من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

قراءة في ديوان " على حافة القلب" للشاعرة سليمة مليزي

14937852_1266428326758508_2096964524_n

بقلم: أحمد بوريـــدان

 
 
 

سليمة مليزي حالة شعرية تتفجر إبداعا في ديوانها الجديد ” على حافة القلب” الصادر عن دار الأوطان ” الجزائر2016″ في مجموعة من القصائد التي تستوقفنا عند الكثير من الأحاسيس و القضايا الإنسانية و مدى تأثرها ببرود العلاقات و فتورها و كذا موت الضمير العربي و العالمي و من هنا يستمد الديوان دلالته الإيحائية و التواصلية في رحلة الاستكشاف ، فالكثير منا صار يعيش على حافة القلب “هي حالة اللاتوازن ،حالة القلق الوجودي و حالة الانكسار و التلاشي و النسيان،لذلك فالديوان صرخة لاستدراك الوعي و الشعور بتعدد القضايا العاطفية و القومية و الإنسانية و الوجودية و انشغالات الحياة المتعددة بحسب تعدد عناوين القصائد.
يمكن قراءة الديوان من حالتين،الحالة الشعرية الأولى مليزي من حيث تفاعل الأنا و الاشتراك مع الآخرين في خطابها المختزل في قضايا الآخرين و الحالة الشعرية الثانية سليمة من حيث الخصوصية و التفرد و التعمق في عالم الأنوثة بخيباتها و آهاتها المكتومة و المكبوتة ، لذلك فالديوان يحتاج إلى قارئ واع يشارك في بنائه و إعادة إنتاجه بالوقوف كثيرا عند المستوى الدلالي الذي ميز المتن الشعري بالخصوص.يعتبر ديوان ” على حافة القلب ” صدى لنفسية الشاعرة و ظل للآخرين بلغة شعرية خلاقة تستمد طاقتها من ظلال الناس و العالم و الطبيعة في تصوير الواقع بمتناقضاته و المتوقع بأحلامه و آماله ،ففي قصيدة ” القلب .. صحو” شكوى هادئة تثير و تهز الأعماق تعبر فيها الشاعرة عن ارتباط الأنا بالآخر و حيرتها و قلقها و همومها في انتظار صحو الربيع الذي تأخر عن موعده في ضباب و صمت و في زمان ضائع :
القلب نبض
و الحب نوارس بحرية
تتناسل في غربة الليل
في سرّ كينونة هذا القدر
القلب شتاء بارد
و المطر عيون تبصرني
تغسل هذا الوجع
و ينابيع اللقاء…
و في قصيدة أخرى ” قدسية الكلام ” تصور فيها الشاعرة حالة الانتظار لأمل تناساه الغياب في المنفي بلا عنوان، هي رؤية للبعث الجديد، هي رقصة للأماني بعد مرارة الضياع و الاغتراب،فهل يرحل الانتظار و يأتي الربيع؟.
كان الحلم على حافة الشفاه
ينتظر مرور الربيع
لينثر عطر قدسية الكلام
على شرفة الانتظار
حطت حمامة بيضاء
و في جيدها عطر
رسالة فارس أنهكته الحرب
كانت مكللة بأعاصير القلوب
و غبار السنين…
بناء على ما سبق يمكن القول أن الشاعرة سليمة مليزي عارفة بقوانين الخطاب الشعري و ميكانيزماته و قد تجلى ذلك من خلال التناغم التناسق بين المستوايات في مظهرها اللفظي و الدلالي و البنائي و الجمالي، لذلك فالشاعرة في محاولة مستمرة للانشغال بالأنساق الداخلية للنص و كذا الإمساك باللغة المنفردة بمنزلة الهدوء و البركان و التي لها القدرة على تحقيق المتعة و الإثارة ، في رحلة الشاعرة من ديوان ” نبض ” إلى ديوان ” على حافة القلب ” توسعت التجربة و المغامرة تحت أفق مغاير من الأفكار و الدلالات باعتماد الشاعرة على الانزياح و الخروج على أنماط التعبير المألوفة و إخراج اللغة في فضاء شعري من العلاقات و التراكيب الجديدة في وحدة عضوية متكاملة و مشبعة بفاعلية و وعي حتى تخلق لدى القارئ فراغات و مسافات من القلق و التوتر و التساؤل قبل أن تتوقف نبضات القلب و هل في وسع الحلم أن يعيش أبعد من الحافة؟ !.

14962844_1266426943425313_1367560425_n15007680_1266419150092759_1758352762_o

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد