من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

أطفال التوحد و السلوك الجنسي ومبدأ اللذة بمفهومه الواسع

“عرض” : الاستاذ نوح رابي psychologue

“قراءة وتوضيب” : عبد الحفيظ بودربيلة أستاذ التربية الموسيقية 

السلوك الجنسي لا يختزل في الممارسات و السلوكيات الجنسية فحسب، لكن الجنس بصفة عامة مرتبط بمبدأ اللذة بمفهومه الواسع، وهو بمثابة جهاز يكشف لنا التناقضات الداخلية للفرد وصراحتة وعلاقتة مع ذاته وعلاقته مع المجتمع، وهو جماع بين شخصين أو فردين في حالة زواج أو داخل اطار معين، وهو متعة عابرة لحظية ووقتية، يقاس باللذة، كذلك هو بمثابة ضريبة يؤديها الزوجين أو الشخصين دون الحديث عن تفاصيلها أو التطرق لها، باعتباره سلوك فطري طبيعي بالنسبة للمجتمع ومسكوت عنه لا يمكن أن يكون موضوع نقاش لاسباب متعلقة بالحياء وبالتقاليد وعدم فهم الدين و الاعراف وغير ذلك.

ويظهر هذا الاخير تبعا لمجموعة من الخصائص، من تغيرات على مستوى الاستقلالية والزيادة في الادراك والنمو السريع، والتغيرات البدنية و التناسلية.

و السلوك الجنسي هو رغبة في الطرف الاخر كجسم وكعاطفة. لكن في حالة التوحد فالجنس يترجم في أعراض الانعزال والتكرارية والنمطية والانطواء، وذلك ناتج عن الصفات النوعية والجوهرية للمراهقين ذوي التوحد في العلاقة مع الحميمية، الشيء الذي يجعلنا نطرح سؤالا.

هل أعراض التوحد هي التي تؤدي الى اختلال في النشاط الجنسي؟ أم العكس، النشاط الجنسي هو الذي يؤدي الى تفاقم أعراض التوحد؟.

بالنسبة للرغبة الجنسية هي موجودة لدى اطفال التوحد البالغين، لكن المشكل يكمن في لحظة التعبير عن هذه الرغبة المرتبطة بالانحراف مع الاشارات الجنسية المختلفة والمعروفة والمألوفة، والثي لها علاقة مع أشياء كثيرة وسلوكيات معقدة.

مثلا -العمر -الجنس، ذكر أم انثى -استعمال الادوية – درجة الاصابة بالتوحد، فضلا على المناهج التربوية المتبعة من طرف المراكز والجمعيات، خصوصا تلك الثي لها صلة بالنشاط الجنسي، فعندما يتداخل الجنس كنشاط حميمي تواصلي اجتماعي فانه يأخد صبغة اضطرابية، كالارتباط القوي بين التواصل الشفاهي والسلوكيات الجنسية، بحيث المراهقون الذين يعانون من التوحد والذين يتوفرون على مهارات لغوية ، يتمكنون من بلوغ النشوة الجنسية بطريقة أو بأخرى، عكس هؤلاء الذين يفتقدون هذه المهارات بسبب صعوبات في التواصل الشفاهي.

اذن التواصل ضروري في الجنس ولا جنس بدون تواصل، والتواصل حاضر وضروري في تحقيق السلوك الجنسي، فعندما نتواصل مع الطرف الاخر يكون موضوع الرسالة هو الجنس، فتصبح الكلمة والفعل والحركة والايماءات حاملة للرسالة الجنسية، ولكن في حالة التوحد رغم أنها تحمل رسالة بها دلالات جنسية، فهي تظل مغلفة تصعب قرائتها وغير مفهومة نتيجة صعوبة في التواصل، فيصبح مسار التعبير عن الجنس غير متوافق عليه اجتماعيا ، فالطفل المراهق لا يفهم ولا يفقه التغيرات الجسدية التناسلية، وما الذي يجري خلال هذه التغيرات.

و كذلك المحيطون به يجدون صعوبات بالغة في العبور به الى بر الامان خلال هذه الفترة العصيبة. وفي اطار التفاعل الاجتماعي الذي يمثل القدرة على التوجه نحو الاخر ونحو الغير من أجل مقاسمة فكرة معينة، أو شعور وجداني معين.

فالراشد عندما يتفاعل وجدانيا وجنسيا يأخد هذا التفاعل صبغة جنسية تتخللها مجموعة من الايماءات وتعابير الوجه، وحركة العين، الا أن المراهق المصاب بالتوحد في اطار الرغبة الجنسية، غالبا ما لا يتجه نحو الغير، بل يتجه نحو الذات كتعبير عن الشبقية الذاتية، أو الاهتمام بصفات الاشخاص والاشياء، كالروائح و الشعر والقائمة طويلة.

فالجنس كنشاط نمطي روتيني ومرجع تابث ومتكرر، يمكنهم من تدبير وضعية القلق والتوثر وعنصر المفاجئة، وذلك حسب تداعيات المرحلة العمرية.

فالطفل التوحدي الصغير يكون هدفه وهوسه الكبير هو اللعب بالدرجة الاولى، لكن في مرحلة المراهقة يكون الجنس هو مركز اهتمامه ويتحول هذا النشاط النمطي أحيانا وفي الغالب الى نشاط وسواسي قهري جنسي، بوجود رغبة جنسية غير مضبوطة، وغير متحكم بها، فتبقى المشاكل الجنسية مطروحة بحدة و بشدة، فحتى معظم الدراسات الثي تطرقت لموضوع الجنس عند أطفال التوحد الراشدين هي قليلة جدا بالمقارنة مع الدراسات الثي تطرقت وتناولت التوحد بعينه بتعريفاته وتشخيصاته

–جمعية الخير لذوي الاحتياجات الخاصة -شيشاوة-

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله