بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-سفير النوايا الحسنة- مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس استاذ ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان – مدير وحدة الجودة بالكلية- عضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم
تعمل حدائق الحيوان كمصدر للترفيه والتعليم والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض. وهنا سوف نكتشف الأسباب المقنعة العديدة التي تجعل حدائق الحيوان مفيدة للحيوانات البرية والدور الحيوي الذي تلعبه في بقاء الأنواع وتكاثرها والحفاظ على التنوع البيولوجى وإجراء الأبحاث العلمية والمزيد. وتعد حدائق الحيوان طريقة رائعة للتعرف على الحيوانات وموائلها. ويزور ملايين الأشخاص حدائق الحيوان كل عام لمقابلة الحيوانات ودعم برامج الحفظ لحماية الحيوانات البرية. ولحدائق الحيوان هدفان رئيسيان: تثقيف الجمهور وتثقيف الجمهور مع تقديم معلومات قيمة للعلماء. يمكن لحيوانات حديقة الحيوان أن توضح لنا كيف تأكل نظيراتها البرية وتلعب وتربي شاب. إن فهم كيفية بقاء هذه الأنواع على قيد الحياة هو الخطوة الأولى في الحفاظ على رفاهية الحيوان بشكل صحيح. وقبل الحديث عن الأسباب التى تجعل حدائق الحيوان مفيدة للحيوانات لابد ان نتطرق إلى التعرف على الحريات الخمس للرفاهية في حدائق الحيوان. وعندما نتحدث عن رعاية الحيوان، نود أن نفكر في الخمس “حريات” التي يجب أن تتمتع بها الحيوانات البرية داخل حدائق الحيوان:
التحرر من الجوع والعطش: من المهم أن يتم تزويد الحيوانات دائمًا بالأنظمة الغذائية المناسبة التي توفر نفس العناصر الغذائية التي توفرها تلقي في البرية. يجب أن تكون الحيوانات في حدائق الحيوان قادرة على شرب الماء النظيف وقتما تشاء وتناول العلف الذي تريده الحاجة، مثلما يفعل الناس. إذا ظل الحيوان جائعًا أو عطشًا لفترة طويلة، فسيؤثر ذلك سلبًا على رفاهيته. وتساعد الأعلاف المغذية الحيوانات على الحفاظ على الصحة السليمة. وفي البرية، يجب على الحيوانات الصيد أوابحث عن خلاصتهم. العديد من الحيوانات حتى السفر أميالاً في يوم واحد فقط للعثور علي الماء. في حدائق الحيوان، حيث يوفر حراس الحديقة الحيوانات طعامها وثابت إمدادات المياه العذبة. لكن، منذ الصيد أو البحث عن العلف والماء طبيعي للحيوانات، يحتاج حراس حديقة الحيوان إلى إعادة إنشاء هذه المرة بالنسبة لهم في الأسر. يفعلون ذلك من خلال توفير طرق معقدة للعثور على وتلقي خلاصتهم.
التحرر من الانزعاج: من خلال خلق الموائل المناسبة للتحرر من الانزعاج يعني أن حدائق الحيوان يجب أن توفر مأوى مناسبًا فى المطر أو البرد، وتوفر الظل من الشمس ومكان للابتعاد. وغالبًا ما تكون حدائق الحيوان هي الأماكن الأكثر أمانًا للحيوانات التي ولدت في الأسر أو الحيوانات التي لم تعد قادرة على تحملها رعاية أنفسهم في البرية. في البرية، تركض الحيوانات وتبحث عن مأوى من الضوضاء، أما حيوانات حديقة الحيوان فهي فقط نظرا لمساحة كبيرة. يمكن أن تكون حدائق الحيوان أيضًا صاخبة، مع وجود ضوضاء ومشاهد غير مألوفة. وإذا لم تتمكن الحيوانات من الابتعاد عن الطقس السيئ أو الأشخاص المزعجين، فقد تصاب بالتوتر أو المرض. لكننا نريد أن تكون الحيوانات بصحة جيدة، لذلك تعمل حدائق الحيوان على منح الحيوانات بيئة مريحة تتضمن الحماية منها الاضطرابات. يعمل علماء الحيوان على فهم كيفية جعل موائل حدائق الحيوان أفضل للحيوانات. على سبيل المثال، حيوانات القطب الشمالي مثل الدببة القطبية، يجب أن تظل باردة وتتاح لها إمكانية الوصول إلى المناطق المخفية حتى يتمكن الحيوان من الاختباء بشكل مريح من الرأي العام والجمهور.
حرية التعبير عن السلوك الطبيعي: إذ يجب أن تكون الحيوانات في الأسر حرة في التعبير عن سلوكها الطبيعي. وهذا يعني منحهم ما يكفي مساحة للتنقل والشركة من نوعها. بيئتهم لا ينبغي أن تقيد وضعها الطبيعي سلوك. إذا لماذا هذا مهم؟ حيث يمكن أن تصاب الحيوانات بالتوتر والمرض إذا لم تتاح لها الفرصة لاستخدام سلوكياتها الطبيعية. بالنسبة للخنازير، السلوك الطبيعي هو حفر التراب بأنوفهم. السلوك الطبيعي بالنسبة للفيل هو التدحرج في الوحل.
كيف يتم ذلك؟ فقد تم تصميم العبوات لتمثل بيئة مماثلة للبرية. يوفر حراس حديقة الحيوان الإثراء للحيوان من خلال تحفيز سلوكياته الطبيعية. على سبيل المثال، الحيوان الذي ينفق معظم طاقته سيحتاج الوقت الذي تقضيه في الأشجار إلى نوع من الأشجار أو أجهزة التسلق في محيطها. فمثلا حمار وحشي يحتاج إلى الكثير من المساحة للرعي والأسود محتاجة إلى ملاعب للتريض من أكل اللحوم.
التحرر من الخوف والضيق: تقع على عاتق القائم بالرعاية مسؤولية ضمان خلو الحيوان في الأسر من الخوف والضيق. وهذا يعني الحفاظ على الحيوان آمنًا من الضوضاء العالية أو الظروف الخطرة التي قد تسبب التوتر أو تنبيه حيوان. إذا لماذا هذا مهم؟ الحيوانات في الأسر غير قادرة على إبعاد نفسها عن الأشياء التي تخيفها أو تسبب لها التوتر. ويجب أن يشجع تصميم حظيرة حديقة الحيوان السلوك الطبيعي للحيوان. بعض الحيوانات مثلاً تشعر القطط الكبيرة براحة أكبر عندما تتمكن من قضاء الوقت بمفردها، لذا فإن حظائرها تتمتع بالخصوصية في المناطق التي يمكنهم الاسترخاء فيها. الحيوانات الأخرى، مثل القرود، تحب العيش في مجموعات كبيرة، لذلك فهي تعيش في مجموعات كبيرة تتضمن العبوات مناطق تتفاعل فيها الحيوانات وتلعب معًا.
التحرر من الألم والإصابة والمرض: والمرض ومعظم حدائق الحيوان لديها طاقم عمل من الأطباء البيطريين المتخصصين في رعاية وعلاج الحيوانات البرية الذين يقومون بالصيانة ورعاية وصحة الحيوانات. وكذلك معالجة المشاكل المحتملة قبل حدوثها وهي أفضل طريقة لضمان التحرر من الألم والإصابة، والمرض. ويمكن للأطباء البيطريين في حديقة الحيوان إعطاء الحيوانات التطعيمات الروتينية والفحوصات البدنية للحفاظ عليها لهم بصحة جيدة. الحيوانات التي تعالج من المرض يتم الاحتفاظ بها في عزلة (منطقة العزل) لتقليل التعرض للآخرين الحيوانات. بالإضافة إلى ذلك، يتم الاحتفاظ بالحيوانات المصابة منفصلة حتى يتمكنوا من الشفاء بشكل صحيح. والحريات الخمس معترف بها عالميًا باعتبارها “المعايير الذهبية” التي يجب مراعاتها في رعاية الحيوان. هذه الحريات تبقي الحيوانات صحية وسعيدة.
وهناك 10 أسباب تجعل حدائق الحيوان مفيدة للحيوانات؟ لقد كانت حدائق الحيوان جزءًا من الثقافة الإنسانية منذ آلاف السنين، حيث كانت بمثابة مصدر للترفيه والتعليم. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، أصبح دور حدائق الحيوان تحت المجهر، حيث شكك الكثيرون في قيمتها ومعاملة الحيوانات داخلها. وعلى الرغم من ذلك، وهناك العديد من الأسباب المقنعة التي تجعل حدائق الحيوان مفيدة للحيوانات وتلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الأنواع والحفاظ عليها وتعليمها.
الحفظ: تلعب حدائق الحيوان دورًا مهمًا في الحفاظ على الأنواع والحفاظ عليها. تواجه العديد من الأنواع خطر الانقراض بسبب فقدان الموائل والصيد والأنشطة البشرية الأخرى. ويمكن لحدائق الحيوان أن توفر ملاذاً آمناً لهذه الأنواع وتعمل على ضمان بقائها. ومن خلال تربية الأنواع المهددة بالانقراض، يمكن لحدائق الحيوان زيادة أعدادها والمساعدة في منع الانقراض. تدعم حدائق الحيوان أيضًا جهود الحفاظ على الموائل، وتعمل على حماية الموائل المهمة للحياة البرية والحفاظ عليها.
التربية: يمكن لحدائق الحيوان أن تقوم بتربية ورعاية الأنواع المهددة بالانقراض، مما يساعد على زيادة أعدادها. من خلال إدارة برامج التربية بعناية، يمكن لحدائق الحيوان زيادة التنوع الجيني بين المجموعات الأسيرة وضمان بقاء الأنواع. تعمل حدائق الحيوان أيضًا على تعزيز التنوع الجيني من خلال تبادل الحيوانات بين حدائق الحيوان المختلفة وبرامج التربية.
التعليم: توفر حدائق الحيوان فرصًا تعليمية للجمهور للتعرف على الأنواع المختلفة وموائلها. يمكن للزوار التعرف على سلوكيات وعادات وخصائص الأنواع المختلفة، مما يساعد على تعزيز تقدير أكبر للحياة البرية. كما تقدم حدائق الحيوان أيضًا برامج تعليمية، بما في ذلك الجولات المصحوبة بمرشدين ولقاءات مع الحيوانات والعروض التعليمية، والتي توفر للزوار فهمًا أعمق للحيوانات وموائلها.
البحث العلمى حيث تجري حدائق الحيوان في العالم أبحاثًا مهمة لدراسة سلوك الحيوان وعلم الأحياء وعلم وظائف الأعضاء لفهم الحيوانات وسلوكياتها في بيئة مختلفة عن البيئة البرية ورعايتها بشكل أفضل. ويمكن لحدائق الحيوان تحسين ممارسات الرعاية والإدارة. يمكن أن يوفر هذا البحث أيضًا رؤى مهمة حول بيولوجيا الحيوانات البرية ويساعد في توجيه جهود الحفظ.
الرعاية البيطرية. حيث تتمتع حدائق الحيوان بإمكانية الوصول إلى أحدث الرعاية البيطرية من خلال أطباء الحياة البرية المتخصصين في أمراض الحيوانات البرية والبحرية للحفاظ على صحة الحيوانات. ويشمل ذلك الفحوصات المنتظمة والرعاية الوقائية الروتينية وعلاج الإصابات أو الأمراض. يمكن لحدائق الحيوان أيضًا توفير رعاية متخصصة للأنواع ذات الاحتياجات الصحية الفريدة، مما يساعد على ضمان رفاهية الحيوانات التي ترعاها.
التخصيب. تقوم حدائق الحيوان بتوفيربيئات غنية لتعزيز الصحة البدنية والعقلية للحيوانات. ويشمل ذلك توفير الفرص للحيوانات للانخراط في السلوكيات الطبيعية، مثل البحث عن الطعام والاستكشاف، بالإضافة إلى توفير الألعاب وأشكال الإثراء الأخرى. من خلال توفير بيئات غنية، يمكن لحدائق الحيوان أن تساعد في تقليل التوتر وتحسين نوعية الحياة للحيوانات التي ترعاها.
الإنقاذ والتأهيل. حيث يمكن لحدائق الحيوان توفير خدمات الإنقاذ وإعادة التأهيل للحيوانات البرية المصابة أو اليتيمة. ويشمل ذلك توفير الرعاية الطبية وخدمات إعادة التأهيل، بالإضافة إلى إعادة الحيوانات إلى البرية عندما يكون ذلك ممكنًا. ومن خلال توفير خدمات الإنقاذ وإعادة التأهيل، يمكن لحدائق الحيوان أن تساعد في ضمان بقاء الحيوانات المصابة أو اليتيمة على قيد الحياة ودعم صحة المجموعات البرية.
الحفاظ على الموائل: تدعم حدائق الحيوان جهود الحفاظ على الموائل الطبيعية وترفع مستوى الوعي حول أهمية حماية الموائل الطبيعية. ومن خلال تثقيف الجمهور حول أهمية الحفاظ على موائل الحياة البرية ودعم مشاريع الحفاظ على الموائل، يمكن لحدائق الحيوان أن تلعب دورًا رئيسيًا في حماية هذه النظم البيئية الحيوية والحفاظ عليها.
بقاء الأنواع: حيث تعمل حدائق الحيوان على ضمان بقاء الأنواع وزيادة التنوع الجيني في المجموعات الأسيرة. ومن خلال تربية الأنواع المهددة بالانقراض وإدارة التنوع الجيني، يمكن لحدائق الحيوان أن تساعد في ضمان بقاء الأنواع على المدى الطويل ومنع الانقراض.
المشاركة العامة: توفر حدائق الحيوان فرصًا للجمهور للتفاعل مع الحياة البرية والتعرف عليها عن قرب، مما يعزز التواصل والتقدير للطبيعة. وهذا يساعد على رفع مستوى الوعي حول قضايا الحفاظ على البيئة وأهمية حماية البيئة والحياة البرية. وذلك من خلال السماح للناس برؤية الحيوانات عن قرب والتعرف على سلوكياتها وموائلها، يمكن لحدائق الحيوان أن تلهم حب الطبيعة واحترامها وتشجع الناس على اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الحياة البرية وحمايتها.
