من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

دور المؤسسات التثقيفية فى الحزب الشيوعى الصينى فى إعداد المواطن فى صنع القرار الديمقراطى وتقديم التوصيات السياسية

تحليل: الدكتورة/ نادية حلمى

الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية – أستاذ مساعد العلوم السياسية جامعة بنى سويف

 قامت المؤسسات التثقيفية فى الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين الصين ببناء عملية ديمقراطية كاملة فى عهد الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ”، بما يسمح لأكبر عدد من المواطنين بالمشاركة في عملية صنع القرار الديمقراطى، ليس فقط من خلال آلية التصويت، ولكن أيضاً عبر تقديم التوصيات السياسية. ويمكننا تقييم هذا النموذج الديمقراطى للتجربة الصينية، من خلال التعرف على عدد من الحقائق التالية:                    

 هناك شبه إجماع عالمى، بأن الأحزاب السياسية الرئيسية فى عدد من البلدان الغربية قد إختفى بريقها وضعفت قوتها، خاصةً مع تزايد الإتجاهات الشعبوية، وغيرها من تلك الإتجاهات المتطرفة، مع سيادة نمط من الفوضى السياسية، وإتساع حدة الإنقسامات الإجتماعية بين مختلف فئات وطوائف المجتمع.  

وعلى الجانب الصينى، فقد نجح الحزب الشيوعي الصينى الحاكم فى الصين فى الإعتماد على الرأى العام، والقيام بحملته الخاصة لمكافحة الفساد، وتعزيز قدرته على الحكم، لدرجة جذبه الكثير من إهتمام الأحزاب السياسية فى جميع أنحاء العالم لدراسة والتعرف على تجربته.                                     

 وهنا نجد أن المؤسسات التثقيفية في الحزب الشيوعي الصينى أفرزت مجموعة من (القيادات ممتازة والمؤهلة سياسياً من الجيلين الثانى والثالث، وآليات لتجديد مبادئها وسياستها بإنتظام)، فيما يعد تغييراً عميقاً للنظام السياسى الصينى، ونجاحاً غير مسبوق للتطور السياسى الذى تشهده الصين فى عهد الرفيق “شى جين بينغ”.                                      

                                             

تحت نظام القيادة المزدوجة، يقع كل مكتب محلي تحت السلطة المتكافئة للزعيم المحلى وقائد المكتب أو الوزارة المقابلة للمستوى الأعلى التالى. يتم إنتخاب أعضاء المؤتمر الشعبى الوطنى لنواب الشعب الصينى على مستوى الناحية من قبل الناخبين. ويعد المؤتمر الشعبى على مستوى الناحية مسئولاً عن مراقبة الحكومة المحلية، وإنتخاب أعضاء المؤتمر الشعبى على مستوى المحافظة (أو البلدية في حالة البلديات المستقلة). وبدوره ينتخب المؤتمر الشعبى على مستوى المقاطعات أعضاء المؤتمر الشعبى الوطنى، والذى يجتمع كل عام فى شهر مارس،  بالعاصمة بكين. وهنا تلعب لجنة الحزب الشيوعى الحاكم على كل مستوى دوراً كبيراً فى إختيار المرشحين المناسبين للإنتخاب فى المؤتمر المحلى وإلى المستويات الأعلى.         

  

على قادة الحكومة المركزية بناء المزيد من التوافق للسياسات الجديدة بين أعضاء الحزب، القادة المحليين والإقليميين، أعضاء الحزب فى المستويات القاعدية، مع مراعاة (إتجاهات المواطنين وكافة سكان المقاطعات والمدن)، مع مراعاة أن يتم الحفاظ على السيطرة على إدارة السياسات، من خلال التحكم فى المعلومات بالنسبة  لقادة الحزب المركزيين.                

                                                      

سبقت التغييرات السياسية بطرق عديدة الإصلاحات الإقتصادية، حيث إن رفض الحزب الشيوعى للصراع الطبقى، كهدف رئيسى له فى السابق، قد فتح الباب أمام العديد من التغييرات السياسية الهامة، وذلك لأنه خلال هذه الفترات السابقة، كان ما يقرب من ٥ ملايين شخص متهمين بشكل غير شرعى بمخالفة أوامر وتعليمات الحزب، بما في ذلك ١.٦ مليون مثقف تم تبرئتهم سياسياً لاحقاً.                                                           

كما وسعت القوانين الصينية الصادرة من قوة وفعالية (الإنتخابات الشعبية المباشرة لمندوبى الكونغرس من الناس في كل قرية (بلدة) إلى مستوى المحافظة، كما أعيد وضع التصويت داخل الحزب، وسمح للكوادر برؤية نص السياسات قبل أن يطلب منهم الموافقة عليها)، كما أصبحت حكومة القرية أيضاً أكثر خضوعاً للمحاسبة مع تمرير قوانين تسمح للقرى بحكم ذاتي واسع، وبإنتخاب قادة لهم يتمتعون بسلطات كبيرة فى شؤون القرية، وفى غضون ذلك، فقد إنتخبت معظم قرى الدولة الصينية، والتى يقارب عددها مليون قرية قادتها.                       

                          

بدأت الصين بتنفيذ (إصلاحات فى الجهاز الإدارى لإقامة نظام حکومى متطور يساعد على تنفيذ السياسات الإقتصادية الجديدة وتحقيق التنمية السريعة والإصلاح الهيکلى من خلال تنفيذ سياسة الإصلاح والإنفتاح). فلقد لعب الجهاز الإدارى للصين دوراً جوهرياً فى التنمية، وخاصةً فى مجال توظيف التنمية فى المعادلة السياسية، حيث قدمت خبرة الصعود التنموي الصينى والذى به تحولت الصين من واحدة من أفقر بلدان العالم إلى القوة الإقتصادية الثانية عالمياً العديد من الدروس التي يمکن الإستفادة منها.                                   

– فكان مفتاح نجاح الحزب الشيوعى الصينى، هو قدرته على الإستماع إلى الناس، ثم ترجمة ما يحتاجونه إلى خطة لتحقيق الإحتياجات المعقولة لأفراد الشعب الصينى. فالوعد بالكثير من الأمور أو التقليل من أهمية مطلب أو قبول أي طلب ليس مساراً جدياً، وفقاً لإستراتيجية الحزب الشيوعى الصينى.               

– فقد نجحت الصين بسبب تطويرها خططاً مختبرة معقولة ثم قيامها بتعديلها وفقاً للأوضاع والظروف الفائدة. وذلك على نقيض أوروبا والغرب، فمع صعود الإتجاهات الشعبوية والفوضوية، تعتبر بعض البلدان خطط التنمية مجرد شعار لحملاتها الإنتخابية، لتجد نفسها في النهاية غير قادرة تماماً على الإنجاز.                                                           

– ويعمل الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين، وفقاً لإستراتيجية (الحوكمة الحزبية)، بمعنى: العمل بإستمرار على تعزيز أساليبه فى مكافحة الفساد وأساليبه فى الإنضباط من أجل بناء حزب نظيف يتمتع بالكفاءة، وهنا تقدم الصين مرجعية من الناحية النظرية، ومن ناحية الممارسة بالنسبة لبناء الأحزاب السياسية فى العديد من البلدان، فضلاً عن كون الدولة الصينية تقدم حالات حقيقية ومصدر إلهام لصنع السياسات وحل المشكلات للعديد من البلدان النامية وحتى فى بعض الدول المتقدمة.                                                               

– كما بات الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ”   يتداول عبارة “الإصلاح السياسى” بشكل رسمى فى خطاباته السياسية. وإنتقاد  مفاهيم (البيروقراطية، التركيز المفرط للسلطة، الأساليب الأبوية، محاربة الفساد فى السلطة فى المناصب القيادية، محاربة الإمتيازات بمختلف أنواعها داخل قيادة الحزب).                      

                                   

– لكن منذ البداية كان الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ” حريصاً على توضيح أن هناك حدوداً للإصلاح السياسى، وبعبارة أخرى فقد أعتبر أن الديمقراطية التى يحتاجها الشعب الصينى يجب أن تكون (الديمقراطية الإشتراكية والديمقراطية الشعبية فقط، وليس الديمقراطية البرجوازية والديمقراطية الفردية)، أى ديمقراطية قائمة على قواعد معينة.                          

– وكجزء من الجهود الرامية إلى إعادة تنشيط صفوف الحزب الشيوعى الصينى، فقد تم إنشاء أنشأ(لجنة إستشارية مركزية، كمنظمة ذات قوة (ضئيلة) لإحالة كبار القادة المسنين إلى التقاعد، كما أطلق برنامجاً للتتبع السريع للكوادر الشابة الواعدة، الذين حصلوا على تعليم جامعى ومهارات إدارية جيدة).                                                                

– وتم التأكيد على أن عمل المحاكم كهيئات شبه مستقلة، وذلك على الرغم من إستمرار لجان الحزب فى إتخاذ القرار النهائى بشأن القضايا الرئيسية، كما إحتفظ الحزب بسيادته فى التعيينات القضائية، مع تعزيز دور النظام القانوني فى النظام السياسي للجان المقاومة الشعبية، حيث أن (قانون التقاضى الإدارى يسمح لأول مرة للمواطنين بمقاضاة الحكومة عن أدائها).   

– وهنا يتضح لنا الدور الصينى فى الإسهام فى رسم السياسات الإجتماعية بواسطة الحزب الشيوعى الصينى وحكومته من جهة، وتصدير الحوكمة العالمية ذات الخصائص الصينية إلى صناع السياسات الحكومية دولياً من جهة أخرى، أما الإطار الثانى الذى إنتهجته الصين، فهو الإطار التطبيقى الذى يشمل بالبحث والتوثيق، كافة تلك الآليات والإجراءات التى سعت الدولة الصينية لإتخاذها من منطلق تحليل الحوكمة العالمية، والوقوف على أبرز الفرص وأهم التحديات من مفهوم شامل.  

   ومن هنا نستنتج، بأن الإصلاح السياسى فى الصين لا يتبنى شكل أو نمط الممارسات ذات الطابع الغربى، مثل: تعددية التجربة الحزبية بالتنافسية، والتى تتولى السلطة بالتناوب والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. بل يجب أن يجرى ذلك فى الصين بشكل سلمى وبشكل تدريجى بطئ عبر عدة خطوات. لأن الصين دولة كبيرة بها مليار ونصف نسمة. كما يجب أن ينطلق الإصلاح السياسى من الواقع، وينسق بين الإصلاح السياسى والتنمية الإقتصادية الراهنة، ويتماشى كذلك مع الظروف التاريخية ومع مستوى التعليم والثقافة الصينية السائدة. كما لا يمكن أن يبعد الإصلاح السياسى عن حقيقة واقع الدولة الصينية، بغير الحاجة إلى رفع شعارات فارغة فى المرحلة الحالية، وفقاً لما تروج له الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها فى الغرب.                                    

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد