من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

عدم الأمان والاضطراب العاطفي بين الرجل والمرأة

اضطراب عاطفي

 بقلم د / شريف ماهر مصطفي

استشاري امراض التخاطب و الاضطرابات النفسية 01228819774

إن الحد الأدنى للأمان لقلب المرأة، هو حماية قلبها من الإساءات اللفظية والكلمات الجارحة القاسية، لكن المرأة دوما تتمنى ما هو أكثر بكثير من ذلك لأن المرأة عاطفية بطبعها.

فهى تمنى نفسها باحتواء لأحاسيسها وعقلها واحترام لأفكارها وهمومها اليومية، وإن كانت بسيطة ووقتية، وتمنى نفسها، بحوارات دافئة هادئة تروى فيها كل ما يدور بداخلها، ويتفاعل معها زوجها بحنان وحب وبكلمات رقيقة تداعب أذنها دوما وتنفذ لقلبها.

وتمنى نفسها أن يشركها زوجها فى كل تفاصيل حياته، ويحكى لها عن يومه ويشاركها أفكاره وأحاسيسه ومخاوفه ويزيل كل حواجز الغربة عندما يطرح كل همومه وضعفه بين يديها فتشعر أنهما أصبحا كيانا واحدا بقلبين بعقلين يكمل بعضهما الآخر ويحس الآخر.

ان العلاقة بين الرجل والمرأة هي علاقة قديمة ومتجددة في نفس الوقت.

وكل علماء النفس الذين قاموا بدراستها قبل ذلك، كانوا يلجؤون إلى شتى الطرق لكي يراقبوا الرجال والنساء الذين تحدث بينهم مشاكل مستمرة؛ لكي يتعرفوا على أسباب هذه الخلافات والاختلافات ويتوصلوا إلى حياة أفضل للطرفين، ومنها اختلاف الرجل عن المرأة في طرق الإفصاح عن المشاعر.

فالرجل عادة لا يتكلم إلا إذا كان لديه شيء مفيد يقوله أو عندما يفكر في الكلام الصحيح الذي يجب عليه قوله، عكس المرأة التي تتكلم كثيراً لخلق نوع من التواصل والمشاركة

فالكلام في حد ذاته يشعرها بالحميمية ويخلصها من الضغوط النفسية التي قد تعاني منها، وبالتالي فهي ترى أن الكلام هو نوع من العطاء وأخذ الدعم المعنوي من وإلى الطرف الآخر.

ان طريقة الرجل في حل مشاكله تختلف كثيراً عن المرأة، فالرجل عندما يواجه مشكلة معينة يُفضل أن يبتعد وينسحب من الحياة اليومية قليلاً ويدخل إلى كهفه؛ لكي يستطيع التفكير مع نفسه بهدوء وتصفية ذهنه، ولا يستطيع التركيز مع الآخرين في أي شيء آخر.

ولكن المرأة قد تأخذ هذا الموضوع بمحمل شخصي بأنه لا يريد التحدث معها في مشاكله؛ وبالتالي تبدأ في ملاحقته لمعرفة ما هي أسباب انعزاله، فالمرأة تُفضل دائماً التحدث مع الآخرين في مشاكلها لكي تأخذ منهم النصيحة.

والحل المناسب هنا هو ضرورة ترك الرجل فترة حتى يستطيع الخروج من مشاكله بنفسه وعدم ملاحقته والإلحاح عليه حتى لا تتفاقم المشكلة.

وقد يكون السبب في المشاكل السابقة أن محفزات العطاء لدى الرجل تختلف كثيراً عن المرأة، التي يمكنها العطاء حتى آخر لحظة في حياتها، ولكن قد يتوقف هذا العطاء في حالة شعورها بعدم التقدير من الرجل، والذي قد يُسبب لها أزمات نفسية كبيرة، فهي بحاجة دوماً إلى الشعور بالاهتمام والتقدير، مثل الرجل الذي يريد دوماً أن يشعر بأنه محل ثقة واهتمام ممن حوله.

والرجل لديه ميزان للأخذ والعطاء، وهذا ما يجب على المرأة أن تتعلمه أيضاً، حتى تستطيع مواصلة حياتها بدون ضغوطات نفسية، ولكن عندما يتوقف الرجل عن العطاء، تبدأ المرأة في الابتعاد عنه وعدم مطالبته بأي دعم معنوي وعدم الاعتماد عليه في أي شيء، وهذا يُحدث من جانبها نوع من الاستغناء والانفصال العاطفي، أو إنها تتحول إلى امرأة مزعجة لها طلبات مادية ومعنوية كثيرة، وعلى الرجل في هذه الحالة استيعاب ذلك وإنهاء المشكلة قبل تفاقمها.

إن مشاعر الرجل تختلف اختلافا جذريا عن مشاعر المرأة، فكل فترة لابد له أن يبتعد عن حياته اليومية حتى يستطيع الاقتراب مرة أخرى، وهذا جزء من تكوينه النفسي، فالبُعد عند الرجل هو نوع من المحافظة على استقلاليته ومساحته الشخصية.

أما المرأة فمشاعرها تتحرك من أعلى إلى أسفل، ويمكن أن يصل عندها الحب والعطاء إلى الذروة في يوم ثم بعد يومين مثلاً قد يتقلّص إلى أدنى درجاته؛ والسبب في ذلك أنها تريد دعما معنويا طوال الوقت من الرجل، وعندما لا تجد ذلك تصل إلى مرحلة ما تحت الصفر.

وبالتالي فالمطلوب من كل منهما فهم طبيعة الآخر، فعلى المرأة تقبُّل فترة ابتعاد الرجل حتى يستطيع الاقتراب مرة أخرى، وكذلك لابد للرجل أن يُشعر المرأة دوماً بالأمان وعدم اتهامها بالإهمال أو التقصير ولابد لكل منهما أن يحترم المساحة الخاصة بالطرف الآخر.

وبالتالي يجب على المرأة أن تعطي الرجل الأمان، خاصة في مسألة الخطأ، ويجب على الرجل أن يساعد المرأة ويعطيها حقها في الرعاية وفرصتها في التعبير عما تريده.

فالنقيضان القاتلان في الاختلاف، هما الجدال المستمر لإثبات أن وجهة نظر أحدهما هي فقط الصحيحة، إذ أن الجدال هو نقيض للحب ونقيض للعلاقة

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله