من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

الاكتئاب

بقلم أ فرح حرب

أمين سر المكتب الإعلامي في المنظمة الألمانية الدولية للتنمية

إستكمالاً لِمقالاتنا التي ما زلنا من خلالها نتابع مواضيع هامة في حياتنا والتي نحنُ بحاجةٍ ماسّة لفهمها وإدراكها وتطبيقها أيضاً ، مقالي الثالث لهذا اليوم ضمن سّلسلة البحث والمُناقشة والقراءة من حلقات “الحالات الشِعورية الإنسانية” والتي قُمت بالبحث عنها حيث أتناول من خلاله موضوع مُهم يستحق المتابعة وهو “الاكتئاب”.

فمن منا لم يخضع لوطئة هذه الحالة، و لم يتساءل يوماً ما هذه اللعنة التي حلت عليّ و يريد تفسيراً واضحاً لتلك الحالة؟! من منا لم تأخذه مجريات الحياة إلى محطات اليأس و الانهيار و هو ما زال عالقاً في الحياة يتخبط ذهاباً و إياباً و يريد العثور على طوق النجاة ؟!

سنتعرف ما هو الاكتئاب و ما هي أنواعه و سأظهر نوعاً جديداً من الاكتئاب و ستصيبكم الدهشة عند معرفته، و كل منكم سيعود لذاته و يصدق حالته لكي لا يذهب إلى ما تأول إليه هذه الحالة. الاكتئاب: هو مرض يصيب النفس والجسم يؤثر على طريقة التفكير والتصرف ومن شأنه أن يؤدي إلى العديد من المشاكل العاطفية والجسمانية، مما يؤدي إلى انعدام الرغبة بالحياة و صعوبة العودة إلى الحياة اليومية على حد قول أغلب البشر بأنهم ملّلوا العيش، لا يستطيعون العودة إلى أنفسهم القديمة.

لا شك في وجود الكثير من أنواع الاكتئاب، فمن منكم يعلم بأنواع الاكتئاب التسعة و هي:

1_الاكتئاب الحاد يعاني من هذا النوع حوالي 7 % من السكان البالغين في الولايات المتحدة، وتتمثل أعراضه في الحزن الشديد واليأس وفقدان الاهتمام بالأنشطة الممتعة وقلة الطاقة وصعوبة التركيز وتغيرات في عادات النوم والأكل والشعور بالذنب والتفكير في الموت أو الانتحار. ولعلاج الاكتئاب الحاد يجب تناول الأدوية المضادة له، وكذلك استخدام العلاج بالحديث إلى الطبيب النفسي، حيث أن هناك ما يتراوح بين 80 إلى 90 % من المصابين بالاكتئاب الحاد يستجيبون للعلاج.

2- الاكتئاب الجزئي أو الخفيف ويعرف أيضًا باضطراب عسر المزاج وهو أقل حدة من الاكتئاب السابق ويعاني منه حوالي 2 % من سكان الولايات المتحدة، ويتسبب في حالة مزاجية سيئة تستمر لفترة طويلة من الزمن ربما تصل لمدة عام أو أكثر، وتشمل أعراضه الحزن، وصعوبة التركيز، والتعب ، والتغير في عادات النوم، ويعد التحدث العلاج المناسب لهذا النوع من الاكتئاب.

3- اكتئاب ما بعد الولادة تعاني منه 85 % من الأمهات الجدد بعد ولادة أطفالهن، ومن أعراضه الحزن الشديد، والقلق، والتعب، والشعور بالوحدة، واليأس، والأفكار الانتحارية، والمخاوف من إيذاء الطفل، ومشاعر الانفصال عن الطفل، وتستمر فترة الإصابة به من أسابيع إلى أشهر بعد الولادة، ويحتاج إلى رعاية طبية سريعة تشمل مزيجًا من الحديث والعلاج بالعقاقير.

4- الاضطرابات العاطفية الموسمية غالبا ما يحدث في فصل الشتاء ويعد القلق، والتهيج المتزايد، والتعب أثناء النهار، وزيادة الوزن، وربما يرجع ذلك الاكتئاب إلى قلة ضوء الشمس الطبيعي، ويبدأ الإصابة به في بداية فصل الشتاء إلى بداية الربيع، ويمكن علاجه بالعلاج بالضوء.

5- الاكتئاب غير النمطي يعد أكثر أنواع الاكتئاب شيوعًا، ومن أعراضه الإحساس بثقل في الذراعين والساقين، والنوم المفرط والإفراط في تناول الطعام، وزيادة الوزن وسرعة الغضب، والتقلبات المزاجية، ويعتبر العلاج بالتحدث أفضل أنواع العلاج له.

6- الاكتئاب الذهاني وهو حالة ذهنية تتميز بالسلوك غير المنظم والمعتقدات الخاطئة، والمعروفة باسم الأوهام، أو مشاهد أو أصوات كاذبة، والمعروفة باسم الهلوسة، وقد يصاب الأشخاص المصابون به بعدم القدرة على الكلام، أو عدم مغادرة الفراش، ويتطلب العلاج مجموعة من الأدوية المضادة للاكتئاب ومضادة للذهان.

الاضطراب ثنائي القطب هو نوع من الاكتئاب كان يُطلق عليه سابقًا اضطراب الاكتئاب الهوسي وأعراضه ما بين الهوس والاكتئاب والتقلبات الحادة في الحالة المزاجية، والأفكار السيئة ، وقد يصل الأمر بالمصاب به إلى الانتحار.

8- اضطراب ما قبل الحيض تصاب به النساء مرة واحدة شهريًا خلال النصف الثاني من الدورة الشهرية، وتشمل أعراضه الاكتئاب والقلق وتقلب المزاج، ويؤثر على علاقات المرأة وقدرتها على العمل بشكل طبيعي، ويشمل علاج هذا النوع من الاكتئاب مزيجًا من أدوية الاكتئاب و التحدث والتغذية السليمة.

9- الاكتئاب الظرفي يُعرف أيضًا باسم اضطراب التكيف، وينجم عن حدث مفزع في الحياة مثل فقدان الوظيفة أو وفاة أحد أفراد الأسرة أو الصدمة، وهو أكثر شيوعًا من الاكتئاب الحاد بثلاث مرات، ونادراً ما تكون هناك حاجة إلى الأدوية لعلاجه، ومن أعراضه الحزن المفرط أو القلق أو العصبية.

و أخيراً سأقدم لكم النوع الأخطر من أنواع الاكتئاب عندما تعاني من مزاج سيئ، و تحرص على إخفاء أعراضه عن من حولك، فهنا احذر! لربما تعاني من مرض عقلي و هو ” الاكتئاب المبتسم” و هو حالة يبدو خلالها الشخص سعيداً، بينما هو في الحقيقة يكابد من أعراض اكتئاب داخلية، و قد تزايد هذا المصطلح مؤخراً أكدوا علماء في جامعة كامبريدج أن ” الاكتئاب المبتسم” ليس مصطلح تقنياً مستخدم من قبل علماء النفس، بل إنه أقرب تسمية علمية لمن يصابوا بالاكتئاب و ينجحون في إخفائه.

في نهاية المطاف من مقالنا لهذا اليوم فإن من يعانون من الاكتئاب المبتسم يضعون قِناعاً خارجي، يظهر أنهم يعيشون حياة طبيعية و نشطة على الدوام، بينما يشعرون داخلياً باليأس و الحزن و عدم الرغبة في ممارسة الأنشطة.

و من أعراض هذا الاكتئاب: الإفراط في تناول الطعام و الشعور بالثقل في الذراعين و الساقين و الشعور بالحساسية المفرطة تجاه النقد أو الرفض و نلاحظ ازدياد الحالة بشكل كبير في ساعات المساء فضلاً عن الشعور بالحاجة للنوم لفترات أطول من المعتاد.

تكمن خطورة هذا المرض بصعوبة تحديد المصابين به، و ربما تدفعهم حالتهم إلى الانتحار دون أن يتنبه محيطهم لهم.

و قد حذروا علماء جامعة كامبريدج أن ” الاكتئاب المبتسم” أكبر قاتل للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن ٣٥ عاماً في المملكة المتحدة. 

فما رأيكم هل نكون نحن قاتلين لأنفسنا بدلاً من أن تستمتع بكل لحظة منحنا اياها الله و نكون حامدين و شاكرين لنعمه التي لا تعد و لا تحصى، فمهما اشتدى بنا الكُرب لا بدَّ من فرج الله.

ليس من المُعيب أن نمر بهذه الحالة لأننا بشر و لنا الحق العيش بكامل مشاعرنا و أحاسيسنا، ولكن من الخطأ القاتل أن لا نبوح بما يعتمل بداخلنا إلى أن نكون يوماً ما قاتلين لأنفسنا.

أتمنى لكم حياة صحية

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله