تقرأ جرحك بتأني وعمق وتشعر أنك بحاجة إلى أن تعيد إكتشاف نفسك من جديد ؛ وترتيب أوراق روحك المبعثرة وربما أيضا إكتشاف الوجه الآخر الحقيقي لمن تحب وربما أيضا الوجه الآخر للغياب حينما تشعر أن في صدرك أماني ذبحها الغياب . نرى من نحب بصورة أوضح ونحس بمدى أثرهم وتاثيرهم بشكل أدق .. ففي الغياب تكبر محبتنا لهم وتصغر محبتنا لأنفسنا !!
هو أعظم قوة لمن نحب ، لأنه يصبغ علية صفات الجمال و الكمال ، وكأنه كائن خرافي وأسطوري ، فنتوهم في غيابة أن لدية تلك المقدرة على تغيير كل الأشياء والأحاسيس بمجرد حضورهم تتسع خارطة الشوق في جغرافية الروح ؛ وتضيق مساحة العتاب والخصام لأننا نعرف جيدا طعم بكاء الأشياء التي يخلفها الغياب ونرى كيف أن الحزن فيه يصفد أبواب الحلم نقرأ دفاتر الذكريات لوحدنا ونزينها بألوان الحنين الزاهية ونرسم على السطور بعضا من علامات الاستفهام والتعجب والفواصل .. ونتردد ونحن نضع نقطة في آخر السطر لأننا نخشى أن تكون هذه النقطة الأخيرة هي نقطة الوداع والفراق الأخير !! نكون دائما مع الآخرين لكننا نشعر بأننا لوحدنا بصحبة حزننا وجرحنا !! وكما أن الأشجار تموت ولكن واقفة فإن بعض مشاعر الحب تموت في الغياب ولكن بكبرياء !! يبقى القلب مشرعا بيارق من خوف وأمل ورجاء تنتظر من يأتي وربما لا يأتي
لكل وردةٍ محبٌ يسقيها، تذبل إن غاب،
ليتهم يعلمون حين ينشغلون ماذا يفعل بنا الغياب.
الغِياب يَسرِقُ الألوان ويَجعَل الصور باهِتة.
حقاً كان الغیاب هو الأكثر حضوراً، لكن دفء الحضور
مهما قلّ كان یمنع جليد الغیاب من التراكم أو الثبات.
عندما تغيب الشمس يأتي القمر، وعندما يغيب المساء يأتي الصباح،
وعندما يغيب اليأس يأتي الأمل، وعندما يغيب الحزن يأتي الفرح،
وعندما يغيب الناس يأتي آخرون،
وحدك عندما تغيب تترك كل الأشياء خلفك في حالة غياب .
في الغياب يزحف الليل إلينا بهدوئه وسكونه،
ويفتعل داخلنا ضجيجاً يوقظ النائمين.
أَتْقَنَ الغِيَاب وَأَنَا أَتْقَنْت الحَنِيِن، وكل منّا أدمنَ ما ھو عليه.