من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

“ذكريات الطفولة” 2023

قصة جديدة بقلم سهيل عثمان سهيل

كان أفضلهم صديقًا ورفيق دربٍ معاقٍ ومحاط بثقافة الحرب..

إنهُ زميلي منذ الابتدائية، كان يسبقني بالهرولة من الطابق العلوي إلى ساحة المدرسة(مدرسة النجاح القديمة) ، وكنت انتظر عودته اثناء انتهاء الاستراحة متأهبا صعود الدرج، لكن سرعان ما يلاحظني كذلك ويصعد بقدميه والابتسامة لا تفارق محياه، كان انتقالنا إلى مدرسة الفاروق قبل أن تتدهور أوضاع البلاد، وبعد أن كبرنا ترك احدنا قلم الثانوية وأصبح من المدافعين عن الوطن حاملاً سلاح كلاكينشوف(روسي)
مرت السنون ولم تستطع وزارة التربية والتعليم أن ترشدنا حب الوطن، وسئمنا من الحضور في ظل غياب المعلمين بسبب انقطاع الرواتب..

***
ولحسن الحظ التقيت به في قاعة الامتحانات الوزارية للعام 2016/2017 وكان يعرق بشدة محاولاً حل مادة الرياضيات..
وكنت انظر اليه واتذكر أيامنا حيث كنا نلعب كرة القدم في ساحة مدرسة الفاروق الثانوية وقد انهار الفريق بعد ذهابه عنا، تذكرت كيف كان يسدد الأهداف لفريقنا.. فجأةً دخل مدرس المقرر وانقذنا من المسائل الصعبة أهالي الزملاء يقفون أمام عتبة القاعة لاشعارنا بمجيء لجنة الرقابة.
بعد انتهاء ذلك اليوم الشاق احتضنته وغادرنا سوياً، وقلت له:
– هيا يا رامي فلتلحق بي .. لم اكمل العبارة واذا به يسبقني كجندي متمكن أكثر كفاءة من الجنود الذين تخلفوا عن حماية اليمن.. وفعلا تفاجأت بحمله للسلاح المذكور آنفا، في حين كان يجلس على كرسي المدرسة بدونه، فقلت:
– ربما اخذه للتو من حراسة مدرسة النجاج الجديدة(مركز الامتحانات) وقص عليّ قصة الحرب وتراجع الجيش اليمني ليبرر لي دافعيته لحماية الوطن من الغزاة، حينها شعرت بحماس كبير للدفاع عن وطني وتعهدت له باخذ دورة تدريب بعد انتهاء الامتحانات لكني تفاجأت بغيابه في اليوم التالي، وراحت الفكرة..
مر اسبوع وأكثر ونسيت الذكريات حتى الحرب نسيتها وبعد مرور شهرين سمعت عنه انه أصيب برصاصة قناص يمني من الطرف المعادي مما أدى إلى ضمور كلتا قدميه فقد اخترقت الرصاصة ظهره وهشمت فقرات عموده الفقري..

في مساء هذاه الليلة، اليوم الثاني من شهر مارس لسنة 2023 قرأت أن العالم خصص هذا الأسبوع للاحتفال بالكرسي تحت شعار “اليوم العالمي للاحتفال بالكرسي المتحرك” وهي مناسبة يحتفي بها ذوي الإعاقة..

لذا لم يكن بمقدوري أن اتذكر كل المعاقين بسبب الحرب عدا صديقي وزميل الطفولة وقد كتبت اليه رسالة قبل قليل قلت له فيها :

مرحبا صديقي العزيز
إنني أشعر بنفس الشعور الذي تعيشه على امل ان يصبح للوطن قدمين فينهض بنا كشباب صرنا وقودا لهذه الحرب، وانت تعرفني أنني لا انتمي إلى أي طرف من الأطراف المتحاربة لكنك علمتني أن حب الوطن يدفع الإنسان ليحميه مهما كانت الطريق وعرة، مهما كانت الظروف صعبة، مهما كانت القيادات تسير عكس التيار، ولهذا انني ابعث برسالتي هذه ليس لكي اذكرك بموضوع الإعاقة التي أصابت الشعب منذ أصبحت مقعدا على كرسيك المتحرك بل هناك مناسبة ذكرتني بك وهي أن العالم خصص هذا اليوم للاحتفال بالكرسي ربما لزيادة سذاجة العالم ولكنها مناسبة جميلة فقدت تذكرتك حين قرأت مقال السيدة وداد الحيوي رئيسة جمعية النافذة البيضاء الاردنية وهي المناضلات في قضية ذوي الاحتياجات الخاصة..

عموما اتمنى لك يوم سعيد ودمت لي صديقا مدافعا عن وطني رغم الألم والإعاقة.. واي إعاقة هي تلك، غير إعاقة السياسيين وقسوة ضمائرهم، نعم صديقي فالجميع معوقون ذاتيا، لا يفكرون إلا بالحرب ولا يفكرون بحماية الوطن، كل الأطراف المتحاربة مصابون بفيروس الخيانة ويحاولون إعاقتنا من التقدم لكن غدا قريب سوف يكون لك طفل ويقف على قدميه ويعيد مرحلة طفولتنا من جديد.

جميع الحقوق محفوظة
فلسفة خاصة✒️📜 3/3
سهيل عثمان سهيل 2023

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد