

لست من النوع الذي أحبذ المفردات المباشرة أو الصور المباشرة أو الجمل المباشرة التي تخص الجسد , أجد في التلميح أكثر جمالا, هذا رأيي الخاص
مرت بعض الكلمات في رواية دنيا – للكاتبة علوية الصبح – ولم أتوقف كثيرا عندها – وذلك لأن الروائية المبدعة جعلت تلك الكلمات تنساب مع الرواية بجمالها و حبكتها لتخدم فكرة الرواية كما هي حال الأحداث الكثيرة التي روتها, فبراعتها التي جعلتني أفرق تارة بين دنيا وبين فريال وبين الكاتبة – هي ذاتها تلك البراعة التي جعلتني أشاهدهن .. امرأة واحدة , تتحدث عن حالة كل واحدة منهن بتفاصيل حياتها لتتشابك مع تفاصيل حياة الثانية وأنا لا أدري و فجأة أدري.
فتلك التي تخاف زوجها الذي يقوم باغتصابها كل ليلة تحت عنوان حقه الشرعي, و تلك الأرملة التي بكت زوجها أمام الناس فقط و فرحت بسرها لوفاته لكثرة ما كان يضربها , وتلك التي الأم الثكلى التي استشهد ولدها ووضعت صورته في قلادتها
علوية الصبح بإبداع و مشاعر انسانية عالية . تكلمت عن الحرب الأهلية في لبنان و وصفها بما فعلته الطائفية وكم شردت من الأهالي . و كم فرقت أصدقاء عن بعضهم كانوا يوما يأكلون و يشربون معا , و كم مات منهم بسيف الطائفية المتعصبة وللأسف أحيانا منهم من قتل صديقه بعد انتسابه للمجموعات المسلحة
*تقول الكاتبة : لن تلتهمني الحكاية
أقرأ لأعثر على دنيا التي ضاعت ملامحها , كنت كلما شاهدتُ امرأة تضحك ألمس شفتي إذ لربما تكركر ضحكاتها في فمي , وكلما شاهدت امرأة تبكي في المآتم أبكي مثلها, لتتماهى دموعي بدموعها, أقرأ ثانية , لأتأكد أنها أسراري التي ضاعت بين أسرار النساء , و أن حكايتي مع الضبع الذي بدأ يلتهم قدمي هي حكايتي .
لست وحدي من يخيّل إليه أنه بطل الحكايات التي يقرأها و يسمعها*
وأنا أقرأ الرواية , لم أتخيل نفسي بطلتها, وإنما هناك شيء ما لامس المرأة التي بروحي من كل نساء الرواية
دنيا – آخر رواية قرأتها – تستحق القراءة
بقلم : تاج عبيدو