من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

حقول التجارب العربية

د. احمد لطفي شاهين

فلسطين المحتلة

منذ بداية ظهور ما يسمى الربيع العربي  والمئات والآلاف من ابناء الوطن العربي يقتلون يوميا بأشكال وأساليب متعددة ولو انتقلنا الى ما قبل الربيع او الخريف العربي فمسلسل القتل وشرب الدماء العربية بدأ منذ الاحتلال الامريكي للعراق حيث بدأنا نسمع بمئات القتلى يوميا في كل مدن العراق ولو رجعنا الى الوراء لسنوات سنجد ان الشعب الفلسطيني كان ولا يزال يموت يوميا وبكل الطرق منذ سنة 1948 والى اليوم وليس من الضروري ان يموت الانسان بالقصف او بالرصاص …  فطرق الموت متعددة لكن الموت واحد

كلنا يؤمن انه لا طعم للحياة في ظل الظلم والسجن ولا تستقيم الحياة الا اذا كان الانسان حرا بالمعنى الشامل لمفهوم الحرية  لكنني ايضا مع  النظام والقانون والعدالة الاجتماعية وعندما تكون الثورة من اجل الاصلاح والتغيير يجب ان يكون الاصلاح بعلاج الفساد وزيادة الامور الصالحة صلاحا وليس التخريب الممنهج ..

كما يجب ان يكون التغيير الى الافضل وليس الى الأسوأ ويجب ان يكون التغيير باقل الخسائر المادية والبشرية لان قيمة الانسان اغلى من كل الثورات ولأن ازهاق الروح ليس امرا بسيطا فنحن بشر وليسوا خراف ولا نعاج ولا يجوز قتلنا بهذه البساطة وما نلاحظه ان مسلسل الثورات بدأ وتزامنت معه مسلسلات القتل وشلالات الدم العربي بكل الطرق..

قصف وقنص وسيارات مفخخة وغازات كيماوية و و و  فالمهم عند من خطط للثورات العربية هو قتل اكبر عدد ممكن من العرب والمسلمين في كل مكان وكأن ما يحصل هو تنفيذ لعقيدة صهيونية تتمثل في شهوة الدم الغير يهودي وبقاء اليهود فقط وفناء العرب والمسلمين حتى يبقى عدد اليهود هو الاكثر على وجه الارض وكل من يموت هو من  (( الغوييم )) بالمصطلح الصهيوني الشهير الذي يعني خدم اليهود …وكأننا فعلا خراف  بل نعاج

لقد تطورت الامور في البلدان العربية بشكل غير مسبوق وبدأ الاخوة يقتلون بعضهم البعض وكان لنا السبق العالمي في قتل بعضنا البعض بشكل يورث الخزي والعار للابد وذلك بسبب الانتماء الحزبي والعنصرية البغيضة والفشل في استيعاب الاختلاف والسقوط في فخ الاختلاف بدلا من استثماره للصالح العام ….

فالأصل بين البشر ان يكونوا مختلفين ولا يجب ان يتطابق الفكر حتى نتفق بل الابداع يتمثل في ان نتفق ونحن مختلفين فكريا مادمنا يجمعنا اكثر ما يفرقنا فنحن مسلمين عرب في وطن واحد لغتنا واحدة ديننا واحد مصيرنا واحد يجب ان نتفق وان نستثمر اختلافاتنا لكي نكون نموذج راقي وفريد في الحياة الاجتماعية والسياسية وعندما نكون كذلك فاننا سنكون اقوى لاننا متماسكين رغم اننا مختلفين وكل واحد منا يمثل شريحة معينة من الشعب وبيننا انسجام واتفاق لمصلحة الوطن ككل

الأصل ان وجود المعارضة امر ايجابي لمصلحة الوطن لكننا نفهم الديمقراطية بشكل خاطئ ..  وللاسف استطاع المخططين للثورات العربية ان يزرعوا فينا التعصب والتشدد لأفكارنا واصبحنا نعتبر انفسنا آلهة لا نخطئ واصبح كل واحد منا متشبثا برأيه ويعتقد انه على الحق المطلق ولم يتوقف أي شخص منا ليسأل نفسه سؤالا مهما جدا : هل  انا فعلا على الحق ؟؟ هل الحق الذي ادعي انني عليه هو الحق الذي انزله الله ؟ او فرضته القوانين الموجودة؟؟أم انني ادعي انني صاحب حق لانه يخدمني ؟؟  هذا سؤال في منتهى الخطورة ارجو ان نسأله لأنفسنا جميعا وان نجيب عليه بموضوعية وان نحاسب انفسنا قبل ان نقتل بعضنا فلا مبرر لازهاق الروح اطلاقا ..

ولقد كانت نتيجة حتمية لهذا الخلل في ادارة الاختلاف فيما بيننا اننا وصلنا الى ما نحن عليه الآن من قتل وتخريب ودمار لمجتمعاتنا ومقدراتنا ونهب لثرواتنا ونحن نرى بعيوننا تلك السرقة ولا نستطيع ان نتدخل فكلنا مشغولين في السباحة في دماء الآخر …  وكيف سأحافظ على ثروتي القومية والوطنية وانا اسبح في الدم ولو فكرت ان احافظ سأغرق في الدم وسيقتلني من اريد ان اقتله …. هذه هي المعادلة التي تحكم الوطن العربي اليوم .. للاسف الشديد

ففي ظل القتل اليومي في العالم العربي يتم ضخ وبيع البترول بنظام ودقة وعلى مدار الساعة ..وسابقا تم بيع كل سلاح الجيش العراقي السابق على اساس انه حديد خردة ويتم سرقة الصخور والرخام والرمال والكثير من الخيرات العربية .. بالاضافة الى كل ذلك فإن كل الأسلحة التي يتم استخدامها لقصف الاهداف العربية  وتدمير المقدرات وقتل العرب .. يتم دفع فاتورتها من دول عربية أخرى ..

فنحن نموت بأسلحة متعددة المصادر يدفع ثمنها العرب لتقتل العرب وتدمر المقدرات العربية في الاراضي العربية  وهذا  القتل اليومي المتعمد لأبناء الوطن العربي هو لخدمة اليهود اولا ثم لخدمة الغرب كله بلا استثناء فالكل يريد ان يلتهم حصته من الكيكة العربية

ما اريد ان اصل اليه في هذا المقال هو زاوية خاصة بالتجارب فلن يجد العالم (الغربي) ساحة للحرب افضل من الوطن العربي لتجربة الاسلحة التي يصنعونها على اجسادنا وبيوتنا وتراثنا ومقدراتنا  ولا يجب ان ننسى نحن العرب ان ملة الكفر واحدة فلا فرق بين صهيوني او امريكي او روسي او اوروبي او بوذي او هندي او صيني … الخ

فالكل يستهدف العرب والمسلمين في كل مكان طالما الضحية ليست من طرفهم ولو دققنا الملاحظة سنكتشف ان مبيعات الاسلحة الصهيونية تتزايد بالمليارات بعد كل حرب على قطاع غزة وسنلاحظ ان طائرة معينة ومنظومة صواريخ جديدة وقنابل مجهولة التأثير وامور لم يتم تجربتها من قبل … كلها تم تجربتها في سوريا واليمن والعراق وليبيا,,  وبعدها تم بيع صفقات منها للعالم الذي يتلهف لاشباع شهوته من شرب الدم العربي

فالنتيجة النهائية هي بيع صفقات اسلحة بالمليارات بعد تجربتها بنجاح في الحقول التجريبية العربية  في ما يسمى الحرب على الارهاب والغريب بالموضوع ان قادة التنظيمات ( الارهابية ) التي يحاربوها في بلادنا  يستقرون في لندن وواشنطن ويطلقون التصريحات من هناك.. ..

انه غباء وعمى فكري يسيطر على العالم العربي حاليا وسيبقى الوطن العربي حقلا للتجارب في كل المجالات طالما استمر تعطيل العقل العربي عن التفكير ولو دققنا في كثير من المنتجات الاوروبية سنلاحظ انه مكتوب عليها بوضوح ( لا تباع  داخل الولايات المتحدة – ليست للبيع دخل المملكة المتحدة – لا تباع لاطفال هولندا او فرنسا – يحظر بيعها داخل حدود الدنمارك  – صنع في الصين للتصدير الى العالم الثالث …..صنع في روسيا على ان لا يباع داخل روسيا ..  يعني الجماعة بيحبونا كتير وصانعين لنا مأكولات  خصيصا. هنيئا لنا.. )

بالإضافة الى ذلك فإن كثير من الادوية والعقاقير الطبية لا تباع الا في العالم العربي  لمعرفة اثرها ومدى نجاعتها ويقوم كثير من الاطباء عندنا بتجربتها بمنتهى الغباء على ابنائنا بدون فهم لا وعي حتى على مستوى الاطباء فالكثير منهم يذهب الى اوروبا واوكرانيا ويشتري شهادة الطب ولا تباع الشهادات الا للعرب (خصوصا الاثرياء اصحاب البريستيج العالي )حتى يعودوا الى بلادنا بشهادات مزيفة ويساهموا في حقل التجارب التخريبي ضدنا وليس مهما مدى تمكنهم في العلم طالما سيكون لهم دور جوهري في قتلنا وذبحنا وتشويهنا وليس مسموحا  لذلك الطبيب ان يعمل في البلد التي تخرج منها ويتم ترحيله الى بلاده بعد انتهاء الدراسة لان ابنائهم غاليين عليهم بينما نحن العرب لا قيمة لنا ولا لدمائنا ولا لمقدراتنا ونحن وقود لكل شيء حيث يحرقوننا بكل الطرق عسكريا وطبيا وسياسيا واقتصاديا وسنبقى كذلك الى ان نقوم بثورة واعية على كل شيء ولكن قبل ان نثور يجب ان نكون على مستوى عالي من الوعي  ..

فالثورة الغير واعية تهدم المجتمعات.. ارجو ان نستخدم عقولنا في التحليل وان ننشر الوعي فينا بيننا بلا تعصب ولا تشدد وان نحافظ على وحدة بلادنا وان نتفاهم ونتصالح ونتسامح مهما كانت درجة اختلافنا  .. فالوطن ومستقبل ابنائنا أهم من آرائنا ..

ارجوكم اسرعوا في الاتفاق والتفاهم والوحدة  يا قادة شعوبنا واحزابنا من كل الاطياف.. حتى تتحقق مصلحة الشعوب العربية الضائعة بين تجاذبات السياسيين ومصالح المنتفعين

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله