من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

الوجه الآخر للاسود والفهود

د. احمد لطفي شاهين فلسطين

كلنا يعلم ان الاسود والفهود حيوانات متوحشة ومفترسة… لكنها تحكم مجتمعاتها وممالكها بشكل دقيق ومنظم جدا .. هذه قصة مجازية تعكس الوجه الحكيم لتلك المجتمعات المتوحشة..حيث يحكى ان الفهد رافق صديقه الأسد ليتعاون معه في الصيد، و في الطريق انتبه الفهد بأن الضباع تلاحقهم طوال الطريق فقال الفهد للأسد لماذا هم يراقبونا؟ التفت الاسد ولم يرد عليه … ثم وجد الأسد فريسة فبدأت الضباع تصيح بأعلى صوتها،،،، سأل الفهد الأسد لماذا الضباع تصيح فلم يرد الأسد ،، ثم رسم الاسد والفهد خطة وبدأ التنفيذ وهجم الأسد والفهد على الفريسة و بدأ الحمار بالركض.. وشاهد الفهد أن الضباع تركض خلفهم و تصيح بقوة لكن الأسد لم يلتفت لهم نهائيا وركز على هدفه حتى التقط فريسته واكمل معه الفهد الخطة وتمت السيطرة على الحمار .. وبدأ الاسد يأكل منها ويأكل معه الفهد … وكانت الضباع تراقبهم من بعيد وتصرخ وتصيح حتى انتهيا من أكلها و شبعا وغادرا … لتأتي بعدهما الضباع و يأكلوا العظام و الفضلات، المتبقية سأل الفهد صديقه الأسد و هو مندهش لماذا لم تلتفت على الضباع كل الوقت ظننتهم سيغدرون بنا او يحاولوا قتلنا، قال الأسد : و هل تجرؤ الضباع على مهاجمة الاسود؟ والفهود؟؟

اسمع يا صديقي ساعلمك عدة دروس.. لا تلتفت للضباع او للكلاب او الثعالب في حياتك فكل ما يستطيعون فعله هو الصياح والمكر السيء و النباح ليشتتوا انتباهك عن هدفك… لكن لن يستطيعوا أن يأخذوا منك سوى ما تركت لهم كرما منك … فلا تلتفت إلى صياح من هم أقل منك مكانة حتى لا يأخذوا منك مكانك . عليك ان تتعلم يا صديقي أن تستــمع للجميع.. استمع لكل رأي ولكل صوت ولكن ليــس بالضــروره ان تقتنع به ،،، وانما عليك ان تسمع كل شيء ولا تهتم الا بما يستحق اهتمامك … إحترم حقا من يستحق الاحترام وهذا واجب مقدس صديقي ،، مهما كنت قويا وعظيما قد تضطر احيانا ان تبكي .. لا بأس أن تبكي بينك وبين نفسك فالبكــاء راحة للنفــوس ،،شرط أن تمسح دمعتك قبل ان يراهــا الاخــرون ،،، ولا تســرف في حــزنك وكذلك لا تسرف في فرحك لان الحــياة لا تــتم على وتيــره واحــــده ،،،

صديقي ..لا تتدخل فيما لايعنينك حتى ولــو بالاشــــارة ،،،واعلم ،،،، ان الصــداقة عطــاء ثــم عطــاء ثم عطــاء ولكــن من الــطرفين …،،، واعلم أنه عندمــا يغــيب المنــطق يرتفــع الصــراخ ،،، إحــزن كثــيرا عندما تقــول وداعا لأي صديــق حقيقي فقد يكون وداعا لا لقــاء بعـده ،،، واحذر ان تكـون نهاية علاقتك مع اي انسان هي بداية كرهك له فقــد تنتــهي العلاقة لأي سبب ولكن يجب ان يبقــى التقدير والاحتـرام ،،، كن انت الشمعة التي تحترق لتضيء الطريق للاخرين .. لكن اياك ان تحترق لاجل من لا يستحق.. كن انت النجــــم الذي يقضــي عمــره من أجــل بث النــور للجمــيع دون أن ينتــظر من أحد كلمة شكــــرا وانما انتظر الشكر دوما من خالق الكون لانك تعمل اصلا من اجل الله في كل حياتك قد نختلف مع غيرنا يا صديقي الفهد لكن لمــاذا حين نختلف نفترق … إذا كان الإختلاف يؤدي إلى القطيعه ..أين يذهب الود … وإذا كان الإختلاف يحتاج إلى سنين حتى تعود المحبه من جديد …فأيـن الفضيلـة .

وإذا كان الإختلاف يؤدي إلى الهجـر …فأيـن تذهـب المحبـة .. وإذا كان الإختلاف يؤدي إلـى الأحقـاد …فأين تذهب المصداقية … ان الإختلافات في الحياة لابد منها وهي جزء لا يتجزأ في هذه الحياة …فهــي سنـة مــن سنــن الحيــاة … لأن سببها هــو التفكير الخاص … والرؤية الخاصة ولكن علينا ان نتكامل مع من نختلف معهم لبناء مجتمع سليم لأننا نخطيء كثيراً و نتسـرع أحياناً في التخلص من أصدقاء وأخوة … فعلوا الكثير من أجلنا … وأرتكبـوا خطأ صغيـر أنهينـا فيــه كــل شيء … وتكون كــل الذكريات مجــرد ورقــة ترمى فــي سلة المهملات وهذه التصرفات تدل اننا لسنا اوفياء ابدا في علاقاتنا ان الغدر صفة قذرة لا يجب ان يتمتع بها الشجعان .. اياك ان تلتفت للضباع وتنشغل بها وتنسى نفسك وتتغير طباعك اذا نزلت لمستواهم وتحيد عن تحقيق اهدافك … ان من لا يعمل عملا مفيدا في الحياة لا يجب ان نسمح له بأن يمنعنا من العمل والتقدم في حياتنا والا سيسود العالم منطق النفعيين المتكاسلين

صديقي الفهد…اعلم ان الله يدبر كل شيء في الكون وبطريقة ما سيُرتب الله كل شيء داخلك و يُزيل تلكَ الخدوش التي كان بقائها مُؤذياً لك للغاية ، سيُرتب لكَ الله فرحة لم تتخيلها من قبل .. سيحميك الله من كل متربص.. وما زرع الله في قلبك رغبة الوصول لأمرٍ معيّن إلا لأنهُ يعلم أنك ستصل إليه … فأحسن ظنك بالرحمن ثم إيّاك والندم على معروف قدّمته لأحدهم وان لم يكن يستحقّه، كن دائماً فخوراً بنقـاء قلبك، وقوتك وحافظ على ثباتك وكبريائك .. وإيّاك أن تندم على طهارتك ابداً مهما ظن الناس فيك الظنون ومهما قال عنك الاخرون .. فإن للاسود والفهود وجوه جميلة لا يراها الا من يؤمن ان الله تعالى هو من خلق الخير والشر معا وسيبقى الصراع بينهما الى يوم القيامة ولن ينتصر الا الخير مهما تعددت وسائل واشكال واساليب الشر

إعلم يا صديقي الفهد ان أكثر من يتكلم عن المثاليات والنجاح الباهر ربما لم يحققها فلا تكن تابعاً لغيرك بلا وعي دون توازن بين علمك وقدرك و قدراتك و أهدافك فالمخلوقات اذواق وعقول ومزاجات .. منهم من يشعر بالسعادة اذا وصل الى القمة و هناك من تكون سعادته بالاسترخاء أمام شاطئ جميل اوكوب قهوة ساخنة في مكان ممطر .. فالقمة تتفاوت معاييرها و النظرة لها وذلك حسب عوامل كثيرة ودائما يا صديقي افعل ما تراه صعباً وتحدى المستحيل مادمت مع الحق .. وستجد الدروب فُتحت لك.. وان الله يسر لك كل السبل ..

فابحث عن كل ما يخيفك واقتحمه تجد الخوف يتلاشى أمام عينيك.. اياك ان تتراجع عن التحدي مهما مررت بفشلٍ سابق.. بل اقتحم وغامر وحاول بـكل ثقة.. عندها تضمن النجاح .. و‏لكن عندما تُردد في كل لحظة “أنا حزين.. انا تعبت.. “، سيزداد حزنك في كل مرة ولن تشعر بالسعادة حتى لو كانت قريبة منك لذلك حاول أن تطرد مشاعرك السلبية، حتى تعطي الفرصة لنفسك للإحساس بمشاعرك الإيجابية، وابتسم للحياة لترى العالم يبتسم لك فرحًا، وتحدث مع نفسك بإيجاببة فمثلما تقول وتعتقد سيكون بإذن الله.. فنحن نكون كيفما نفكر وكما نتوقع .. انها قوة حسن الظن بالله ثم قوة تصديق الذات وإن العالم كله يفتح الطريق لمن يؤمن بقدراته.. من يجتاز العقبات…ومن يتخطى الحواجز… فكثيرة هي العقبات التي ستوضع امامك من الغير… واخطر هذه الحواجز التي ستضعها انت امام نفسك ان العقبات والمعيقات والمشوشات تحتاج منك الى عدم الالتفات لها كما فعلت انا مع الضباع في البداية .. واما الحواجز فعليك بتكسيرها بنفسك والتخطيط الجيد لاجتيازها وتحويل حطامها الى سلم تصعد به نحو القمة.. وعليك أن تدرك أن ليس كل تراجع اوانسحاب .. هو هزيمة، بل قد يكون هو الانتصار بعينه؛ قد يكون تخطيطاً استراتيجياً رائعاً منك عندما تبتعد عن مكان لا يتناسب مع عقلك وقلبك و روحك،،،

عندما تبتعد عن الطريق الذي لا يوصلك نحو هدفك، عندما تتوقف عن بذل نفسك لمن لا يستحقك، عندما تحفظ وقتك عن الأشيـاء التي تستنزفك .. انت هنا تمنع اي شيء في الكون من ان يقهرك صديقي الفهد.. تعلم فن التجاهل فانت إذا حــاسبت كل من أساء إليك ورددت على كل من هجاك وانتقمت من كل من عــاداك فسوف تخسر صحتك واعصابك وراحتك ونومك وإستقرار نفسك وهدوء بالك … تجاهل يا صديقي ما استطعت فالتجاهل فن راقي لا يتقنه إلا الشخص العاقل وتذكر دائماً أنك لست محدوداً بفرصة واحدة ولا مقيداً بهدف واحد او مستقبل معين، الحياة اوسع من أن تتمسك بشيء محدد ظناً منك بأنه لا يتكرر.. الحياة مليئة بالفرص والاهداف ولكن عليك ان تغير تخطيطك وتفكيرك دون ان تخسر ذاتك فالشجرة تتغير اوراقها واغصانها لتتكيف مع تقلبات الفصول ولكن تبقى جذورها ثابتة في الارض ..

وعندما تظن بأنك وقعت على الارض ويوهمك الاخرون بسقوطك المدوي فلا تصدق ذلك وتتوهم الأمر ..‏أنت لم تقع بل زلت قدمك وهذا أمر طبيعي يحدث لجميع البشر ولكن غير الطبيعي هو الاستمرار في هذا الوهم الذي سيدمرك كليا اذا استسلمت ف‏اجمع شتات روحك ولملم قوتك واستعد للنهوض للانقضاض على هدفك والتشبث بحلمك فالقادم أجمل وأنت أقوى مما تعتقد انك يا صديقي لاحظت معي ان كثيراً من الصخور عندما نراها من الوهلة الأولى نظنها صلبة قوية متماسكة قد ننخدع بها ونظن انها تصلح للبناء او للاحتماء خلفها من تقلبات الايام ولكن سرعان ما نكتشف بأنها ليست سوى كتلة هشة جوفاء فارغة من الداخل وانها مجرد شكل لا يمكن الاستفادة منها أو الاعتماد عليها في شيئ ولا يمكن استخدامها في تشييد أي بنيان وانها قد تنهار عليك وتزيد همك وكذلك هم بعض المخلوقات وكثير من البشر صديقي الفهد …

منذ مدة وانا أبحث عن طبيعة الشر، وأعتقد أنني اقتربت من تحديدها: فالشر هو عدم القدرة على التعاطف مع الغير وعدم وجود مكان للرحمة في القلب .إنها الخاصية الوحيدة التي تربط جميع الأشرار .. انه العجز التام والحقيقي في الشعور والإحساس بالآخرين.. قد اكون مفترسا في نظر العالم كله لكنني اعيش وفق قانون الغابة ولا يلام الاسد عندما يقتل لكن اللوم على من يخضع لشرائع سماوية وقوانين تمنع القتل .. ثم يقتل ويتفنن في مخالفة الشرائع والقوانين …

وتكون المصيبة اعظم عندما يدعي اولئك المجرمين المثالية والنزاهة.. ختاماً يا صديقي الفهد .. يجب ان تتعلم ان ‏الإبرة على حِدّتها لا قيمة لها بدون خيط ، وان الخيط رغم رقته إلاّ أنه هو من يرقع الثقب ، وما بين الحِدّة والرِقة هناك عملية وخز مؤلمة ينتج عنها اعظم واجمل الازياء.. هذه هي الحياة يا صديقي توازن بين الحدة والرقة وبين الجمال والألم….الى هنا تعبت أنا من الحديث فهل استوعبت كل الكلام؟ وانتم .. هل ستسمعوا وتطبقوا..؟

اخوكم المشفق على انسانيتكم

د.احمد لطفي شاهين فلسطين المحتلة

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله