د.احمد لطفي شاهين
يقول أحدهم ..سافرت ذات يوم الى دولة مجاورة … وفور وصولي للدولة الأخرى اتصلت لأطمئن على زوجتي وابنائي، فأنا لم أتعود فراقهم ولم يتعودوا غيابي منذ سبعة سنوات هي عمر زواجي ولكن للأسف لم يرد على مكالماتي أحد ! استغربت جدا.. ومضت ثلاثة أيام وهاتفي لم يفارق يدي ..
اتصل واتصل كل ربع ساعة أو نصف ساعة ولا أجد جواباً ! !! جُنّ جنوني واتصلت بأخي وأختي ليتفقدوا أحوال أسرتي الصغيرة .. فطمأنوني لكنني لم أصدقهم فاتصلت بأم زوجتي (حماتي) فطمأنتني وقالت لي انهم بخير.
فأخبرتها أنني أنتظر اتصالهم .. ولكن طال انتظاري ولم يتصل أحد !! مرت الأيام الثلاثة كثلاثة شهور طويلة.. وكنت في داخلي أفور من الغضب حيناً .. وحينا أتعجب وأحاول معرفة السبب ! مرت الأيام وقطعت سفري ولم اكمل مهمتي ..
ورجعت إلى بلادي .. وما إن وطأت قدماي أرض الوطن حتى طرت إلى المنزل .. ومن شدة خوفي أخذت أطرق الباب بيدي حيناً وبالجرس أخرى ..حتى فتحت لي زوجتي الباب .. ولشدة المفاجأة ! كانت بخير وأستقبلتني بكل حفاوة وبأبهى حلة ! ومن خلفها اطفالي يتراقصون فرحاً ويركضون لاحتضاني ! وأنا كالمذهول .. لا أعرف ما السبب ! وزوجتي مبتسمة بخبث لم اقرأه في عيونها من قبل . ..
وسرعان ما بدأ الغضب يحل محل الدهشة .. وبدات اصرخ وانا أسأل زوجتي عن سبب هذا التجاهل وانني قطعت سفري وأسرعت بالعودة قلقا وخوفا فلماذا هذا التجاهل؟ أجابت زوجتي بكل هدوء : هل اتصلت بوالدتك أجبتها ولم أفهم شيئاً لا أدري ربما.. . لا لا انا تصلت بوالدتك لأطمئن عليكم
قالت: – وقد أصابتني في مقتل –
ارأيت كيف كان شعور قلبك في هذه الأيام ؟ هو نفسه شعور قلب والدتك .. حين تنسى الاتصال بها بالأيام .. ولا تزورها ولا تسمع صوتها.. إلا حين تبادر هي بالاتصال بك .. بعد أن يلهبها الشوق .. ويجرفها الحنين وتأخذها الوساوس إن طال غيابك..
كم مرة رجوتك ان تكلمها وتزورها.. لقد حاولت كثيراً تنبيهك ولكن دون فائدة .. فلم أجد أفضل من هذه الطريقة لأوصل لك الرسالة يا زوجي العزيز … شعرت انه يكاد يغمى علي .. .
وطأطأت رأسي خجلاً من زوجتي .. وانتابني شعور لا اعرف وصفه.. غضب ودهشة وفرحة وذهول .. شعور متناقض جدا ..لكنني فهمت الدرس جيداً.. وجلست لا اعرف ماذا افعل وكانني فقدت الاحساس بكل شيء ..فوجد زوجتي تناولني مفتاح سيارتي وتهمس في أذني:
” اذهب الان الى امك فلقد اتصلت بك عدة مرات وكان هاتفك مغلق.. لا تقل لها انك سافرت ولم تخبرها.. “