من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

النفايات البلاستيك تشكل تهديد خطير وقتل للكائنات البحرية

   

مقالة علمية

 بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس استاذ ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان – عضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم.

لماذا يعتبر البلاستيك مضرا جدا بالحياة البحرية؟

تعتبر النفايات البلاستيكية من أكثر أنواع النفايات تواجداً في البحار والمحيطات وتعتبر البيئة البحرية الأكثر تضرراً منها، حيث تقتل النفايات البلاستيكية 1,000,000 طائر بحري و 100,000 حيوان ثديّ سنوياً. وتسبب النفايات البلاستيكية الموجودة في البحر ضررا كبيرا بالطيور المائية والأسماك والسلاحف، الكائنات البحرية تلتقط ما يطفو من مواد بلاستيكية، وتظنها غذاءً، الأمر الذي يعرضها للاختناق في كثير من الأحيان. طوال سنوات كنا تعتقد أن النفايات التي تلقى في مياه المحيط، تدور دورتها لتعود إلى حيث بدأت، ولكن يبدو أن حقيقة الأمر غير ذلك. إذ اكتشف أن ما يحدث أن الكائنات البحرية تقدم على بلعها، كما تتسبب أحياناً في اختناق بعضها. ويأتي الخطر الذي تواجهه الطيور البحرية والكائنات البحرية الضخمة مثل السلاحف البحرية، والدلافين، وعجول البحر من احتمال أن تعلق هذه المخلوقات في الأكياس البلاستيكية وفي باقي أشكال الحطام أو تعتبر خطأ أن البلاستيك هو بمثابة الطعام الذي تبحث عنه. ولا يمكن أن تفرق السلاحف بين الأكياس البلاستيكية وقناديل البحر التي يمكن أن تكون جزءا من طعامها. ويذكر أن الأكياس البلاستيكية تتسبب عند ابتلاعها في انسداد داخلي وعادة ما تؤدي إلى الموت. أما الأكياس البلاستيكية الضخمة فيمكنها أن تدمر النظام الهضمي عند الطيور البحرية والحيتان، ويمكن أن تقتل هذه الكائنات. وفي بعض الأحيان تقذف البحار بعض الحيوانات البحرية النافقة، بسبب المواد البلاستيكية التي تبلعها على اعتبار أنها غذاء. وكانت مجلة “ناتشر” نشرت أنه في جزء من المحيط الأطلنطي، الذي يقع بين كاليفورنيا وهاواي وجدت جزئيات كثيرة من البلاستيك، وللأسف هذه الجزيئات تزداد باستمرار، مما يجعل كمياتها ستفوق السمك مع حلول عام 2050. ووجد العلماء أن حجم مساحة الزجاجات والحبال ومقاعد المراحيض والشظايا تفوق حجم مساحة فرنسا، وأكبر 16 مرة من التقديرات التي توصلت لها دراسة سابقة أجريت في 2014. أما شباك الصيادين فهي شاهدة على تلك الكارثة البيئية، فكل 42 ألف طن من البلاستيك يأتي 82% منها خلال شباك الصيادين. وفي الوقت نفسه تعد شباك الصيادين المفقودة في مياه المحيط جزءاً من التلوث، حيث تجرفها المياه فتحاصر الكائنات البحرية. وليس هذا فقط هو المضر  بالحياة البحرية، ويقول الكاتب جيمس وودفورد، المتخصص في الكتابة عن الحياة البحرية وصاحب كتاب “ذا جريت بارير ريف آند جريت وايت” إن وقوف السفن في منطقة الحدائق البحرية والشعاب المرجانية مضرة بتلك المنطقة التي أوشكت على الانقراض وتشير بيانات المسح الساحلي إلى أن الشحن والصيد وتربية الأحياء المائية تمثل 28.1% من مدخلات البلاستيك للمحيطات، وهذه النسبة لا تطفو فوق سطح الماء بل تغرق إلى قاع المحيط

وبمرور الوقت، تتحلل النفايات البلاستيكية ببطء وتتحول إلى شظايا متناهية الصغر تتسبب أيضا في قلق العلماء. ووجدت دراسة مسحية حديثة أجرتها جامعة بلايماوث أن البلاستيك وُجِد في ثلث السمك الذي تم صيده في بريطانيا بما في ذلك سمك القد، وسمك الحدوق، وسمك الأسقمري، وقشريات البحر. ويمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى سوء التغذية أو الموت جوعا عند الأسماك، ويقود بالتالي إلى ابتلاع الإنسان البلاستيك أيضا. ولا يعرف تأثير البلاستيك على الإنسان الذي يهضم السمك الملوث بهذة المادة.

وفى عام 2016، حذرت هيئة سلامة الأغذية الأوروبية من الخطر المتزايد على صحة الإنسان وعلى سلامة الأغذية “أخذا في الاعتبار التلوث المتناهي الصغر المحتمل عند ابتلاع أنسجة الأسماك التجارية”.

وتتراكم النفايات البلاستيكية في مناطق بالمحيط حيث تُوَّلد الرياح تيارات هوائية دائرية على شكل دوامات وتَعْلَق بأي حطام عائم. هناك خمسة أنواع من هذه التيارات الهوائية الدائرية في مختلف أنحاء العالم لكن أشهرها يوجد في شمال المحيط الهادئ. وتشير التقديرات إلى أن الحطام يستغرق ستة سنوات للوصول إلى مركز هذه التيارات الهوائية الدائرية في شمال المحيط الهادئ التي تأتي من سواحل الولايات المتحدة ونحو عام من اليابان. ويلاحظ أن هذه التيارات الهوائية الدائرية الخمسة تضم نسبة أعلى من النفايات البلاستيكية مقارنة بأي أجزاء أخرى من المحيطات. إنها تتكون من شظايا متناهية الصغر من البلاستيك، والتي تبدو وكأنها تقبع عالقة تحت السطح وهي ظاهرة قادت إلى وصف ما يحدث على أنه حساء بلاستيكي. والخصائص التي تتيح للنفايات البلاستيكية الصمود لمدة طويلة تعني أن بعض المواد تتطلب قرونا حتى تتحلل بشكل نهائي ولا تضر بالبيئة.

 

الطحالب على سبيل المثال والتي تتخذ من كل قطعة خشب أو بلاستيك موجودة في البحر مسكناً لها، وتلتصق بها باقي الكائنات مثل البرنقيل الذي يشبه صدفات البحر. ثم يأتي دور الكائنات البحرية التي تلتهم ما هو موجود في هذا الحطام مثل حشرة البق البحرية. ويرى عالم الأحياء مارتين ديل أن المرجانيات والكثير من الكائنات تلتصق أيضا بهذا الحطام العائم ابتداء من الأسماك الصغيرة إلى الأسماك الكبيرة مثل سمك التونة.وتتنبأ الدراسة بارتفاع منسوب مياه البحر بنسبة تتراوح بين 33 و43% من مناطق التعشيش الحالية التي تستخدمها السلاحف الخضراء على الشواطئ التي أجريت فيها الدراسة. وتتوقع الدراسة حصول زيادة في نسبة الإناث بنسبة بين 76 و93% بحلول عام 2100 في المناطق التي صنفتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ على أنها أعلى في درجات الحرارة، وفق الدراسة الميدانية التي أجراها الباحثون في غينيا بيساو (غربي أفريقيا)، وهي النتيجة التي يتوقع الباحثون نتيجة أن تتشابه مع المناطق المماثلة في درجات الحرارة على مستوى العالم. وليست درجات الحرارة فقط هي ما يهدد حياة السلاحف البحرية، إذ تشير دراسة سابقة نشرت عام 2017 في دورية العلوم البيئية والتكنولوجيا (إنفيرونمنتال ساينس أند تكنولوجي جورنال)، إلى أن الأنهار الرئيسية العشرة في العالم تلقي بنحو 410 آلاف إلى أربعة ملايين طن من المخلفات البلاستيكية سنويا في البحار والمحيطات، بنسبة 88 إلى 95% من جملة المخلفات البلاستيكية التي تتلقاها البحار المفتوحة سنويا. ووفق المسح الذي أجراه فريق من الباحثين من جامعة “إكستر” على المحيطات الرئيسية في العالم، حيث تعيش السلاحف، فإن 91% من السلاحف العالقة في النفايات البلاستيكية قد عُثر عليها ميتة. كما تمكن الباحثون من التحقق من وجود جروح خطيرة على أجساد هذه السلاحف نتيجة هذا التشابك الذي تسبب في حدوث تشوهات على أجسادها أو بتر أطرافها، أو وفاتها بالاختناق، في حين اضطرت السلاحف الناجية لحمل المخلفات أو الحطام معها في رحلتها بعد عجزها عن نزعه. ومع اقتراب درجات الحرارة من مستويات مميتة فإن تعداد السلاحف سيتوقف عن النمو ويبدأ الانخفاض. وتوضح المؤلفة الرئيسية للدراسة أنه مع استمرار درجات الحرارة في الارتفاع، قد يصبح من المستحيل بالنسبة للسلاحف غير مكتملة النمو البقاء على قيد الحياة. وتضيف أن الشواطئ قد تكون ملاذا جيدا في بعض المناطق، لكن السلاحف التي فحصتها الدراسة كانت تعشش على جزيرة صغيرة، لذلك فإن الشاطئ محدود للغاية، كما أنه قد تكون هناك حواجز طبيعية أو منشآت بشرية في أماكن أخرى تمنع وصول الأعشاش للشواطئ. هذا، وتعد السلاحف البحرية من أكثر الأنواع عرضة للانقراض بنسبة 85%، تليها الطيور البحرية بنسبة 27%، والأسماك الغضروفية 26%، والثدييات البحرية 15%، والأسماك العظمية 11%، وفق دراسة سابقة نشرت عام 2014 في مجلة “أكواتك كونزيرفيشن”. كما تشير دراسة سابقة أخرى نشرت في مجلة “نيتشر كلايمت تشينج” عام 2011، إلى أن تأثيرات تغير المناخ وارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو يؤديان إلى انخفاض إنتاجية الأنواع البحرية وتدهور المصايد السمكية.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد