من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

✍️..صدى الكلمات.. قطار الوطن المنقلب..!!

بقلم خالد بركات..

*الغدر والجهل لا يثمران إلا علقماً مراً..*
*وأول من يغص بهما ٱكلهما..*

للأسف إنها تشبه حالنا..قصة منقولة مقتبسة من رواية عالمية روسية، للكاتب انطون تشيخوف..

اثناء قيام احد الحراس بالتفتيش بالقرب من محطة السكك الحديدية في روسيا وجد رجلاً
يقوم بفك صواميل الفلنجات التي تقوم بتثبيت شريط القطار، فاقتاده لقسم الشرطة للتحقيق..

المحقق: هل تعلم مدى خطورة ما تفعل..؟؟
أنت متهم بتعريض حياة آلاف الابرياء للخطر..
الرجل : كيف.. انها مجرد صامولة، لن تؤذي أحدًا
أنا في حياتي لم أؤذي أحدًا من قبل..

المحقق : لماذا فككت الصامولة..؟؟
الرجل : أنا صياد، وأستخدمها لتثبيت الشبكة اثناء الصيد، وأريد شيئا ثقيلاً به ثقب لتثبيت الشبكة فالصامولة هي افضل اختيار متاح لي..

المحقق : ولماذا لم تشتري، أو تصنع واحدة..؟؟
الرجل : إنها مكلفة جداً، وأنا صياد فقير، فمن الأسهل أن أفك الصامولة، عن أن أتحمل ثمن صنع واحدة، أهل القرية كلهم يفعلون مثلي..

المحقق : ماذا تقول هذا جنون أتقول أن القرية كلها سرقت الصواميل، سوف ينقلب القطار..
الرجل : كلا لن ينقلب، فنحن نفك صامولة ونترك أخرى بالتبادل حتى تتوزع الأحمال، لقد تعلمناه في دروس الفيزياء في المدرسة ونحن صغار..

المحقق : أكيد.. لا يزال هناك خطر قائم وهل تستخدمون كل هذه الصواميل في الصيد..؟؟!!
الرجل: أنا واخوتي نستخدمها وجارنا يستخدمها
في صنع الاقفال لبيت العمدة ومركز الشرطة..

المحقق : ماذا تقول ، ولماذا يفعل جارك هذا..؟؟!!
الرجل : لقد طلب منه العمدة تجديد اقفال المنزل ومركز الشرطة، ولم يعطه مالًا لتصليحها
فحينها فكر في طريقة يجدد بها الأقفال دون تكلفة، ولم يجد أفضل من صواميل القطار..

المحقق : وطبعًا رأى العمدة تلك الصواميل..
فهل سأل من أين حصلتم عليها..؟؟
الرجل : لم يكترث، هو فقط أراد إصلاح الأقفال..
المحقق : نشكر الله أننا قد اكتشفنا الأمر قبل ان تحدث كارثة ، سوف أصدر أمرًا بتعيين حراسة على تلك القرية لمنعهم من فك الصواميل..
الرجل : أعتقد انها لن تكون مشكلة بالنسبة لنا، لأننا سوف نحصل على الصواميل من القرية المجاورة لنا، سوف نشتريها منهم..

المحقق : ماذا تقول كلهم يفعلون مثلكم..؟؟
الرجل: نعم سيدي، كل القرى في محيط شريط القطار تفعل هذا، هناك من يستخدمها للصيد وهناك من يبيعها، وهناك من يصنع بها الاقفال، مضطرون لذلك، فلا بديل أمامنا، ولا نملك النقود لشراء أبسط الاشياء، فنضطر لفك الصواميل..

المحقق : نسألك، مع أهل القرية فهل إن رفعنا رواتبكم، تتوقفون عن سرقة الصواميل..؟؟
الرجل : أخشى سيدي انها قد اصبحت عادة يمارسها الجميع ، إن كان عليكم ان توقفوا سرقة الصواميل ، عليكم لتعليم النشئ منذ الصغر بما تريدون إنه يفعل حين يكبر ، حتى وان كبر.. ووجد العدل والعمل والراتب المناسب لن يفكر يومًا في سرقة الصواميل .

المحقق : سوف اكتب هذا في تقريري ، ولنرى ماذا يفعل الحاكم، وأغلق الملف، وركب القطار عائداً للعاصمة، وهو ينظر للشباك، ويقول : لنفسه اتمنى أن نأخذ القرار سريعا ً فالأمر خطير، هؤلاء البؤساء، من الممكن أن يتسببوا في كارثة..!!

عندها يلمح المحقق طفلًا صغيراً، يقف على حافة شريط القطار، يقف ضاحكًا ويحمل في يده صامولتين، لينتفض المحقق فزعًا، ويصرخ :
أوقفوا القطار، لكن لقد فات الأوان، وصرخ الجميع على صوت الاصطدام وانقلب القطار..
لقد فك الطفل الصغير دون أن يدري صامولتين متجاورتين، لقد فعل كالٱخرين، لكنه لم يعلم خطورة ما يفعل، لقد وُلد هذا الطفل فقيرا ً ولم يذهب للمدرسة، ولم يحضر دروس الفيزياء..”

طفل صغير يعاني الفقر والجهل ، تربي في قرية تسرق الصواميل ، تسبب في إنقلاب القطار..

نعم.. وللأسف كم يوجد في وطننا، بيننا عابثون
يفكون وينهبون الصواميل من كل الجهات، عن قصد أو عن غير قصد، وبدون دراسة عقلانية وطنية، عن جهل أو عن علم، وهم بكل الأحوال لا يكترثون لقطار الوطن وانقلابه،وٱلام الشعب ومعاناته، وإن أنقلبت به الحياة رأساً على عقب..
اللهم..نستودعك المتواجدون في قطار الوطن..
واحميهم من كل إنتهازي أناني وجاهل، يفكك ما بقي من صواميل أمان قطار الوطن والمستخف بإنزلاقه، وبمصير وتشرذم الشعب والتحطم الإجتماعي، الإقتصادي، المعيشي، أكثر وأكثر..

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد