من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

الإعاقة والتحرش الجنسي بقلم: وصال شحود

الإعاقة والتحرش الجنسي


رغم كل اجتهادات علماء الدين والإرشادات والمواعظ التي تلقى في المساجد وبيوت العبادة , ورغم كل التوجيهات التي تقدم لأجيالنا , والوعي الثقافي والعلمي الذي وصلت إليه الإنسانية وتسعى لبلوغ الأفضل في عصر التكنولوجيا وعلم الإنسانية البحت ,

إلا أن المجتمعات ما زالت تعاني من خلل يجب وصفه بالخطير هذا إذا لم نقل أن هذه المعاناة هي في ازدياد ..ويطرح السؤال نفسه لماذا يزداد الانحدار الأخلاقي بينما تمشي البشرية في موكب الحضارة قدما إلى الأمام لتصعد قمم المعرفة .

ومسألة التحرش الجنسي بالأطفال هي من المسائل التي ما زال أو فلنقل تزداد المعاناة منها ولكن لماذا ؟

جاء في دراسة سعودية بأن من بين كل أربعة أطفال يوجد طفل تعرض لنوع من أنواع التحرش الجنسي ونتساءل هل العالم العربي أكثر عرضة لهذه القضية من العالم الغربي ؟ فإذا كان كذلك فلماذا ؟

هذا بالشكل العام للقضية ولكن ماذا لو كان التحرش الجنسي موجها بشكل لا يستهان به نحو المعوقين ؟

ففي دراسة للدكتور أحمد عبد الله عام 2006 تبين أن أكثر من 60% من الفتيات يذكرن أنهن تعرضن للتحرش

وفي عام 1987أجرت شبكة الانترنت للنساء المعاقات إحصائية على 245 امرأة معوقة , وقد وجدت بأن 40% منهن تعرضن للتحرش .

جميعنا نعلم بأن الجنس هو حاجة أساسية وفقدانها يؤدي إلى محاولة إشباعها بطريقة ما وبشكل ملح , والتحرش هو إحدى طرق التعويض .

الكثير من ضعاف النفوس والذين هم أصلا بحاجة للرعاية الإنسانية والعلاج النفسي يجرؤون على التحرش الجنسي بأطفال معوقين من كلا الجنسين وبمختلف أنواع الإعاقة

وطبعا تختلف أساليب  وسمات وكيفية هذا التحرش تبعا للمحيط الذي يدور في فلكه ذلك المشوه من الداخل أي الذي يقوم بفعل التحرش , وبطبيعة الحال ووفقا لغريزة داخلية منبعها الخوف والحرام والعيب يخفي الأطفال عادة هذه المواضيع عن الأهل والغريب أنهم يفعلون ذلك تلقائيا وفطريا بدون تدريب أو نهي أو تخويف ,

وخاصة الفتيات وذلك لأن ضغط التربية يقع بشدة على الفتاة أكثر من الفتى , وطبعا ذلك وباعتقاد الأهل حرصا وخوفا على الفتاة , وبهدف تربيتها تربية صالحة مما ويؤدي إلى نتيجة عكسية إذ تنشأ الفتاة على الخجل والخوف من العيب , وقد تتعرض لأنواع من التحرش وقد يكون من أقرب الناس لها ولكنها تحجم عن الإفصاح وإخبار الآخرين لأن الحديث في هذه المسائل عيب .

ويستفحل موضوع التحرش ليطال ذوي الاحتياجات الخاصة وربما يعود ذلك لأسباب عديدة منها عدم قدرة المعوق أو المعوقة عن الهروب أو الدفاع الكامل عن النفس , وقد يكون لاعتياد الطفل المعوق على الرعاية القريبة جدا أي أنه معتاد على أن يحمل ويوضع في الأحضان ويلمس للعناية به مما يجعله لا يفرق بين العناية والتحرش .

أو قد يكون السبب غياب الوعي لدى المعوقين عقليا وعلى الأخص الفتيات وهذا أمر رأيناه كثيرا سواء في الواقع أو في الأفلام التي تصور هذا الواقع المريض , وبذلك نلمس بوضوح أن المرأة المعوقة أكثر عرضة للتحرش من المرأة الغير معوقة

أيضا قد تكون محبة المعوق لشخص ما يعنى به فيستسلم له بدافع المحبة , ونرى أن التحرش يطال المعوقين أطفالا وبالغين , تقول إحداهن وهي معوقة حركيا إن مرات عديدة امتدت إليها أيادي بعض الأقرباء سواء من تحت الغطاء أو بشكل سافر وعلني , هذا في طفولتها وأما في صباها فقد تعرضت لعروض وقحة بأن تفعل ما تستطيع لقاء كذا وكذا ,

وطبعا قضية ضعف الاحتمال بأن هذه الصبية قد تتزوج جعلها عرضة للكثير من الناظرين ولأنها فتاة مدلله منذ الصغر وهي تسمع أقاويل المدح والتشجيع والإطراء , ولأنها كبرت على هذا المنوال غدت لاتفرق بين المديح والغزل

ولم تعد تعرف الضمة البريئة من التحرش ولا القبلة الأبوية من المغرضة ( وهذه مشكلة أخرى ) , وباعتبار المرأة المعوقة أقل قيمة في المجتمع لسببين أولا كونها معوقة وثانيا كونها امرأة , وهذا يجعلها مستضعفة وعرضه لصغار النفوس .

وتتساءل تلك الصبية لماذا هي عرضة لهذه القضايا هل لأنها معوقة ؟ وبذا تتضاعف معاناتها لتطالها نفسيا فأصبحت لا تعرف هل إعاقتها حسية أم جسدية  , وما هي إلا نموذج للكثيرات .

من المؤكد أن القانون لا يسمح بمثل هذه الجرائم , أنا لم أطلع على قانون العقوبات في هذا المجال ولكن المشكلة لا تكمن هنا , المشكلة أساسا هي في هذا الصمت العلمي عن الموضوع

لماذا يصمت الأهل ولماذا يصمت المعوق ؟ أليس هذا تشجيعا على تكرار الحدث وإفساح المجال للإتيان بأفعال مشابهة دون خوف أو وجل من إمكانية معرفة المجتمع أو الأهل

إن في المجتمع زوايا معتمة أصابها العفن وأكلها الدود , ودورنا هو اقتطاع جزء من الشمس لتسليطه على هذه الزوايا علها تتعقم .

بقلم : وصال شحود 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

١ تعليق

الرد