من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

ذكرى غير منسية

بقلم: إيناس السواح  

ذهبت سارة لتقوم بعملها الصحفي في تلك المدينة التي تقع على أطراف دولتها، وأثناء سيرها ألتقت بتلك الملاك التي أصبحت مصدر للسلام في العالم .
ولن تنسى ذاك اليوم من بالها أبداً فلذلك كتبتهُ في دفتر مذكراتها وماأن وجدت تلك الكلمات لن تتردد أن تقص تلك الحكاية لأحفادها…
-الضجيجُ في كل الأزقة،والمدينة أشبهُ بمدينة الرعب ،أصوات الناس المرتفعة ،العربات ،الأطفال،
والأبنية العالية .
وكأنني في حلمٌ لاأعلم، ماهو سوى أنهُ مليءٌ بالضجيج والرعب.
كنتُ أمشي في دربي وفي قلبي ألف سؤال وسؤال ،وكأن الضجيج أراد أن يسكن فؤادي أيضاً، أحاول أن أبدو وكأنني لستُ غريبة عن هذا المكان فقلتُ لنفسي لأسرع بخطواتي قليلاً ،وفجأة الصمت عم المكان وحتى فؤادي سكنهُ الصمت ،ذاك الصوت الذي أشبهُ بصوت الملاك خطفني وخطف كل تلك الأصوات من حولي لأستمع له وقلبي يخفق ،فتاةٌ بعمر الورد تغني وتنشدُ لتداري مشقة الحياة بلحنٌ عذب، قد تشتري ببعض النقود رغيف خبز ،أو حلوى ،أو تجلسُ في مكان يحميها من الذئاب البشرية .
لاأعلمُ هل أصفق لها تحية أنها لم تستسلم للحياة أم أبكي على ملاك شاء القدر أن تكون يتيمة دون أحد،لاتملك سوى صوت ملاك الأمل الوحيد الذي يبقيها على قيد الحياة.
حاولتُ أن أتحدث إليها فأقتربت منها واعطيتها مئة دولار.
فأجابتني بإبتسامتها البريئة وقالت لي:_سيدتي أشكرك على هذه النقود ولتعاطفك معي ، لكنني أعلمُ كم أن الحياة مليئة بالمشقة خُذي خمسة وسبعين دولار ولن أخذ سوى الخمسة والعشرين .
_نظرتُ إليها نظرة حزن وفي نفس الوقت مبتسمة على ذكاء هذه الطفلة رغم صغر سنها:لا ياعزيزتي أنا حقاً لستُ بحاجة إلى هذه النقود خًذيها .
لكنها لن ترضى وأصرت أنها لن تأخذ سوى الخمسة والعشرين دولار .
وذهبت بعيداً بخطواتها الخفيفة وكأنها ريشة تحلق في السماء،وأشترت قطعتين من الحلوى وعادت لي كالفراشة وأعطتني قطعة الحلوى وتشكرتني على تعاطفي معها وقالت لي_ أشعرُ أنك جديدة في هذه المدينة.
أبتسمتُ لها وقلتُ أنني صحفية وأتيتُ لأقوم بعمل بحث عن هذه المدينة .لن أستطيع أن أخرج من المدينة دون أن أساعد هذه الفتاةُ فأتصلتُ في هيئة إنقاذ الطفولة وأخذتها إلى مكان لتعيش به .
وبعد مرور خمسة عشر عام أصبحت هذه الفتاةُ مغنية في دار الأوبرا وحصلت على جائزة نوبل للسلام وقامت بمساعدة الكثيرين من الأطفال المتسولين واللاجئين في العالم.
لن أصدق نفسي عندما شاهدتها أيعقل بمجرد أنني ساعدتها بمكالمة تليفونية وبمجرد أنني وجدتُ لها مكان تأوى إليه أصبحت هذه الفتاةُ مصدر للسلام في العالم أجمع.
لقد أدركتُ كم من المهم أن نساعد من حولنا،أحيانًا مساعدة بسيطة قد تغير من حياة إنسان وتجعلهُ مبدعاُ .
لذلك ياأحفادي لاتتردوا في مساعدة أي إنسان ولو بكلمة طيبة .

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد