من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

قصيدة بعنوان: (سيدِى الرئيس… عِندِى خِطابٌ عاجِلْ لكْ)

للشاعرة الدكتورة/ نادية حلمى

الخبيرة فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ مساعد العلوم السياسية جامعة بنى سويف

سيدِى الرئيس

عِندى خِطابٌ عاجِلْ لكْ، لكِننِى لا أعرِفُ العُنوانَ ولا الطريقُ إليكْ… حاولتُ الوِصُولَ إِليكَ كثيراً، ولكِنّى أتُوهُ فِى كُلِ مرة ثُمَ أعودُ، وأرجعُ لِلوراءْ

وأسألُ كُلُ منْ ألتقيهُمْ عن مكانِكْ، وأمضِى سرِيعاً نحو بابِكْ… ولكنِى أضيعُ وأرجعْ مِنْ حيثُ أتيتُ، وفِى كُلِ مرة أُكرِرُ فِعلُ ذلِكْ على إِستِحيَاءْ

وأستفهِمْ عمنْ قد ينوبُ عنِى لِتسليمِ الخِطابْ… بهِ تفاصِيلٌ كثيرة كُتِبتْ إِليكَ وحدُكْ، وأنباءُ أُخرَى عديدة تهُمُكْ، فلعلكَ تقرأه وتسمعُ لِى بإِصغَاءْ

ورُغمَ المشقة أسيرُ وحدِى فِى طرِيقُكْ، وثابرتُ أمضِى… وكُلِى يقينٌ أن أُسلِمُكَ الرِسَالة عِندَ بابِكْ فيطمئِنُ قلبِى وأشعُرُ بإِستِرخاءْ

ورُغمَ يأسِى فِى لِقائِكْ، صِرتُ أدنُو وأقترِبُ حثيثاً مِنكَ، وأنظُرْ إِليكْ… فيفيضُ دمعِى أنهُراً، وأجزاءُ مِنى تأبَى رِجُوعاً مُخيرةَ ما بين الرحيلِ أو البقَاءْ

قد كُنتُ أستيقِظُ لِأجلكْ صباحاً كُلُ يومٍ على أملِ اللِقاءِ بِكْ… قبلَ أن يضيعُ الوقتُ مِنى مع الزِحامِ وإِشاراتِ الشوارِعِ والضوضَاءْ

ولِغرابتِى، أُتابِعُ تحرُكاتِكَ بِعينِى وجُلّ سمعِى ونُطقِى… فأدورُ أبحثُ عنكَ فِى الشاشاتِ والمِذياعْ، فلرُبما أعثُر عن مكانِكْ فأطيرُ نحوُكْ وأُسلِمُكَ الأمانةَ بِلا إِبطاءْ

فبِرُغمِ المسافةِ التِى تفصِلُ بينِى وبينِكْ، وبُعدَ المكانِ وأشياءُ وتفاصيلُ أُخرى لا تهُمكْ… أشكُو إِليكَ ضيقَ وقتِكْ ولكنِى أعذُرْ، وأتوجهُ بِالدُعاءْ

وما سيُثيرُ ضِحكْكْ رئيسِى وشغفَكْ بِمعرفةِ الحِكاية وإِندِهاشَكْ، وأرجُو ألا أُثيرُ إِستيائِكْ، هو فِضُولِى وما بدرَ مِنى بِغيرِ عِلمِكْ… أتقصى مزاجكْ كُلَ يومٍ وحالَكْ، فأتفهمْ شِعُوركْ عِندْ اللِقاءْ

وبِرغُمِ مشاغِلُكَ العديدةَ وما تلتقِطَه أُذُناىَ عنكَ… القلبُ يهفُو أنْ يلتقيكَ لِبضعِ وقتٍ، وأنْ تستجيبُ لِحاجِتى وتستمِعْ وتُلبِى طلبِى والنِداءْ

ومازالَ يحدُونِى الأملُ فِى كُلِ مرة أن أدنُو مِنكَ وأقترِْبْ… ولِسانُ حالِى مُتأرجِحاً بينَ إِنقِطاعِ الأملِ أوِ التمسُكِ بِالرجاءْ

وكما العَادةِ سيدِى، أنزوِى فِى رُكنٍ بعيدٍ وأبكِى لِأنِى رجعتُ ولمْ أحظى بِشرفِ اللقاءْ… وبِكُلِ حُزنٍ أذرُفُ أدمُعِى، يعلُو صِراخِى ويصِلُ أنينِى إِِلى السَماءْ

فأهُمُ دوماً بِأنْ أُخطُ رِسَالةَ علّها تصِلُ بريدِكْ… ولكِنْ تتوهُ المعانِى مِنى وأنسَى قصدِى، فيُغشى علىّ وأرتمِى مِنْ الإِعياءْ

ولكِنهُمْ قد أخبرُونِى قائِدى بِأنَه سهلُ الوِصُولُ إليكَ… والأهمُ عِندِى بِأنكَ لم تزلْ تسكُنُ نفسَ المكانْ، بِهِ شُعاعٌ يُهدِى لِقصرِكْ وأنوارُ تُضئُ إِليكَ فِى بهاءْ

والحقُ أنّ كُلُ منْ إِلتقيتُ يشهُدُونَ بِحُسنِ أخلاقكْ وبِسيرتُكَ الغرَاءْ… فإطمئنَ قلبِى بِأنكَ لا تُغلِقُ بابكَ وكرمكْ فأنتَ أهلٌ لِكُلِ جُودٍ مِنْ الكُرماءْ

ولا أعلمُ مِنْ أَيْنَ أبتَدِأُ الْحَديثُ، ولِمَنْ أصُوغُ حِكايتِى كِى أختصِرُ وقتاً ثميناً… والذنبُ ذنبِى عما إِقترفتُ، علىّ نسيتُ وأنَا أنتزِعُ الغِطاءْ

تنتابُنِى حالةَ فريدةَ وأنا أصيغُ بِضعِ عِباراتٍ وجُملٍ إِليكْ… ما بينَ خوفٍ أو حريقٍ، والكُلُ ينظُرْ وأنا أُعبِرُ بِطريقتِى كما أشاءْ

قد أوهمُونِى سيدِى بِأننِى لابُد لى من أن أصوغُ عُنواناً مُلائِمْ… كشرطٍ وحيد مِنْ أجلِ أن تصلُ شكواىّ لِقصرِكْ، فتشعرُ عنِى بِالرِضاءْ

فصِرتُ أنتظِرُكْ كُلَ يومٍ عِندَ بَابِكْ، كى أقُولْ… أِنِى لدىّ كلامٌ كثيرٌ أُودُ شرحهِ إليكْ، ولكِنى أعجزُ أن أُعبِرُ عنهُ أو أقُوله فِى جلاءْ

ولكنِى نسيتُ لِغفلتِى أوِ إِرتِباكِى مِنْ أينَ يبتدِئُ الكلامِ، والزمنُ يجرِى يمُرُ بِى… وأنا أُريدُ أختِصرْ، ولا أظنُ بِأنكَ تملُكُ شيئاً لِى أطيرُ بِه نحو الفضاءْ

فأنا يا رئيسُنَا المُبجَلْ، أكاديمِيةَ بسيطَة أنطَلِقُ بِكُلِ جُهدِى لِلحياةْ… حُلمِى عجيبْ، هو الأمانْ والكرامَة، وبِألَا أخضعُ لِأى أحكامِ بيعٍ أو شِراءْ أو رِياءْ

ورُبَما أنَا شاعِرةَ فِى بعضِ أوقاتِ الفراغْ… أصُوغُ حِكَايةَ ثُمّ أُخرَى علىّ أُداوِى بعضَ الشِرُوخِ التِى ألمتْ بِى كالرِثاءْ

كما أننِى يا قائِدى ثائِرةَ مِنْ أبناءِ شعبِكْ، تهرُبْ إليكَ فِى إِستِسلامٍ تامْ… وتدعوُ اللهَ جهراً أنّ يحفظُكَ مِن كُلِ سُوءٍ ومكرٍ يُحيقُه لكَ المُغرِضِينَ والأعداءْ

فتحولتْ أدواتُ ضعفِى حِيناً يا زعِيمِى لِقُوةٍ مِنْ أجلِ ثورتُنَا العزيزةْ… فكتبتُ أشعاراً فرِيدة أطُوفُ بِهِا لِعالمٍ أُعطِيهِ قُوة، وأُحرِره مِنْ كُلِ التُعساءْ

فما أرهقُ الشَاعِرُ مِنا حين يكتُبُ قصيدةَ وليدةْ، ننشغِلُ فِيها عنِ أىِ شئٍ حولُنَا… وكأن كُلُ شئٍ فِينا قد شبَ فيه حريقْ، ونحنُ نكتُبُ كى نُحِبُ ونشتعِلْ ونثُورُ حدَ الإِرتِواءْ

كما أننا بِأشعارُنا نقُودُ أُمة، ونهُبُ دوماً رِيحاً عاصِفة عكسَ الإِتِجاه… آلفتُ حُزنِى كمِثلِ أىُ شاعِر فصارَ واحِد مِنا، يعيشُ فِينا ويمشِى فِى إنِضِواءْ

قد ألهمتنِى أشعارِى يا رئيسِى أن أصِفُ نفسِى وصفاً غريباً، كمِقبضِ بابْ… فلا أهتمُ بِعبثِ أىُ عابِرْ لم يقترِبْ بِعُمقِ مِنى، وأنا كمثِلِ أىُ شاعِر نظلُ نخترِعُ عُهوداً نعيشُ فِيها كما نشاءْ

ويظلُ يدورُ فِى أشعارِى وفِكرِى سُؤالُ يهوى ويتسِعْ، وأنا أُفكِرْ عنْ سببِ العداءِ لِمِصرِنا… ولٍماذَا ماتَ ضميرُ أُناسٍ بيننَا، باتتْ تعيشُ حياتُها فِى الخَفاءْ

فطفقتُ أكتُبْ إِليكَ يا رئيسِى هذا الخِطابْ… لا يُحيطُ بِأسوارهِ وهمٌ أو خَيالْ، أكتُبْ وهّمِى أنْ أجدُ عِندكْ دواءْ

أكتُبْ لِشخصٍ أعرِفُ بِأنّه لا يصُدُ طلبَاً لِشعبٍه… يفتحْ ذِراعه لِلجميعِ بعدَ أنْ تعاهدنا سوياً أنّ نعيشُ شُركاءْ

ولَرُبمَا لِأنِى أعلمْ بِأنْ فُؤادِكَ فيهِ قِطعةَ مِنا، ولِكُلِ مَحْزُونٍ فيهِ مكانْ… وكما ترَى فالبحرُ هائِجْ، لِذا كتبتُ دُونَ تراجُعْ أوِ إِقتِطاعٍ وإِجتِزاءْ

ورُغمْ إِنشِغَالِكْ بِبِناءِ وطنٍ تكتمِلُ خلفهُ كُلُ أركانِ الجرائِمِ… يعيشُ فينا خفافيشُ ليلٍ، أو طِيُور ظلامْ تُحاوِلُ نُكرانَ أىُ شئٍ تحققْ، لا تبغَى خيراً فِينا أو بِناءْ

ومضيتَ تبنِى ومعاوِلُ هدمٍ خلفُنا، لا تلتفِتْ… وأنتَ تخطُبْ فِى إِستِماتة، بِأنه لا وقت لديكَ أو لدينا لِلتوقفِ والبُكاءْ

والكُلُ يشهَدْ بِما تحققَ فِى حِضُوركْ… فدنونَا مِنكَ عُرفاناً وحُباً، فأنتَ إِبنٌ خيرٌ مِنْ أبناءِ مِصرُ الأوفياءْ

شخصٌ فريدٌ يعلُو ضميرُه يتلمسْ خُطاه، لم يكُنْ يسيرُ كالعابِرينَ فِينا لِأنه مِنا… بِالحقِ أنطِقُ، بِأنهُ لا مثيلاً ولا شبيهاً لكَ فِى النُظراءْ

أبناءُ شعبِكَ قد بايعُوكَ وأيدُوكَ رئِيساً لنا، والكُلُ واثِقْ فِى خِيارهِ… والحقُ أنكَ لم تُفرِطْ فِينَا، وخرجتَ لبيتَ النِداءْ

قد كنتُ أتلُو أبياتَ شِعرٍ ترتجِفْ يومَ المسيرِ… أنطُقْ بإِسمِكَ بينَ الحِشُودِ ثُمْ أهتِفْ، بأن تزُولَ الغُمة فِى إِنقِضَاءْ

قد همشُونا وقيدُونا بإِسمِ مُرشِدْ أو جماعَة، أو عشيرة، وفرقُونا… صِرنَا جميعاً مُقسمِينْ، نعيشُ فِى وطنٍ نقتاتُ مِنهُ كالغُرباءْ

فخرجتُ أُلهِبُ الجماهيرَ الغفِيرة، أُشعِلْ حماساً… وهى تُردِدْ أبياتَ شِعرِى، نُريدُ وطناً يضُمُنَا ويحتوِينَا بِلا إِقصاءْ

ونسيتُ أيضاً أن أبلغك يا زعِيمِى، بِأنْ خِطابِى إِليكَ فيهِ جُزءُ مِنِى… فيهِ شئٌ مِنْ خيالِى، إِلا أنّى ورُغمّ موهِبتِى وشِعرِى أكرهُ الإِستِثناءِ

وجِئتُ إِليكَ كى أُسلِمُكَ الخِطابْ، ولا أدرِى لِماذا جِئتُ؟… ورُغمّ أنِى أخافُ أنْ أشرعُ بِالكلامْ، أرضخ لِحُكمِكَ، وأنا أُدينُ لكَ بِالولاءْ

ورياحُ شكٍ تطيرُ بِى عِندَ أبوابِك قائِدِى لا أقتربْ أو أبتعِدْ… أُريدُ أنْ أُخبِرُكَ شيئاً فِى الأعماقِ يصعدْ، فيخبُو ثُم يستسلِمُ فِى حياءْ

وددتُ أنْ أصيغُ إليكَ بعضَ المعانِى والحُججْ… ولكِنى إنزويتُ إِنبِهاراً بِخُطبكْ، فبقتْ تفاصِيلُهَا عِندِى حبيسة لا تثُور وتخفتُ فِى إِباءْ

قد علمتنِى تجارُبِى، بِأنّ كُلُ شئٍ فِى الحياةِ له ثمنْ… وثمنِى لديكَ سيدِى لا أبغى غيره هو الإِحتٍماءْ

وفِى كُلُ يومٍ نعتصِرْ مِحنةَ جديدَة، والزمنُ يمضِى فِى عُجَالةْ… وحولُنَا تعلُو طِيُورُ ظَلامٍ تنظُرْ لِأسفلْ، تبغَى الدمارَ والفناءْ

وأنتَ تمضِى ونحنُ معكَ نبنِى الحياةَ، نُطالِعْ وِجُوهاً تأتِى وترحلْ… ويبقَى الرِهانُ فِى دِرُوسِكْ، بِأنّ جيشٌ وشعبٌ يداً بيدٍ صِرنَا سَواءْ

قد علمتُنَا درساً بليغاً فِى الكرامةِ، بِأنهَا لا تُشترَى وتُصانْ… ونبهتنَا مُحذِراً، بِألاَ نُعطِى فُرصَة للوقيعةِ بيننَا فننهزِم وننقطِعْ أشِلاءْ

وكُلُ شئٌ حولُنَا ينفجِرْ، قد كُنا نركُضُ بينَ المقاهِى والشوارِعْ بِلا يقينٍ أو هدفْ… وخِطابُكَ صار مِرآةً لنا، فيهِ النوايَأ تتضِحْ وأنتَ تكشفُ لنَا ذِنوباً وأخطَاءْ

فالبحرُ هائِجْ، وحولُنَا يعوِى الذِئابْ والكُلُ باتَ مصِيرهِ مُهدداً فِى إِجتِزاءْ… وأنتَ تقفُ شامِخاً بيننَا ونحنُ حولُكْ، حتى لا تضيعُ جُهُودُنَا وتتشتتْ هباءْ

والكُلُ يُشفِقْ، وأنا أُردِدُ أنّ عرشَ الحُكمِ صعبٌ، وجهدٌ لا دلالَ فيه أوِ إِختيالْ… وأنّ منِ يستقرُ عليهِ، لابُدَ أنّ يلقَى مِنْ مصاعِبهِ العناءْ

أرهَقنِى صمتُكَ وحديثُكَ سيدِى، تفكيرُكَ إِسهابُكَ وسردُكَ… بِأن الوطنْ يعنِى التحمُلْ والبِناءْ، بِلا توقُفْ أوِ إِنتِهاءْ

ونحنُ نسعدْ وأنتَ تُعيدُ إِحياءَ أشياءَ فينَا صوبَ هدفٍ… مُؤكِداً بِأنّكَ تبنِى وطناً راسِخاً لِكُلِ جِيلٍ وإِبنٍ، مِنْ أجلِ أنْ نحيَا جميعَاً سُعداءْ

فأقرأْ لِتوِى تعلِيقاً لديكْ، مُتمعِنة فِى كُلِ حرفٍ مِنْ حِرُوفِهِ… بِأنّ الوطنْ يعنِى إِتِحَاداً وقُوةَ، وليسَ تشرذُمْاً وضعفَاً كالفُرقَاءْ

ونحنُ جميعاً نعلمُ أن الوطنْ كانَ مهجوراً تعِيساً… فإنتفضنَا فِى أوجِ ضعفهِ نغلِى لِأجلهِ، وأنتَ معنا زعيماً مُلهِماً يحمِلُنَا كأعباءْ

وخرجْتَ معنا تقُودُ ثكناتَ جيشُكَ، جِنِرالُ حربٍ ثَائِرٍ يبغَى الإِنتِصارْ…. ورُغمّ كُلُ ما قِيلَ عنها وعنَا، وما أشاعتُه عنها العشيِرة والقبِيلة، صنعنَا ثورةَ جديدَة بإِسمِ الشُرفاءْ

قد صنعنَا يوماً مُبجَلَ عِندُنَا، بإِسمِ ثورة (٣٠ يونيو)، تِلكَ ثورتُنَا المجيدةْ… كُنَا نثورُ وننتصِرْ، فصنعنَا مجداً يلِيقُ بِثورتُنا الحديثة يعلُو وينطِقُ فِى الأصدَاءْ

وإتحدنَا على رأسِ جيشٍ تقودهُ، وكأنها الفُرصة الأخِيرة… لِتحريرِ أرضٍ وشعبٍ مِن عشيرة أو جماعة، ثائِرينَ ضِدَ ظُلمٍ لحقٍ سُلِبَ مِنَا وبغضاءْ

فإكتملنَا صُورة جميلة فِى كُلِ شِبرٍ على أرضُنا… مُدناً ونِجُوعاً وكِفُوراً، والكُلُ يحلُمْ وأنتَ تجلِسُ وسطُنَا على رأسِ جيشِكْ فِى إِحتِفَاءْ

فنهضتُ تُكمِلُ رِسالتُكْ، وأنتَ تقُودُ جيشُكَ مِنْ أجلِ شعبٍ… سُدتْ أمامهِ كُلُ المسالِكْ، وهو يُطالِبُكَ الوِقُوفَ معه، ويصرُخ إِستِجدَاءْ

صار الوطنُ فى قلبُكَ محمولاً على الأعناقْ… مُتحوِلاً على يديكَ ما بينَ شعبٍ يهيمُ فِى كُلِ رُكنٍ، وجيشٌ يثورُ معهُ جنباً بِجنبٍ فِى إِتِكَاءْ

كمْ كُنتَ ترجُونَا لِتوِكْ فِى إِتِزَانْ، بِأنْ نُقاوِمْ ضعفُنَا… مُصارِحاً بِكُلِ صِدقٍ وفِى هِدُوءِ تقاسيمِ وجهك التى تنُمُ عنْ عميقِ فِكرٍ كالحُكماءْ

فكشفتَ لنا جِنرالُنَا بصدقِ دمعُكَ، بِأنْ ننوءَ ونبتعِدْ عنِ أى إحباطٍ وزيفٍ… وبِألا نُصدِقُ محضَ أخبارٍ يُشيعُهَا من وجهتْ ثورتُنَا وسِهامُنا نحوهُمْ مِنْ السُفهَاءْ

ولمْ تزلْ تركُضْ وحيداً مِنْ أجلِ شعبِكَ… وأنتَ تُفصِحُ فِى كُلِ حينٍ عنْ أىّ خِطة تُحكاكَ، أو تُدبرُ مِنَ هؤلاءِ الأشقِياءْ

قد صارتْ جُملتُكَ شهيرةَ، بِألاَ نسمعُ إِلا مِنكْ الحقيقة، محلُ إِعجابٍ لنَا… فوجهتُنَا بِأنْ نجودُ على وطنِنا بعدَ أن ثُرنا لِأجلهِ، وأنْ نُكرِمه فِى صفاءْ

فإِنتفضنَا نشتعِلْ لا نُبالِى بِالخطرْ، وأنتَ تبنِى مجدُنَا… وبصماتُ أعمالُكْ مُتوهِجة فِى الآفاقْ، فكمَا عهدنَاكَ طِيلةِ فتراتِ حُكمِكَ مِنْ العُقلاءْ

ورُغمَ النقاءِ البادِى فِى وِجنتيكْ، جاء تحذِيرُكَ بِحزمْ… تُبرئُ ضميرُكْ مِنْ أى قصدْ، بِأنّ دولتُنَا عدلٌ وليسَ خوفٌ وإِختِباءْ

خيرتُنَا بينَ إِنتِقاصِ الكرامةِ والِشِعُورِ بِالذنبْ… ولِأنّ الحياةَ إِختيارْ، فأِخترنَا الحياةَ على أرضُنَا فِى حِماكَ كُرمَاءْ

فرُغمّ إِنقِضاءِ وقتٍ مِنْ سنواتٍ عِجافْ… قدِ إخترنَا الحياةَ سوياً، وأنّ نعيشَ فِى كُلِ شِبرٍ مِنْ رِبُوعٍ مِصرُنَا فِى كِبريَاءْ

فمُنذُ ألتقيتُكَ فِى خيالِى بِناظِرِى شغُفتُ بِكْ… فرُغمَ المسافةِ بيننا، أحِسُ بِكْ أنظُرْ إِليكَ أبغِى إِحتِماءْ

شِعُورِى بِصدقِكَ عِندَ الحديثِ يُلهِبْ سِطُورِى تأمُلاً… تنبُضْ شرايينِى إِعجابَاً بِإسمِكَ، وأنتَ تحفُرُ تاريخَ أُمتِنَا ثراءْ

فأظلُ أُردِدْ بِضَعِ كلِماتِ نِصُوصِكْ كِتابةْ… وأعيدُهَا كى أنسى بعضاً مِنْ إِنهِزاماتِى وسوءُ ظنى وضعفِى، فتغمُرُنِى السعادةَ فِى إِمتِلاءْ

كمْ كنتُ أستمِعُ لِأحاديثِكَ رُغمَ ضيقِ الوقتِ… وحديثُكَ سيدى لا تكلُفْ بِه أو إِبهامْ، والكلُ صارَ يمُدُ يدهُ مُصفِقاً فِى إِنحِنَاءْ

ورُغمَ إِنكَ شامِخٌ فِى الحقِ يعلُو مقامِكَ سيدِى… صارَ اليقينُ فِى فُؤادِى مُترسِخاً بِأنكَ تحمِلُ بينَ الثنايَا ضميراً واعِياً كالأتقِياءْ

وكما عهِدتُكَ مُنذُ عرِفتُكَ، جِنرالُ حربٍ صارِمٍ… كحدِ سيفٍِ باترٍ فِى كُلِ حقٍ يبغَى رِجُوعهِ، ويتلفتُ كثيراً نحوَ السماءْ

وبِقلبِ طِفلٍ تحمِلهُ تشتعِلُ حُباً لِكُلِ منْ ينظُرْ إِليكَ مُتودِداً… تمسحْ دِمُوعَكْ، وتضحكُ فِى الوقتِ ذاتهِ رُغمَ البُكاءْ

وعلى ملامِحُكَ تعلُو إبتِسامَة رقيقةْ، تنُمُ عن بطلِ الحِكاية… سيرةَ زعيمْ أحبَ الوطنْ فأحبهُ رُغمَ ما ألمّ مِنْ البلاءْ

أنِى رأيتُكَ سيدِى فِى الناسِ تبنِى الحياةَ فِى شِمُوخٍ بينَنا… رأيتُك فى كُلِ شئٍ أراه حولِى ولا أراه بِلا إِختِفاءْ

فصِرتُ أنظُرُ أسفلُ منِى ثُمَ لِأعلَى قليلاً هُنالِكَ نحَو السماءْ… فحفرتُ إِسمُكَ على النِجُومِ أراهَا جميلةَ، علىّ أراكَ فِى لهفةٍ بينَ الأولِياءْ

قد قِيلَ لِى بِأنكَ مُبدِعٌ فِى كُلِ شئْ، وبِأنكَ حقاً سيدِى تُضىُ… تُشِعُ ضوءاً كالنُورِ يهدِى فِى مواكبهِ إِقتِداءْ

وكما علِمتُ، سيظلُ إِسمُكَ محفُوراً بيننا فِى كُلِ عصرْ… شخصاً وفياً نادِراً، قد صارَ أيقُونةً مِنْ الدُررِ تعيشُ فِينَا بِسخاءْ

فبِكُلِ جُهدِى أنتظِرْ أىُ أمرٍ لكْ، وأنا أُحاوِلُ على الدوامِ أُخفِى إِعجَابِى بِكْ… وتِلكَ الإبتِسامةَ الجميلةْ تعلو جبينكْ ووِجنتيكْ توهُجاً بِلا إِنطِفاءْ

ولِلغرابةْ، شئٌ ثمينٌ قد تعمقَ بِالقُربِ مِنكْ… لمْ أعُدْ أُضمِرْ شِعُوراً بِالشبهِ مِنكْ، بل بإِستِكمالِ ما ينقُصُنِى فِيكْ إِقتِفاءً وإِحتِزاءْ

قد صِرتُ فِى غِيابِكْ مِثلَ صُورة ينقُصُهَا قِطعة صغيرة… وبِمجيئِكْ، تكتمِلُ كُلُ قِطعة فِيها إِقتِناءْ

فإطلالتُكْ، تُنيرُ دربِى شِمُوعاً، بينَ ضوءٍ خافِتٍ يهتزُ بِى… فأطيرُ فرحاً، وأظلُ أرمُقُهَا كثيراً مُتخفيةَ عنِ العِيُونِ فِى إنزِواءْ

كمْ ألتفتُ لِتلكَ التفاصيلِ الصغيرة التى لا تُثيرُ إِنتِباهاً خِلال حدِيثُكْ… كخِطُوطِ يديكْ، تُثيرُ فِضُولِى، فأشعُرُ بِإنتِماءْ

فكتبتُ شِعراً سيدِى مِنْ أجلِ توصيلِ رِسالتِى إليكْ، وأعلمْ يقيناً أنهُ لابُدَ أنْ يصِلُ لكْ… لِأننِى لا أملُكُ سِوى قلمٍ يُشيعُ حُباً وإِحتِراماً لِلجميعِ لا إزدِراءْ

فتقبلْ لِإلحاحِى إِعتِذارِى على الملأ، وأغفِرْ ضجِيجِى… فقد كتبتُ بِكُلِ مشاعِرى وإندِفاعِى على الورقْ، وأنا ألوذُ وأحتمِى بِصُورةٍ لكْ فِى الخَلاءْ

ولِأمانتِى أرسلتُ لكَ خِلالَ لحظَة رِجُوعِى لِنادِيةِ القدِيمة… وهذَا لِلعلمُ إِسمِى، فأرجُو لِلحظَة أن تهتمُ بِأمرِى كما عهِدُتكَ فِى ذكاءْ

كما أنِى أُريدُ أن تفهمْ شِعُورِى وصِدقِى، وبعضٌ مِنْ نِقاطِ ضعفِى… رُغمّ أنّى أعلمُ حجمَ مشاغِلُكَ العديدة وضيقِ وقتِكَ فِى تِلكَ الأثناءْ

وبعدَ إِرسالِى الرِسَالة إِليكْ حاولتُ أنسى ما كتبتْ… فشغلتُ وقتِى فِى ترتيبِ نفسِى وشأنِى والأغراضْ، فأرهقتُ ذاتِى تعمُداً فسقطتُ وغلبنِى الإِغفاءْ

فبعدُ أنْ أرسلتُ إِليكَ تِلكَ الرِسالة ونشرتُها وقرأتُها على الملأِ… حاولتُ فترة أنْ أستعيدُ وأبحثُ عما ضاعَ مِنى، وشئٌ عميقٌ داخِلى قد تجّذرَ يستشِعرْ جفاءْ

كما أننِى مِنْ بعدِ ما ناشدتُكَ بِعُمقِ أمرِى، أُغمضتُ جِفنِى… فوددتُ أنْ أُعانِقُ فِيها حُلماً تحققْ، وشُعورٌ عميقٌ بينَ تغييرِ أمرِى وصِفتِى ينتابُنِى بِإِعتِناءْ

وأِعذُرُنِى لِأنِى قررتُ أنْ أشرُكُكَ أمرِى… لِأنِى شعُرْتُ بِرغبتِى أنْ يصِلُكَ كُلُ أو بعضُ أمرِى مِنْ خِلالِى وليسَ مِنْ خِلالِ غيرِى، فأشعُرُ بِإرضاءْ

كانتْ سِطُورِى إليكَ أثناءَ تحضِيرِى الخِطابِ، وأشياءٌ عديدة تشغِلُ فِى ذاكِرتِى حيزْ… أُودُ أكتُبُها لكْ، تضيعُ مِنى حِرُوفاً فأسترجِعُها معَ الأسماءْ

فأِقرأ حِرُوفِى سيدِى ومُفرداتُ شِعرِى بإهتِمامٍ… أُريدُكْ أن تقرأْ بِقلبِكَ لا بِعقلِكْ على تمهُل، وخُذْ وقتُكْ حتى تفهمُ مُفتاحَ ألمِى وعُمقُ شجنِى وسِرُ الإِنطِواءْ

وأعَلمْ أن الكُلُ قدِ أحتارَ فِى وصفِ أمرِى حدُ الإِرتِبَاكْ… فلرُبما أختزِلُ تصرِيحِى وصِفَتِى، وأعتقِدْ أن ذِلكَ يكفِى مُفتاحاً أميناً لِفهمِى، فِى إِِختِلافِى عن باقِى النِساءْ

تتأرجَحْ حياتِى تناغُماً بينَ هِواياتٍ وأشياءِ عِدة… أهوَى السِياسةَ أحيانَ أُخرَى، فأُناطِحُ دُولاً على الورقِ وأرسِمْ حِرُوبْ، فيطيرُ الخيالُ مِنِى ويهوَى، فلعلّى بعدُها أشعُرُ بِإرتِخاءْ

كما أننِى فِى الوقتِ ذاتهِ وعلى النقيضِ، شاعِرةَ تذُوبُ رِقة عِندَ الحدِيثْ… أكتُبْ نِصُوصاً تُشعِلْ عواطِفْ وتُخمدْ حِرُوبْ، فأتوارَى خلفَ الأسوارِ خَجلاً، وأختَبِئ عنْ كُلِ عينٍ فِى هِدُوءْ

أشعُر بِعُزلة عنِ الوِجُوهِ والشوارعِ، أكتُبْ لِأجلِى، أتغيرُ وأضحكُ لِأجلى حدَ الإِكتِفاءْ… أمشِى سوياً مع عُزلتِى، جُزءُ مِنِى وأنا مِنهَا فِى إِتِساقْ، ولا أدرِى سِيادتكُمْ أهى نِعمةٌ كما أُردِدْ أمْ جزَاءْ؟

إِلا أنِى يا زعِيمِى ورُغمّ بُعدِى وإِنصِهارِى عنِ الجِمُوعِ فِى عالمٍ مِنْ خيالِى شُغِفتَ بِه، لا أبغِى شيئاً… لا أُطِيقُ أىُ دَمعَة تسقُطُ مِنْ عينِ أخٍ شرِيكٍ فِى الوطنْ، فأنتفضُ لها فِى إِستِياءْ

فاتحتُكْ بِأمرِى يا رئِيسْ، لا أدرِى كيفْ، ولكِنى فعلتُ وصارحتُكَ بِكُلِ راخةْ… لأننِى قد تعلمتُ مِنكَ، بِأنّا جميعُنا نحمِلُ هِمُومَ وطنٍ هُو جُزءُ مِنَا، ونعيشُ فِيه أسوِياءْ

وكُنتُ قدْ أستغرقتُ وقتاً أُفكِرْ مِنْ أجلِ الوِصُولِ لِحلْ، هل أكتبُ إليكَ؟، ولكنِى كتبتْ… كتبتُ لِأنكَ مسئولُ عنا، ونحنُ مِنكَ وأنتَ مِنَا قائِدٌ على رأسِ وطنٍ مِنْ الفُضلاءْ

وأعلمْ يقِيناً بِأنْ غيرِى لمْ يزلْ يفتقِرُ الشجاعةَ مِنْ أجلِ أنْ يُسلِمُكَ الخِطابْ… ولكنِى أُرسِلُ وأنتَ تفهمُ بالإِشارَة، لأنْ عينُكَ على كُلِ مِنّا، تحنُو علينا، تقترِبُ مِنا، وتُظلِلُنَا كالضِياءْ

وكُلِى يقينٌ فِى ضميرُكْ سيدِى…
وحُسنِ فِهمِكْ، وتعمُقِكْ والإِنصَاتْ، وأنتظِرُ حُكمِكَ فِيما كتبتُ إِليكَ حُزناً وألمَاً أو إِطراءْ

فلعلكَ تفهمُ إِشاراتِى إِليكَ حيناً، فلا تضيعُ مِنى… وأنا أُشيرُ مِنْ بعيدٍ فِى إِيماءْ، فأقترِبُ مِنْ غرضِى حثيثاً فِى إِستِقصاءْ

وأعترِفْ بِأنِى أخُصُكَ شئٌ فيهِ سِحرٌ مِنكْ كالخيالْ… شئٌ يقترِبْ فِى الذاكِرةِ حِيناً، يغِيبُ ويرحلْ ثُمّ يعُودُ فِى إِحتِساءْ

ورُغمّ حُزنِى لِوقتٍ قد تعلمتُ رئيسُنَا شئٌ ثميناً مِنكْ… قد علمتُنَا بِأنّ أنبلْ أنواعُ حُزنٍ، هو حزينٌ لم يذرِفْ أىُ عِبرَة تُرِيحُ قلبهِ بِلا إِستِعلاءْ

قد كُنتَ تقصِدُ كُلَ تعيسٌ بينَنا مفجوعٌ بِقسوَة مِنْ غدرِ دهرٍ… لا يرجعْ لِنفسهِ ولا يكادُ يعُودْ، ويظلُ مُتقِداً يدُورُ غائِماً فِى إِكتِواءْ

وبعد أن تعلمتُ الكثيرُ مِنكْ، سرَحتُ فِيكَ بِغيرِ قصدٍ أو لِقاءٍ بيننا… قُدُ كُنا نبحثُ حِينهَا عنْ زعِيمٍ مُلهِمٍ يزُودُ عنَا مُدافِعاً مِنْ الأقوِياءْ

فبحثنَا عنكْ جِنرالُنَا بينَ الزوايَا والرِبُوعِ وفِى النوايَا، إلى أن عثرنَا عليكْ… شخصاً يلِيقُ بِعظمةِ تاريخِ وطنٍ، على أرضِه حُمِلتْ رِسالاتُ الأنبِياءْ

كُنا نُرِيدُه رجُلاً يذُوبُ فِى عِرُوقِنَا، ويتقِدْ… فيزِيدُ فِينا إِشتِعالاً وشُعلَة، مُتفرِداً لا شَبِيه له فِى الأسلافْ، زعِيماً بِحقِ مِنْ الزُعَماءْ

حلُمنَا بِه جِنِرالاً قوِياً، يُعيدُ لِمصرِ بهائُهَا وملامِحهُا الأبِية… فتُشرِقُ دِفئاً، ويُوقِظُها مِنْ بعدِ غفَوةٍ أُلمتْ بِها فيُحيلُ سِكُوتِهَا إِحياءْ

ويومَ لبيتَ النِداءْ، لمْ يغمَضْ جِفنٌ فى الليلِ لكْ، ولم يهدَأ فِى الصحوِ بالْ… وعرُوسِ الشرقِ مِصرُ تئِنُ وترتجٍفْ مِنْ أجلِ نجدِتُهَا إِِحتِواءْ

فلِكمْ صمُتُ سيدِى، ولِكمْ خِطابٌ مِنك يدَوِى… وأنتَ ترتجِلُ الخِطابَ تلو الخِطابَ، فلا خيرٌ فِى أُمةٍ تُحرِكُهَا أهوَاءٌ وأنواءْ

وأنا فخُورة بِخبرتِكْ يا جِنِرالْ، فكُلُ ما أطلقتُه مِنْ خُطبٍ نصغى إِِليهِا… وترهفُ الأذانُ تنصِتُ بإِهتِمامْ، فتحولَ شعبٌ لِأجلِكَ لِمُنْصِتينَ وخُطباءٍ بُلغَاءْ

قدْ كانْ قلبِى يهوَى فِى الضِلُوعْ وأنتَ تُردِدْ… فلِتعلمُوا أنّ معركةَ الكرَامةْ لم تعُد محضُ فخرٍ، ولكِنّها صِدقُ إِصرارٍ وعزمٍ فِى الإِخاءْ

وأِلتفتُ فِى خِطابٍ وجهتُه ذاتَ مرةَ مُخاطِباً ضميرُ أُمةَ لا تنامْ… بِأنّا لا نملُكُ عصَى مُوسى أو مُعجِزة، فُنحيلُ أقدارُنَا فِى لمحِ بصرٍ لِهناءْ

ونحنُ قومٌ شكلّتُ تارِيخَ أُمتِنَا ما بينَ يأسٍ وإِنكِسارْ إِلى إِنِتصارْ… فجددتُ فِيها الرُوحْ، وأنقذتُهَا مِمنْ كانَ يظُنهَا غنِيمتُه فِى إِشتِهَاءْ

قد إِنطفأتْ ألوانُ أُمتِنَا باهِتة مُتداخِلة، قبلَ أن نلتقيكَ تلوذُ عنها مُدافِعاً… فحفظتُها وطردتُ مِنْ على أرضِنَا كُلُ أصحابِ القِلُوبِ السوداءْ

فبنيتَ لنَا تاريخُ دولة كادتْ لِفترة تفقِدُ بريقُهَا… فخلصتُها تحتَ وقعِ أقدامِ شراذِمةٍ أشقِياءْ، قد ظنُوا أنُفسهُمْ لِوهلَة ويا لِلعجبْ خُلفاءْ

فتوعدتَ كُلَ هؤُلاءِ المُدّعِينَ الأوصِياءْ… سميتهُمْ أشباهَ بشرٍ كانُوا لِفترة بيننَا وليسُوا مِنا، وهُمْ ينظُرونَ إلينَا فِى إستِعدَاءْ

فسطّرتُ شِهادةَ مِيلادٍ بإسمِ مِصرُ الجديدةْ… فتأكدّ لنَا قولُ حقٍ بِحفظِهَا فِى كِتابِهِ، تعلُو وتنهضُ فِى إِغتِناءْ

ولم تزلْ رِمالُ سِيناء تُحارِبْ وحيدَة بِغيرِ ذنبٍ، فخاطبتُنَا بِعُلوِ صوتُكَ… بِأنّ مقامُ دولتُنَا عزيزاً، فصِرنَا نمشِى لِحِسِكَ فِى إِنتِشاءْ

فوصلتْ رِسالتُكَ الأخيرة إِلينَا مُتأثِراً… بِأنّ الوطنْ ومُقاتلينكْ ليسَ لهُمْ إِلا إِستِردادِ الكرامة جُنُوداً لِوطنٍ أكِفاءْ

والكُلُ يمضِى يحفُرُ إسمِ مِصرُ الأبية عالِياً بينَ السحَابْ… وأيادِى تعملُ بينَ الصِخُورِ وتحفُرْ، وأنتَ معُنَا، والكُلُ باتَ يرسِمُ حُلمُه فِى زهَاءْ

أرسلت إليكم قصيدتى الجديدة

(سيدِى الرئيس عِندى خِطابٌ عاجِلْ لكْ)

وهى أصعب ما كتبت فى كُلِ حياتى، تفرغتُ لها منذ شهر كامل ليل نهار لصياغة معانيها بِدقة شديدة.

قرأتُ مئات الأشعار القدِيمة والحديثة والتى كتبت لكل الرؤساء المصريين والعرب، حتى أصيغها بشكل مختلف عنهم، وبإحساس أعمق.

لو وصلتكم كلماتها بعُمقِ إحساسى بها، فسأبتهج لأنى حينها، سأكون قد نجحت 😊

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد