من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

فقيرالجيوب غنيُ العقل

بقلم إيناس السواح

ليس عيباً فقر الجيوب ،لكن العيب هو فقر العقول!
تلك الكلمات كان دائماً يرددها لأنه يعلم أن العلم من سيرفع قدره وليس المال .
الناس تنظر له أنه متسول فملابسه كانت متقطعة من كثرة العمل ووجهُ ويديه مليئين بالشحار الأسود ، لكن كان عنده كنزٌ ثمين في غرفته التي تقع على حافة المدينة ،عالم من المعرفة يسافر عبر الزمان والمكان وهو في مكانه ،وعقلهُ كان غني بالعلوم والمعارف.
ذات يوم كان يكنسُ إحدى المسارح في مدينة أرض العلماء وفجأة سمع ضجيج الناس .
_لن يأتي أمير العلماء
_أمير العلماء مريض
_من سيتحدث أمام اللجنة العالمية للعلوم البشرية والتنمية الذاتية؟!!
لم يصدق ماسمع إنها فرصته ليحقق حلمه وهذا المجال كان مايدرسهُ ومايبحث عنه .
فقال لهم _ألا تحتاجون لبديل؟
نظر إليه منظم الحفل نظرة سخرية وقال له…
_نبدل أمير العلماء بأمير النفايات
وبدأ الجميع يضحك بسخرية وأستهزاء ،ولكن كان يملكُ ثقة شديدة بذاته وكان يعلم أن الأمير هو أمير بأخلاقه ومبادئه وعلمه، أبتسم لهم نفس الأبتسامة وقال…
_لولا أمير النفايات لكان المسرح مليء بالقاذورات ،دوري مهم مثل دور أمير العلماء .
وأكمل عمله كأن لم يحدث شيء،ومع هذا لن تنحل العقدة التي واجهتهم ،كان معهم رجل كبير بالسن ويعلم كم أن هذا الفتى عقله كنزٌ من المعرفة وأدرك أنه الحل الوحيد لهذه العقدة …
فذهب الشيخ وقال له_يابُني أنت الحل الوحيد تعال معي
_إلى أين يا سيدي
_إلى حلمك ،سأفاجئ أولئك المتكبرين بك
فذهب مع الشيخ وأعطاه ملابس نظيفة وماكينة حلاقة ،فرتب نفسه وخرج ،نظر إليه الجميع بإندهاش وكانوا يتساءلون هل هذا هو أمير العلماء ،لكن ضيق الوقت لم يسمح لهم سوى أن يعطوه المايك ليتحدث .
فوقف بإندهاش وثقة وكأنه ولد من جديد وبدأ يتحدث ويناقش وكانت اللجنة سعيدة جداً به وبالنهاية صفقوا له بحرارة وأعطوه جائزة نوبل كأفضل عالم وباحث .
فقال كلمات لن تمحى من أذهان كل من كان موجود في هذا اليوم .
_منذُ ساعات كنتُ أكنس المسرح ولقبوني بأمير النفايات وأنا الأن أمامكم وكان أعتقادكم أنني أمير العلماء .
لكن في الحقيقة لقد عشتُ الدورين وفي كلتا الحالتين أنا سعيد وانا أعلم كم أن دوري مهم .
الفقر يا سادة ليس فقر الجيوب فأنا فقير في المال وبيتي صغير وأغلب الناس تعتقدُ أنني متسول لكن الفقر الحقيقي هو فقر العقول .
وأبتسم لهم إبتسامة الوداع الأخيرة وترك المايك على الحافة الخشبية ونزل من على المسرح ،وكان جميع من في الحفل مندهش وبدأوا يصفقون ويرمون الزهور له كتحية أحترام .
وبعد أنتهاء الحفل نزع الملابس وأرتدى ملابسه وأعطاها للشيخ متشكراً له على هذه الليلة الجميلة
وفجأة قطع حديثهم رجل
_مساء الخير أنا من لجنة العلماء ونحنُ فخورين جداً برجل نبيل مثلك كنا نتسائل لو تنضم لنا ؟!
لم يصدق ماسمع وكأنه بحلم
_هذا من دواع سروري
وتلك الليلة كانت نقطة تحول في حياة هذا الشاب النبيل .
وأثبت أن الفقر الحقيقي الذي يعاني منهُ بعض البشر هو فقر العقول وليس فقر الجيوب وللأسف أحياناً فقر العقول أخطر بكثير من فقر الجيوب….!

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد