من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

زيارة الرئيس السيسى للهند، وبناء تكتل تعاون إقليمى متمحور حول الآسيان والصين

الدكتورة/ نادية حلمى

الخبيرة فى الشؤون الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف

تأتى زيارة الرئيس السيسى إلى الهند، لترتيب شراكة إقتصادية وأمنية ودفاعية مشتركة مع أهم دول مجموعة الآسيان كالهند والصين، لما لهما من أهمية كبرى للجانب المصرى فى تعزيز ودعم ملف إنضمام مصر لتجمع البريكس الإقتصادى، والذى يضم الهند والصين والبرازيل وروسيا ثم جنوب أفريقيا لاحقاً، وذلك فى إطار سعى مصر لبناء والدخول فى شراكات وتكتلات إقتصادية عالمية، وهو ما يتماشى مع النهج المصرى الرسمى ونهج الرئيس السيسى، فى حث جميع الأطراف فى مجموعة الآسيان والقارة الآسيوية بشكل خاص، والهند والصين فى القلب منها، بأن تعتز بهيكل التعاون الإقليمى المتمحور حول الآسيان، وبأن تمضى قدماً فيه، وأن تعارض أى محاولة لتقويض الزخم الجيد للتعاون والحوار الإقليمى.

ويأتى النهج المصرى تماشياً مع مخاوف كلاً من دولتى ماليزيا وإندونيسيا، بشأن تطوير أستراليا للغواصات النووية فى إطار شراكة أوكوس الأمنية النووية الدفاعية الثلاثية بين أستراليا وبريطانيا وواشنطن. حيث عكست تصريحات ماليزيا وإندونيسيا حول التخوفات من نتائج إتفاقية أوكوس النووية مع أستراليا، نفس المخاوف المشتركة على نطاق واسع بين دول المنطقة الآسيوية، مشتركة فى ذات التوجهات مع الجانب الصينى ودعم مصر له فى هذا الإطار.

كما أن التعاون المصرى مع دول مجموعة الآسيان، ولا سيما الهند والصين، يتماشى مع النهج المصرى الرافض دولياً لمخاطر عدم الإنتشار النووى، وتأكيداً للتضامن مع دول مجموعة الآسيان ونطاقها الجغرافى والإقليمى المحيط كالصين وأندونيسيا وماليزيا وغيرها، بشأن التخوف من قبل شراكة أو إتفاقية أوكوس الأمنية الثلاثية والتعاون فى إطار صفقة الغواصات النووية، بما يخلق مخاطر إنتشار نووى إقليمى ودولى، ويقوض نظام عدم الإنتشار النووى الدولى ومعاهدة (منطقة جنوب المحيط الهادئ الخالية من الأسلحة النووية)، فضلاً عن تأثيره على جهود مجموعة دول الآسيان لبناء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى جنوب شرق آسيا.

ومن هنا، تتفق مصر وبلدان الشرق الأوسط فى أن شراكة أوكوس الأمنية الثلاثية تجسد عقلية الحرب الباردة وتمثل إزدواجية فى المعايير وإزدراء للقواعد الدولية المتعارف عليها بأجندة سياسية واضحة، لأنها تهدف فى المقام الأول إلى إدخال سياسة المواجهة بين القوى الكبرى والتكتلات فى المنطقة الإقليمية والتأثير على الإستقرار العالمى. كما أن إتفاقية أوكوس النووية مع أستراليا تثير المواجهة بين التكتلات وتجبر دول المنطقة الآسيوية على الإنحياز إلى جانب واحد، وتقوض بنية التعاون الإقليمى التى تركز على الآسيان بعقلية الحرب الباردة التى عفا عليها الزمن، وتعرض الإزدهار والإستقرار الإقليميين للخطر، لبناء قواعد ونظام يركزان على الولايات المتحدة الأمريكية فى ذات المنطقة للحفاظ على الهيمنة الأمريكية، وتحدى نظام عدم الإنتشار النووى الدولى الذى تمثل معاهدة حظر الإنتشار النووى حجر الزاوية فيه، لخدمة المصالح الذاتية الجيوسياسية للولايات المتحدة الأمريكية.

وذلك يتماشى مع النهج المصرى المؤيد للصين ولتجمع الآسيان، حول أن هيكل التعاون الإقليمى المتمحور حول الآسيان يتوافق مع تقاليد شرق آسيا والإحتياجات الواقعية ويشجع بشكل فعال على السلام والتنمية فى المنطقة، وبالتالى ينبغي الإعتزاز به والمضى قدماً من قبل جميع الأطراف.

وهنا تتفق مصر مع النهج الصينى والهندى والآسيوى ككل فى أن أى ممارسات خاطئة تضعف وتفرد مركزية الآسيان وتقوض الزخم الجيد للتعاون الإقليمى والحوار، كما أنها تخلق الإنقسام وتؤجج المواجهة فى المنطقة، وهو ما يجب التحذير منه ومعارضته من قبل دول المنطقة والمجتمع الدولى ككل.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد