مشاعرهما بفن وابداع يجب ان يفهم كلا من الطرفين ان حزن الاخر بشكل مفاجيء له سبب وانه طاريء وان يراعي مشاعره ويحاول الترويح عنه وان يعلم كل طرف ان عصبية الآخر هي نتيجة ضغط و ليست طبعه وانها طارئة

بل كل واحد يجب عليه ان يقوم بتهدئة الاخر بحيث يقلب مزاجه بكلمة وان نفهم ان العتاب يعني الحب وليس افتعال المشاكل وطالما هناك تفهُم بين الزوجين سيكون من السهل تجاوز هذه الامور العارضة.

واذا اخطأت انت يجب ان تسارع انت في الاعتراف والاعتذار لان هذا يؤدي الى تعزيز الاحترام المتبادل والتفاهم وترقيق قلوب الطرفين والمسامحة وعندما يحاول احدكم الاعتذار بكل الطرق يجب ان نتنازل عن ردة الفعل المعاكسة

ويجب ان نستوعب الاعتذار وان نرضى وان نتسامح ونتصالح فهذه الامور من مكملات الحب الاساسية وان المبالغة في الزعل وتكرار العتاب ورفض الاعتذار هي امور تميت لذة الحياة وتقتل الاحساس بالحب بين الطرفين.

والان اوجه لك سؤالاً هل تفهم ما معنى توتر؟ ان كل البشر لا يستطيعون التعامل مع التوتر لانهم لا يفهمون ما معنى التوتر اصلا .. ان كل البشر يقولون انني اتحمل ضغط التوتر كثيرا ثم انفجر وكأن التوتر شيء خارجي بينما الواقع ان التوتر هو احساس بالضغط الداخلي السلبي ويؤذي الجسم البشري ويسبب الامراض وضعف المناعة ويؤدي الى خلل في افراز الهرمونات

لذلك يجب ان تكون استجابتك للمؤثرات الخارجية ايجابية ولا تخصع لها فتخلق توتر داخلك وتؤثر سلبا على سلوكك وتنهار وتنهار اسرتك مخطيء انت اذا سمحت للتوتر ان يتحكم تصرفاتك وافعالك وادارة مشاعرك مخطيء انت اذا فشلت في اتخاذ القرار المناسب في لحظة ما بسبب التوتر.

ان من مهارة ادارة مشاعرك هو عمل الشيء المناسب في الوقت المناسب فلا قيمة للوردة بعد الموت ولا قيمة للهدية في مناسبة ما اذا كنت ناسيا وذكرك بها شريكك ..

هنا بالذات يجب ان تتقن فن ادارة مشاعرك وتبدع في اظهار الاهتمام بحيث يصدق شريكك انك لم تنسى مناسبة تخصه او تخصكما معا.

وقبل الختام هناك امر مهم جدا يسمى المكاشفة وهو يعني ان يصارح كل طرف الطرف الاخر بما يدور داخله وان يشتكي منه له حتى لا تتراكم المواقف في القلب ويجب ان يتم اختيار وقت مناسب للمكاشفة والمصارحة ويمكن الخروج من البيت والجلوس في مكان جميل وياحبذا لو كان المكان لكم فيه ذكريات جميلة ويتم الحوار بهدوء وانصات وتفهُم وتفاهم ووصولا الى اعادة قطار الحياة الزوجية الى الطريق الصحيح.

ختاماً.. لقد كتبت مقالاً منشوراً بعنوان ” في ظلال الحب ” مفاده ان الحياة في ظلال الحب لها نكهة خاصة وطعم مميز وفيها من الصفاء والنقاء مالايعرفه الا من يفهم معنى الحب الحقيقي الصادق ومن يتمرد على من يحبه بصدق سوف يخسر نفسه ويخسر من يحب… وأن التمرد بين الاحبة ومعاندة المشاعر الجميلة بين الزوجين ليست انتصارا لاحدكم ولا تحقيقا للكرامة الشخصية كما قد يظن البعض

وانما هو انتصار للشيطان في حربه لتخريب بيوتكم وتشريد اولادكم وهو هزيمة لكم وسقوط مبكر لكم في انفاق الشيخوخة والهم والحزن والمرض.

ارجو لكم ولبيوتكم الهناء والسعادة والاستقرار

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله