من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

الحرب حربكم والضحايا ضحايانا…بقلم فريدة الشوباشى

680

كتبت الأعلامية والكاتبة الصحفية والقاصة -فريدة الشوباشى

كانت تلك صرخة شبه جماعية، بعد الأحداث الدامية التى روعت العاصمة الفرنسية باريس فى 13 نوفمبر الماضى، ورفعت وتيرة دق ناقوس الخطر جراء استخدام التنظيمات الإرهابية، التى تلبس كما يلبسونها، رداء الإسلام فى تنفيذ مخطط الإجهاز، لا قدر الله، على الوطن العربى.. لقد ذرف أهالى الضحايا الذين سقطوا فى عدة هجمات الدموع انهارا، وتعاطفت معهم، عقب تلك المأساة الدموية الرهيبة، الأغلبية الساحقة من الفرنسيين كما ادان الاعتداءات الإجرامية معظم شعوب العالم ومنها بالطبع الشعوب العربية، التى عانت وتعانى الأمرين من ويلات هذه التنظيمات.

لذا، استقبل الفرنسيون بترحاب الاجراءات الاستثنائية التى قررها الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند لمواجهة الإرهاب الذى ضرب بلاده بوحشية، ربما لم يكن يدرى معظم الفرنسيين اننا نعانى منها يوميا، خاصة فى الأقطار العربية التى دخلتها هذه التنظيمات وعلى رأسها بالطبع تنظيم داعش، الذى تميز بوحشية قل نظيرها مما ألحق ضررا بليغا بصورة الاسلام والمسلمين.. وقد شاهدت فى الأيام القليلة الماضية، قوات من الجيش والشرطة، منتشرة فى النقاط الحيوية والحساسة بالعاصمة الفرنسية، مثل محطات المترو والمراكز التجارية والوزارات ودور السينما، ويتعاون المواطنون مع هذه القوات منعا لتكرار الكارثة، فور الارتياب فى جسم غريب ملقى عشوائيا، أو الشك فى وجود عبوة ناسفة مثلا، بتلبية طلب قوات الجيش بالاسراع باخلاء متجر أو محطة مترو أو أى مكان كان، دون أدنى تذمر، بل تطل من العيون نظرات عرفان بتضحيات تلك القوات والمخاطرة بأنفسهم، حماية للمواطنين.. وسط هذه الاجواء وفى ظل حالة الطوارئ التى اعلنها الرئيس أولاند والتى ادت الى رفع شعبيته بصورة ملموسة، جرت الانتخابات البلدية، فاسفرت نتائج الدور الأول عن تقدم، غير مسبوق لليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن، يليها اليمين التقليدى ومن ابرز وجوهه، الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، أما اليسار عموما، والحزب الاشتراكى الذى خرج اولاند من بين صفوفه، فقد تقهقرت مكانته وتراجع بصورة واضحة..نتائج الدور الثانى الذى جرى مساء أمس، ولم تكن نتائجه قد ظهرت اثناء كتابة هذه السطور، قد لا تختلف كثيرا عن الدور الأول، مما يرجع برأى العديد من المراقبين هنا، إلى يأس الفرنسيين من اداء التيارين الرئيسين اللذين تقدما المشهد السياسى الفرنسى طوال عدة عقود،أى اليمين التقليدى واليسار المتمثل أساسا فى الحزب الاشتراكى..فالغلاء يلسع بنيرانه الطبقات الفقيرة والمتوسطة حيث تكاد القوة الشرائية لليورو الذى تم تقييمه باكثر من ستة اضعاف الفرنك، تعادل القوة الشرائية للفرنك.. وكأن كل ذلك لا يكفي، فتورطت فرنسا، برأى البعض، فى اتباع خطى الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بريطانيا وغيرها، ،لتفتيت الدول العربية بأيد عربية، تمدها واشنطن وحلفاؤها بالسلاح، وتمنع هذا السلاح عن الجيوش النظامية كما هو حاصل فى ليبيا، على سبيل المثال،ولا أحد يتساءل عن هذا الموقف المشين.. لقد خرب الرئيس الإمريكى الأسبق جورج بوش العراق، وأجهز على ما تبقى منه، باسم الديموقراطية، جورج بوش الابن.. ولعبت فرنسا دورا سلبيا فى ليبيا ففتت الجيش وتركت البلاد فى أيدى عصابات داعش وامثالها.. ويبدو ان حادث باريس الإرهابى قد ايقظ الوعى الفرنسى الذى أيقن، ان الدول الغربية بما فيها فرنسا، تُسخر ادوات «اسلامية» لتحقيق مآربها على الصعيدين السياسى والاقتصادي، فى «حربها» التى وكأنها تدور «بالريموت كونترول» بعيدا عن مسرح الأحداث، فيما يدفع المواطنون الثمن من أمنهم ودمائهم حيث نصيبهم هو سقوط «الضحايا»..

غير ان ممارسات التنظيمات الارهابية، قد أحالت حياة العرب والمسلمين فى الدول الغربية الى جحيم، وسهلت على اليمين المتطرف، مثل حزب الجبهة الوطنية فى فرنسا، الجهر بوصم كافة مسلمى الدولة بالارهاب، وهو ما أثار قلق البعض هنا من استغلال لوبن للاسلامو فوبيا التى سادت عقب الحادث الإرهابي، وتشويه الهوية الفرنسية وقيم فرنسا المتمثلة فى شعارات الثورة: حرية، مساواة، إخاء.. وهو ما يحدث فى امريكا ايضا من جانب المرشح الرئاسى دونالد ترامب، لكن المسئولية تقع بالدرجة الأولى على عاتقنا نحن ،لمائة سبب وسبب..

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد