في ذلك العطاء الشعري المتدفق يطل علينا الشاعر الجنوبي المعروف أبو صقر السقلدي من خلال قصيدة له، ينقل من خلال كلماتها العذبة أطيب التحايا وعبارات الثناء لأبناء الجنوب الأوفياء، في عموم البلاد بجبالها ووديانها وسواحلها والسهول، مثمنا لهم ذلك الصمود والتلاحم الذي تجلى في أروع صورة فنية بديعة يمكن وصفها والتعبير عنها، عنوانها التضحية والفداء وبذل الدماء والمهج في سبيل ذلك الوطن العزيز والذود عن حياضه وصد كل معتد أثيم وغادر، جاءه غازيا طامعا بخيراته وعطاءه.
كما يصف الشاعر تلك الملاحم الأسطورية التي نسجها أبناء الجنوب بدمائهم، وهم يصدون جحافل بربرية من المناسب تشبيهها بمجاميع المغول في همجيتها وغشامتها وبشاعة أفعالها وقذارة أهدافها ومراميها وتجردها من أبسط القيم الإخلاقية والقواعد المتعارف عليها في النزاعات والحروب، فوقف المقاتل الجنوبي لتلك الجماعات بالمرصاد، وأفشل نواياها وخططها، وأجبرها على العودة إلى جحورها منكسرة تجر أذيال الهزيمة.
وكما نلاحظ فمشاهد الأمس تتكرر اليوم، حين نرى تلك الحملات العسكرية المسعورة تُتابع، والهدف في ذلك اجتياح ما تبقى من أرض الجنوب، حملات تقودها قوى يمنية عديدة تختلف في عقائدها السياسية لتعود متفقة في مشروع يرمي للسيطرة على منابع الثروة ومكامن النفوذ في أرض الجنوب، والاستمرار في عمليات النهب والتبديد لتلك المقدرات والاستحواذ عليها دون أهلها. القصيدة بعنوان (التحية لأهلها) يقول فيها:
يقول أبو سقلد التحية لأهلها تحية الإسلام في فعلا وقول .
سلام من شامخ ليافع كلها من رأس أبو سقلد يدهم كالسيول.
يدهم على يافع مع وديانها وكر النمارة كلها عرضا وطول.
يدهم على الضالع ونعم أبطالها أهل المتارس والمواقف والعدول.
يدهم على ردفان وخص أشبالها ذي بالمحاجى والخنادق والسهول.
يدهم بلد الأجواد ونعم أبطالها أرض الصبيحي كلها ما بالسجول.
يدهم بلاد العبدلي وجبالها نعم السلاطين الأماجد للحلول.
يدهم عدن كامل لصيرة وبحرها لما البريقا للعلم حيث الحمول.
يدهم علا ابين وخص أجيالها من ساسها إلى رأسها أهل الأصول.
يدهم على شبوة وأخص روادها أذيابها الأبطال حراس الحقول.
يا نعم شبوة نعمها من قادها الرأس يبقى رأس ما يقبل ذيول.
يدهم على أرض الحضارم وأهلها من حضرموت الواد لداخلها يصول.
نعم الأشاوس نعمكم ياشبالها يا منبع الجودة من عهد الرسول.
يدهم على المهرة وأيضأ دورها من قشن للقيضة إلى كل الفصول.
حتى سقطرى والجزر ذي حولها للمندب الشامخ جنوبي قل لكول.
هذا سلامي من جنوبي قالها مرسول للأبطال في كل السهول.
يابن الجنوبي استمع جمالها وحد صفوفك قبل ماتمسوا قتول.
احموا بلدكم وعمروا أوطانها لا ترجعوا عسكر مع قوم المغول.
هذا خطابي وغلقوا أقفالها لنتم رجال الله خذوها عقول.
والختم صلوا عالنبي بختامها صلى عليك الله يا خيرة رسول.
