من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

من سوريا/ علم من أعلام سلمية مدينة الفكر

14224964_1778520942435652_533069471458434088_n

عبد الله الأمير تامر .. لروحه الرحمة والسلام ..

ولد في سلمية عام 1911 م، درس فيها المرحلة الابتدائية. وأكمل دراسته الإعدادية، ومن بعدها الثانوية في الكلية الأرثوذكسية في مدينة حمص. تخرج من كلية الحقوق في دمشق عام 1935 م (أول خريج حقوق من سلمية).

تعين في سراقب مدير ناحية عام 1936 م، وبقي فيها حتى عام 1938 م. وانتقل إلى المزة ومن ثم إلى الزبداني وبقي فيهما حتى عام 1942 م. انتقل إلى قطنا كقائم مقام (مدير منطقة) وبقي فيها حتى عام 1943 م.

انتقل إلى جسر الشغور كقائم مقام وبقي فيها حتى جلاء الفرنسيين عن سورية وفي جسر الشغور غلب عليه إحساسه الوطني على مقتضيات وظيفته فانضم إلى الثورة السورية ليناضل في سبيل الجهاد الوطني، وتحرير الأرض السورية من المستعمر الفرنسي، قاوم القوات الفرنسية على رأس نخبة من المناضلين من أهالي الجسر فتمكنوا من دحر تلك القوات وإبعادها عن المنطقة، وعرفت تلك المعارك بمعارك جبل الزاوية، وذلك عام 1945 م.

انتقل إلى الحفة كقائم مقام عام 1947 م. ثم استقال من منصبه وقدم إلى سلمية، وفيها شكل فرقة مؤلفة من ستمائة مقاتل، قادهم إلى مدينة حماه حيث انضم إلى قوات القاوقجي (جيش الإنقاذ)، ومن حماه توجه إلى فلسطين للتمركز مع قواته في منطقة الجليل (جبل النار) قرب نابلس، وهناك شارك في المعارك العنيفة، وانتصر في معارك عديدة خاضها فقلدته الحكومات العربية الأوسمة تقديراً لبسالته ووطنيته وإخلاصه، وروحه الوطنية الوثابة، وجرأته المميزة، وقد عين رئيساً للمحكمة العسكرية للقوات السورية المتواجدة في شمال فلسطين، وبقي في موقعه حتى دخول الجيوش العربية، ثم اندمجت قواته المتطوعة مع القوات النظامية، وخاض المعارك الشرسة واقفاً على تراب فلسطين حتى انتهاء الحرب إلى النتيجة المفجعة التي وصل إليها العرب، لقد عانى من شدائد الأيام ما يقصم الظهر، ويعطل الأحاسيس كلها، ولكن تلك الشدائد عجزت عن إخضاعه، بل على العكس، زادته قوة ومناعة، وصلابة ورفضاً للمهادنة، وصل عبد الله تامر إلى الشهرة والمجد بجهده الشخصي وتصميمه على النجاح بالإضافة إلى مواهبه العقلية الواسعة والمتفتحة مع الآخرين والتي أوصلته مع مرور الأيام ليصبح خطوة جادة تفتح الطريق، ويتمثل بها اللاحقون، وعملاً كبيراً، وحلماً وأملاً لشباب سلمية.

كان الوطن أكبر هم في حياته، تربى مع الوفاء والإخلاص للوطن، والإيمان بمستقبله، والدفاع عن كرامته ضد أعدائه، شجاعته غريبة وقدرته على التحمل كبيرة، أحب مدنه وقراه، سهوله وجباله، أحب كل ذرة من ترابه، أحب إنسان هذا الوطن ودافع عن كل مظلوم فيه، ووقف إلى جانب المستضعفين، ومنحهم مساعدته الكاملة، وفجر ينابيع وطنيته الصادقة، وعشقه الكبير لهذه الأرض التي تربى عليها، وكان على جانب كبير من المعرفة والمرونة والتفوق العقلي.

دخل في حزب الشعب، وكان عضواً معروفاً وصاحب دور رئيسي فيه.

دخل البرلمان السوري نائباً عن (قضاء سلمية) عام 1950 م، وقد عرف بين النواب بالجرأة والإقدام، والعناد في الحق والتفاني في سبيل عقيدته، وبالمشاركة الفاعلة والمهمة وبالدفاع عن مطالب ناخبيه.

رافق الأمير علي خان أثناء زياراته لمنطقة سلمية، ورافقه في رحلة صيد إلى إفريقيا.

قام العقيد أديب الشيشكلي بانقلاب ناجح اعتقل على إثره أغلب السياسيين المهمين في سورية وكان عبد الله تامر من بين المعتقلين، حيث أمضى ثلاثة أشهر في سجن المزة، وذلك عام 1953م.

توفي عبد الله تامر الفارس الحقيقي بعيد خروجه من السجن لأن قلبه الرقيق والرهيف لم يستطع إكمال الطريق الصعب معه فأصيب بذبحة قلبية وكانت سلمية يومها تفتقد للطب الحديث ولوسائل الإنقاذ، وشيعه جميع أهالي سلمية إلى مثواه الأخير ويومها أصاب الحزن المنطقة التي انتمى إليها، كما أصاب كل من عرفه، أو سمع عن مناقبه الكثيرة.

هذه الروح التي اختطفها الموت في ريعان شبابها، وهي الغضة الطرية، رقيقة الأحاسيس، تذكرها كل من عرفها، وما أكثرهم، وفي مجلة الغدير التي خصصت عدداً كاملاً من أعدادها حول المرحوم عبد الله تامر بمناسبة مرور أربع سنوات على وفاته، كتب فيها العديد من الكتاب ورفاق المرحوم من النواب والسياسيين المهمين في سورية ذلك الوقت، وأهم من رثاه رئيس مجلس النواب وقتها (ناظم القدسي) والذي أصبح فيما بعد رئيساً للجمهورية السورية، وقد قال في كلمته: يعز علي أن تمر الذكرى الرابعة لوفاة المرحوم الأمير عبد الله التامر دون أن أساهم بكلمة عن مآثر الفقيد أشارك فيها مجلة (الغدير) الغراء واجب الصديق والرفيق نحو صديقه ورفيقه، فقد عرفت الأمير الراحل شاباً يفيض وطنية وأريحية، يزينه خلق رفيع، وإيمان منيع، يندفع بحماسة المؤمن الصادق في خدمة أمته، ولا تنقصه الشجاعة النادرة، ولا يخونه الإقدام العجيب حين يدعو الواجب… إلخ.

وممن كتبوا في هذا العدد الخاص بالمرحوم عبد الله (عدنان الأتاسي، عبد الوهاب حومد، إسماعيل الأمير سليمان، إبراهيم قدري، محمد حسن البرازي)، ومن الشعراء (نجم الدين صالح، محمد سليم الكنج، والشاعر الأديب حسن القطريب) ومن قصيدة الشاعر حسن القطريب نقتبس بعضاً من روائع كلماتها:

أنت في كل خفقة من فؤاد..!

(بمناسبة ذكرى وفاة المرحوم الأمير عبد الله التامر)

مهداة إلى أخي علاء الدين غالب تعزية له

لا تقولوا مضى وولى بعيداً … وتمشى به البلى، لن يعودا

لا تقولوا كان القضاء عنيداً … فانتقى للصراع خصماً عنيدا

وطواه، وعهده لم يزل بعد … يحاكي الجمال رقاً وعودا

فالذي يفرش الطريق شموعاً … والذي يزرع الجنان ورودا

أبداً خالدٌ، وفي كل نفس … تتشهى مع الصراع، الخلودا..!

أيها النادبون حسبكم الراحل … ولى كما ترون شهيدا

ليس في طعن خنجر أو سنان … صافح الموت، أو خداعاً أبيدا..

إنما ضج منذ رأى الثعلب الماكر … يبغي، على الورى أن يسودا

فغفا مثقل الجبين وأخفى … مادت بأهلها، والوجودا

فخبت شمعة تود لو أن الأرض … تتمنى بأن تسود الأسودا

ورأى غمزة الضباع بعزم … غير أن الزمان أصلب عودا

ما قضيت الرثاء فيك بشعري … إنما أنت خالد والخلودا

لا يقال الرثاء إلا بميت … وبكل انتفاضة موجودا

كنت في كل خفقة من فؤاد … حفر الدمع فوقها اخدودا

حز في نفسه الجراح تنزى … مثلاً خالداً لنا، منشودا

لقد صرت مثلما كنت تهوى … وجراحي، هنا، يبل النشيدا

ما تراني إذا أطلت فيك نشيدي … أو في، لمن ذكرت العهودا..!

قد وفيت العهود كلا وهيهات … بين جنبيه خاطراً مكدودا

بعد مرور حوالي الستين عاماً على وفاته، لا يزال عبد الله تامر أسطورة شعبية يتغنى بها كل من عرفه، أو سمع عن سيرته وأعماله في جميع الأماكن التي أقام فيها وضحى فيها في سبيل وطنه وأمته، وسوف يحفظ التاريخ و الوطن ذكراه.

من كتاب ” شخصيات من ذاكرة سلمية” إصدار جمعية عاديات سلمية..
.
والشكر الكبير للأستاذ الغالي غالب المير غالب

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد