من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

خربشات اعتذار

خربشات اعتذار
محمد حابس البوريني
الاردن

(بتصرف)

ثقافة الاعتذار أو سمها ما شئت
يعتقد كثيرون أن الاعتذار نقطة ضعف لا يجب إظهارها
كونها دليل انكسار وهزيمة لا تليق بهم
ومن هذا المنطلق فإن أشد المكابرين الرافضين للاعتذار
هم من الذين يصنفون أنفسهم كطبقة مثالية لا تخطئ وإن أخطئت فهي سامية لا تعتذر لمن هم دونها مرتبة
وفي هذا شيء من صفات الشيطان ألا وهو الكبر
الاعتذار ليس دليل ضعف أو فشل
كي نخجل منه
يكفي أن نعلم أن مجرد الاعتذار
هو اعتراف بالخطأ ورجوع عنه
وبالتالي فإن ترجمة هذا الشعور إلى فعل حسي ملموس
يحتاج إلى قوة محركة تجبر النفس على النزول إلى الحق ومحاسبة ذاتها وهذا لا يكون إلا عند من ملك صفة الشجاعة
إذا كنت من الذين يجبرون الإساءة بالاعتذار فاعلم أنك شجاع
في بعض المجتمعات يعتبر الاعتذار جزءا من مقوماتها وثقافتها الفكرية
فتراهم يزرعون في أطفالهم ثقافة الاعتذار منذ الصغر
حتى أن الأمر عندهم وصل حدا جعلهم يقرنون الصفح عن المخطئ
أو تخفيف العقوبة عن المجرم بالاعتذار
وسنجد أنه وعندما تخطئ النخب في هذه المجتمعات فإن أول مطالب هو دعوة المخطئ للاعتذار عن خطئه بحق الدولة والمجتمع وحتى الأفراد
الاعتذار ليس كلمة تقال في زحمة الحديث وتبرير الخطأ
أو البحث عن مخرج من الورطة التي سببها سلوك ما خاطئ
الاعتذار يعني الاقتناع التام بأن هناك خطأ ينبغي تصحيحه
وهو ما أوجب الاعتذار وبالتالي فإن نوع الاعتذار لابد وأن يقترن بنوع الخطأ وحجمه
أن نخطئ فنعتذر لا يعني أننا أشخاص سيئون
بل جيدون لأننا نحاول إصلاح أخطائنا
فليس من بشر معصوم عن الخطأ بعد الرسل
الاعتذار الصحيح له شروط لابد من توفرها وأهمها:
سرعة المبادرة بالاعتذار عدم محاولة تبرير الخطأ الصدق في الاعتذار
عدم التعالي أو التلاعب بالكلمات
اختيار الوقت
قد تكون نية البعض بالاعتذار صادقة
لكن طريقة اعتذارهم ربما تزيد الأمر سوءاً
فتفاقم المشكلة بدل حلها
ومرد هذا الأمر جهل بثقافة الاعتذار والسلوك الذي ينبغي إتباعه فالاعتذار هدية تعبر عن تقديرنا وحبنا أو احترامنا لمن أخطأنا بحقهم
اعتذر أولا عن الخطأ وبشكل واضح وصريح لا لبس فيه
ثم ناقش وبرر ووضح في حال دعت الضرورة لذلك
الخطأ مع الله عز وجل هو أعظم الأخطاء حيث يقابله استغفار وتوبة نصوح
وهو أسمى مراتب الاعتذار
والتوبة هنا أسف وندم مقرون بتعهد على عدم الرجوع لهذا الخطأ مجددا
لكن الإنسان بطبعه مجبول على الخطأ فنجده يعود إلى معصية الخالق بشكل أو بآخر فيذنب ويتوب ثم يذنب ويتوب
ولايزال الله يغفر ويقبل توبة العبد مالم يغرغر يقول الله عز وجل:
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). الزمر:3. (كل إبن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) حديث
الاعتراف بالخطأ فضيلة والاعتذار عنه فضيلة أخرى
كلاهما فضيلتان تعززان الحفاظ على روابط الألفة والمحبة بين البشر
وهما في نفس الوقت وسائل تمنعنا من فقدان من نحب
الاعتذار بلسم يشفي الكثير من الجروح، ويمنع تطور الخصومة إلى جفاء فعداوة
يعتقد البعض أن من البشر من لا يستحق الاعتذار
في حين أن البعض الآخر لا يتردد بالاعتذار لشخص غريب
لكنه يجبن عن الاعتذار لقريب أو صديق
وهذا تناقض صارخ مرده لأحد أمرين:
إما استعلاء وتكبر
أو أنه يتوقع من الطرف الآخر أن يتفهم الموقف ويسامحه بشكل آلي
بعض الناس لا يعتذر لمن هم دونه
لكنه لا يتردد في بذله رخيصا لمن هم فوقه
أو لجهة قوية نافذه يخشى ردة فعلها
وهذا لعمري قمة الضعف لأن الخوف كان هو الدافع للاعتذار
الأمر الذي يمكن تصنيفه بالحالة المرضية أو سوء الفهم
الاعتذار لغة النفوس الراقية التي تحترم ذاتها ولا يكون إلا بطريقة ودية تعبر عن رقي وفهم المخطئ لخطأه
وحرصه على عدم خسارة من أخطأ بحقهم
Ⓜ️🕊️🌺❣️🌺🕊️Ⓜ️

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله