من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

أهمية الكلمة الطيبة

د.أحمد لطفي شاهين

جاء في القرآن الكريم في سورة إبراهيم قول الله تعالى مبيناً فضل الكلام الطيب : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم ْيَتَذَكَّرُونَ )
ولقد قرأت منذ فترة خبراً غريبا يقول أنه تم شفاء حالة مرضية معقدة إعتبر الأطباء شفاؤها بمثابة معجزة في عالم الطب الحديث، حيث أصيبت امرأة بمرض عصبي فقدت معه الوعي تماماً مما أدخلها في حالة غيبوبة محيّرة واستمرت على هذا الحال ، ولكن زوجها لم ييأس من شفائها، وكان يجلس كل يوم بجانبها يتكلم معها ويحدثها حديثاً لطيفاً وجميلاً ويؤكد لها بأنه يحبها ويحرص على شفائها، ومع أن الأطباءَ سخروا من تصرفه وظنوا أنه مجنون إلا أن هذا الزوجَ أكد لهم أنها ستفيق وان احساسه برفيقة عمره لا يخيب وأن قلبه يقول له: قل لها أنك تحبها وتكلم معها ولا تبتعد عنها أبداً …!!
بعض الأطباء ضحكوا
وبعضهم صمتوا ولكنهم لم يستطيعوا منعه من التشبث في الأمل … والأمل دوما في الله سبحانه وتعالى .. واستمر الرجل يتكلم يوميا ويهمس بجانب زوجته ويقرأ آيات القرآن الكريم ويبقى بجانبها ساعات يومياً لمدة تزيد عن الستة شهور ويرفض نزع الأجهزة عنها وتكفل بكل تكاليف العلاج الإضافية..
والعجيبُ أن الزوجةَ الغائبةَ عن الوعيِ استعادت وعيها بشكل مفاجئٍ.. !! وتكلمت وقالت لزوجها كنت أشعر بك واسمع كلامك ..
ووقف الأطباءُ مذهولين أمامَ هذه الحالةِ الفريدةِ من نوعها، فقد كانوا يتوقعون أن تموت في أي لحظة، ولكنَّها إرادة الله أولاً ثم كلامَ الزوجِ الجميلِ تجاهَ زوجتهِ الذي كان له تأثيرهُ البالغُ والمذهلُ عما عجزت عنه كل وسائلُ الطبِّ الحديثة (حيث أنه كان يخاطب العقل اللاواعي وهذا موضوع كبير لا اريد ان اتوسع فيه)
نعم..
لقد خلق الله بين الزوجين شعوراً طبيعياً متبادلاً بالحبِّ والمودةِ والرحمة، مما يؤدي إلى سكون الزوج إلى زوجته، وسكونها إليه أيضاً، وبالتالي تزداد بينهما المحبةُ والألفةُ كلما تبادلا الكلام الطيب. فالكلامَ الطيبَ له تأثير مذهل على النفس البشرية ولهذا كان النبي םבםב ﷺ يكثر من الكلامَ الطيبَ مع زوجاتهِ، ويعطيهنَّ اهتماماً بالغاً لدرجةِ أنَّ آخر وصاياهُ كانت أن استوصوا بالنساء خيراً.. وهذا ما يؤكده علماء النفسِ اليومَ بأن أجمل إحساسٍ لدى المرأةِ أن تشعر بقيمتها عند ابيها و زوجها واخوها وابنها ، وأن تشعر بأنها شيء كبير في نظرهِم، مما يساعد على استقرارِ الحالة النفسية للمرأة بشكل كبير وبالتالي لها تأثير إيجابي رائع على تماسك واستقرار الأسرة ومن ثم استقرار المجتمع ومنع الفساد الأخلاقي الناتج عن انعدام الحنان و الرحمة في بيوتنا نتيجة لغياب الكلمة الطيبة . ولقد أخبرَنا رسولنا םבםב ﷺ، أن الكلمةٌ الطيبة صدقةً، وإذا كانت الكلمةُ الطيبةُ لشخصٍ غريبٍ تؤثرُ في نفسيتهِ إيجاباً، فكيف إن كانت الكلمةُ الطيبةُ للأم او الزوجةِ او البنت أو الأخت، كم سيكونُ أجرُها وثوابُها عند اللهِ تعالى…؟
انه نداء الى الرجال أن يتكلموا مع اولادهم وبناتهم ونسائهم بأحسنِ العباراتِ وأطيبِ الكلامِ، وأرق الألفاظ وان يهتموا بمشاعرِهنَّ وعواطفِهِنَّ واحاسيسِهِنَّ واحتوائهنَّ بدفءِ، ودومًا قولوا لهن: أنكم تحبونهن وستظلون لهن عاشقين وأوفياءَ.
إن الكلام المليءَ بالحنانِ والعاطفةِ والرفقِ له تأثيرٌ مذهلٌ على كلٍّ من الزوجينِ، ويخففُ إلى حدٍّ كبيرٍ من المشكلاتِ بينهما.
قال الله تعالى: (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا)، من هنا ندرك عظمة قول الله تعالى:( وجعل بينكم مودة ورحمة)
‏لذلك كونوا رحماء على بعضكم ، ولاتفرّغوا مشاكلكم على من حولكم ف.كل نفس وروح مليئة بما يكفيها من الهموم.. اسعوا دوما إلى لملمة الامور وليس بعثرتها وهدمها.. فالعلاقات خلقت للرحمة ، للثقة ، والاحتواء ، للتكامل.
تبادلوا عطور الحياة بالحب والدعاء الطيب.. فالعطر ليس ماء الورد فقط.. !
العطر : هو قلوب تنبض بأطيب الكلام
و أرواح يفوح منها عبير الحب والتسامح و الصفاء والمودة و الاحترام
العطر الحقيقي : هو جوهر الإنسان الجميل صاحب القلب الطيب والكلام الطيب
فسلام ٌ لكم يا أصحاب الأرواح
الجميلة في حلكم و ترحالكم
ان الكلام الطيب وبهدوء أسلوب راقي هو سر الراحة في هذه الدنيا لأن أيامنا تمضي ويمضي معها العمر بمقادير مكتوبة ، لا يعلمها إلا الله، والتاجر الحقيقي هو : من يخطط في بداية يومه لكسب آلاف الحسنات دنيا وآخرة ؛ فالسوق قائمة ، والسلع معروضة ، والأرباح مضمونة ؛ والثمن كلامك الطيب فقط … فأكرموا من تحبون بكلمات طيبة وأفعال أجمل، لأن أرواحنا خلقت لفترة من الزمن وسترحل .. وهي دنيا فانية وليست جنة فاتركوا خلفكم أثرا طيباً .. وابتسموا وتسامحوا (وقولوا للناس حُسناً )
ختاماُ..إن القدرة على الكلام الطيب هي توفيق من الله[وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ (24) ] س.الحج .. فالكلمة الطيبة صدقة ومفتاح للقلوب وإن إماطةُ الأذى عن مشاعرِ وقلوبِ النّاسِ لا يقلُّ درجةً عن إماطةِ الأذى عن طريقِهِم
فاجبُرُوا الخواطر وراعُوا المشاعر وانتقُوا كلماتِكُم وتلطَّفُِوا بأفعالِكُم
ولا تؤلِمُوا أحداً فالقلوب موجوعة والنفوس مُتعبة والأرواح مُرهقة
والحياة كلها لا تستحق اي خصام . نسأل الله أن يوفقنا واياكم لاطيب الأقوال والأفعال.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد