جمل .. كثيرا ما نرددها, نعرف ما تعنيه , في البيت, الشارع, المدرسة, و من شاشات التلفاز:
ما بك ألا تسمعني؟ هل أصابك الطرش؟!
ما بالك ؟ ألا ترى؟ هل أصابك العمى؟!
تخرج منا هذه العبارات من باب الشتيمة و الذم و ليس من باب المديح, أليس كذلك؟!
هل نعلم ما تتركه هذه الجمل عند سامعيها وخاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة؟ ممن فقدوا إحدى حواسهم من حزن و مهانة نتيجة ما نتلفظ به دونما آبهين بمشاعرهم؟
ثم لمَ الذم أصلاً؟ ولم التشبيه بهذه الطريقة البشعة و الموجعة ؟
هل فقدت لغتنا العربية مفردات للذم والأهانة حتى بتنا نأخذ من ذوي الاحتياجات الخاصة مثالا للنعت أحدهم؟
لنتخيل معاً احد الأطفال فاقد البصر و يجلس مع رفاقه ويسمع هكذا جمل؟ ولنفسح مجالاً لمشاعرنا الإنسانية بالانسياب و الحكم .
ألا يشعر داخل روحه بالاهانة ؟ ألا يزيد هذا في حقده على من حوله؟!
نعم سيشعر ولكن سنقول عنه فيما بعد بأنه معقد من النقص الذي يعانيه ! يا للعجب ! و نسينا أننا السبب في ذلك , لا بل نحن من خلق حقده نتيجة لا إحساسنا
نحن من خلقنا شعوره بالحقد علينا لأننا نبذناه و أخذنا من معاناته مثالاً للذم و الاهانة ,ونحن من أطلق عليه الرصاصة في صميم قلبه , و نطالبه بالعيش .. الطبيعي
بالمقابل ليس المطلوب منا أن نتعامل معهم بشفقة أو التجاهل الكلي , فهذا ما يقتلهم أيضاً, عندئذ سنراهم في دائرة مغلقة من الحزن, لكن المطلوب كثير من المحبة و قليل من الاهتمام بمكانه الطبيعي ( لا نقول من يعاني في اعاقة بقدمه: اركض مع رفاقك!)
إن كان من يعاني من نقص ما في جسده نسميه معاق, هل لدينا تسمية للإنسان الذي لا يملك إحساسا تجاه الآخرين, هل هناك تسمية لمن لا يتعامل بإنسانيته؟ كم نحن مرضى ولا ندري؟
سنعود و نسأل: ما المطلوب منا تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة؟
سؤال برسم إنسانية الإنسان؟!!
تاج عبيدو
