من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

قصة قصيرة للقاصة صوفيا مهدي الهدار بعنوان: (رسالة)!!!..

عندما عاد  وجدها في فناء الدار، تحرك الجمر في تنور الطين بعصا، هاجمته بسؤالها:
– أين كنت طوال هذا الوقت؟
–   لقد أخذت الرسالة التي بعثها أخوك لأبحث عمن يقرأها.
ألقت بالعصا جانباً في حنق، ووضعت يديها على خصرها، وقالت:
ومن سمح لك تفتش في صرتي وأغراضي دون إذني؟!
فرد معاتباً: هل هذا جزائي، هل هذه شكراً التي استحقها؟
كتمت غيظها قائلة:
– لعلك أعطيتها لمن هبّ ودبّ؟
– وهل قيل لكِ بأني غبي، لقد ذهبت بها لجعفر.
غسلت يديها في إنا ماء قرب التنور، ومسحتهما  بطرف ثوبها، وفي فضول سألت… وماذا قال؟
جلس الزوج إلى الظل متكئاً على جدار الطين، فجلست بجانبه تستنطق شفتيه، فقال:
– لقد تلعثم جعفر كثيراً وتهجى طويلاً، ثم بلع ريقه مرات عديدة، وأخيراً اعترف أنه لا يستطيع القراءة.
ضربت على صدرها باستنكار… خيّبه الله، وما فائدة الكتب التي يحملها في ذهابه وإيابه؟
دعك منه، قال الزوج وأردف:
– فكرت بعدها وأخذتها لسعيد صاحب الدكان.
– وماذا قال؟
رد الزوج بنبرة إعجاب :
– أما سعيد هذا فقد جلس وارتاح، ومط شفتيه، وتنحنح، وسعل ثم قال….
– هاه ماذا قال؟!!، سألت بنفاد صبر.
– قال أن أخاك رآك في المنام في وضعٍ مزرٍ، وحالٍ ضيق، ففكر بأن يرسل لك بعض المال.
هبّت واقفة في حماس، وفي مشهد درامي راحت تقول:
هذا هو أخي ابن أمي وأبي، يشعر بي وهو في آخر الدنيا، لقد أحس أنني في جوع أشتهي الطعام الجيد، لكأنه رآني في هذه الملابس الرثة…
غضب الزوج وألقى بعمامته على الأرض :
– ويحك يا امرأة، اصمتي وإلا من يسمعك سيظن أنني لا أطعمكِ ولا أسقيكِ، وأني في الأعياد لا أكسيك. ِ
ردت بسخرية، وقد تغيرت نبرتها الدرامية:
– بل اصمت أنت، وكأنك تغرقني في النعيم، وكأن الذهب من فوقي ومن تحتي… دعك من هذا الآن  وقل لي متى سيرسلها؟
– مع أقرب مسافر، قال ببرود.
شبكت يديها إلى صدرها بفرح، وأغمضت عينيها حالمة…
ولكنه قطع عليها حلمها عندما قال:
– نسيت أن أخبرك…
– ماذا؟!!!!
– سعيد يريد أن أسدد ما علينا للدكان، وسمعنا صالح بائع السمك فطالبني بالدين، كذلك التقطت خولة الدلالة  حديثنا وقالت إنها ستمر عليكِ لتأخذ ثمن القماش والبخور، وسمعنا….
هنا زأرت الزوجة وكادت أن تلتهمه بنظراتها :
– تباً لك أيها الأحمق، لم تجد إلا سعيداً صاحب الدكان لتأخذ الرسالة إليه… ثم من سمح لك أن تأخذ رسالتي دون علمي أصلاً. … كنتُ سآخذها لأحد معارفي بنفسي، وكنا سنصرف المال كما نشاء…
– وما أدراني أنا؟!!!
– هاه ما أدراك… حسناً…
والتقطت العصا من الأرض وهوت بها على رأسه.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله