كيف و الشمس لم تشرق بعد في بلادهم فـ ظننت ولو للحظة .. أنهم عميان مثلي فـ سألتهم :
لماذا هذه النظارة السوداء في غياب الشمس عنكم ؟ قالو : نخاف النور .. فأعيننا لم تبصر سوى الظلام و نخاف الكلام .. حتى نسينا حروف لغتنا العربية ضحكت بسخرية و قلت :
كيف تخافون الكلام و أنتم عباقرة الثرثرة فوق أطلال الوجع و الألم
جذبني أحدهم .. و نظر في وجهي و قال أنت هو أنت
قلت : أنا من ؟
قالوا جميعاً : نعم هو أنت من نريده
قلت : و من تريدون قالوا : نريدك حاكماً علينا توجناك ملك من الآن
قلت متعجباً : كيف و أنا أعمى ؟
تجمهروا حولي بصوت مرتفع أنت حاكمنا .. أنت ملكنا سوف نجعل من ضعفنا و ذلنا تاج لك مزخرف بالسمع و الطاعة و عرشك منقوش بالظلم و الطغيان و نبيذك من عرقنا و دمنا ودموع أطفالنا و طعامك ..
جثث شهدائنا و سوف نبني لك قصر قبته الخسة و الخيانة و جواريك … نساء بكر من حرائر الزوجات الثكلى و الأرملة و العاكفة على اليتامى و من جدائل شعر النساء صنعنا لك عصا ..
تسوق بها أحلام أولادنا و من أنفسنا .. جعلنا منها أصنام ثلاث ..
لا تسمع و لا تتكلم و لا ترى تتعبد في محراب آلهة الضلال .. وقتما تشاء هكذا .. تكون أنت حاكمنا
قلت : متعجباً تباً لأمة ضاعت لم يتبقى منها إنسان تباً … لكل أعمى في بلاد العرب