من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم
Breaking News

: الفن الشعبي تعبير عن الألم و الأمل

الا

حوار مع المطربة الشعبية:

سعيدة الهاني بقلم الشاعرة و الباحثة و الاعلامية و الناقدة : منى بعزاوي بالتنسيق مع السيد : عبد الحميد التواتي

 الفن الشعبي تعبير عن الألم و الأمل سعيدة الهاني مطربة شعبية أصيلة ولاية القصرين من منطقة سبيطلة، تؤدي اللون البدوي و التراث، تعاملت مع العديد من الشعراء، عرفت باللون البدوي و الشعبي، و خاصّة في مراقصة التراث والنسيم الجبلي، و كانت مختلف أغانيها نابعة من وجدانها المتأجج بين لوعة الحب و لوعة الفراق. و قد دأبت المطربة سعيدة الهاني منذ صغرها على تأدية هذا اللون الأصيل، و بدأ نجمها الساطع يشع بداية من سنة1999 ضمن أغنية عن تراث القصيرين مسقط رأسها، وكانوا يطلقون عليها آنذاك بصاحبة الصوت الجبلي و صاحبة الحنجرة الذهبية لأن صوتها فيه نبرة خاصّة، يتصاعد بين الألم و الوجع و يلتقي بلوعة الحب و الهيام إلى درجة التفنن و التغني المستمر. أسست فرقتها الموسيقية بنفسها و دأبت على معانقة أوتار الموسيقى بعد رحيل زوجها و فقدان ابنها، هذه الفرقة أطلقت عليها الأمل للفنون الشعبية، و كأنها تحاكي الأمل و الحياة و التجدد و ريعان الوجدان المتغير.

السؤال الأول: بمن تأثرت في تجربتك الفنية من عمالقة الفن العربي؟

في الحقيقة تأثرت بواقعي فقط، و عرفني الجمهوري بطابعي الخاص، فأنا مغرمة أشد الغرام بالتراث لأنني ترعرعت داخل بيئة حضارية متميزة، وهذه الحضارة هي المحيط الذي أتعايش معه في كل لحظة زمنية. هذا التأثير قد كان له وقعا على حياتي و مستقبلي الفني، فكنت كلما أعانق التجارب الذاتية و العامة أشعر براحة نفسية تختلج ذاتي و تراقص كياني، فمنذ صغري أحارب ويلات الحب و التجدد و الأمل والألم، و هي ويلات ربما تكون منطلق كل فنان عشق الوقع الواقعي على الذات و النفس و المجتمع لاعتبار أن الفن الشعبي اليوم هو المتنفس الوحيد للعذاب و الوحدة، فهو مصاحب لكل إنسان و لكل عصر، لذلك أكون متواصلة مع جمهوري في مختلف الولايات لأحاكيهم مرارة الوحدة و الغربة و العذاب و في نفس الوقت أبعث فيهم روح الفن و الأمل و الاستمرار في هذه الحياة.

السؤال الثاني: ماذا يعني لك التراث، هل هو تعبير عن الزمن المفقود أم بحث عن عشق منشود؟

الفن بنسبه لي هو تعبير عن الزمن المفقود وهذي أجمل عبارة أصوغها لكم اليوم، لأن ما نراه ونسمعه في هذا الزمن لا نستطيع أن نصنفه أو نقر بأبعاده الفنية، نظرا لأن الفن الصادق و المتميز لا بد أن يحتذى بالكلمة الراقية و الموسيقى المتفننة، و حقيقة كنت حريصة على معانقة ذاك الوجع و الفقدان بالشيء الثمين في زمن عرف بالغدر و الخيانة، و هذه الخيانة قد تكون من الحبيب و قد تكون من الحياة، لذلك كان أول شريط كاسات لي يحمل عنوان ” رحل وخلاني” من كلمات الشاعر المتميز علي شوشان، هو الأقرب لذاتي فهو الذي يعبر عن خلجات نفسي و خلجات الآخر

. السؤال الثالث : لماذا تركز اختيارك على الرحيل: هل في ذلك مرجعيات ذاتية أم اجتماعية؟ كان اختياري محل تجربة ذاتية و اجتماعية خاصّة و عامّة، لأنني أعتبر أن الفن هو الذي يعبّر عن كل ما نعيشه بما في ذلك الألم و الأمل، و أنا شخصيا لا أؤدي الأغنية إن لم أتعايش معها في كياني و وجداني، و كان السبب الأول في اختيار الرحيل يعود إلى فقدان زوجي و رحيله عن الدنيا وتعبير عن فقدان ابني في مرحلة ثانية و تعبير عن فقدان الذكريات الجميلة في مرحلة ثالثة، لذلك كان الفن هو أملي و مستقبلي وتجددي بالحياة، فالفن عبارة عن تلك البسمة التي تراقصني كل يوم وكأنني أعيش مع جمهوري داخل حقبة زمنية لا فصل لها و لا قوانين. و هي لحظة فاصلة في العمر ما بين الواقع و الخيال.

السؤال الرابع: من أبرز الشعراء الذين تعاملت معهم؟

تعاملت مع الشاعر علي شوشان و الشاعر عبد الجبار غلاّم، و تعاملي معهما دون غيرها يعود إلى اهتمامي المستمر بالكلمة التي تصل إلى القلب مباشرة و دون واسطة، و أحيانا أختار كلماتي بنفسي و أؤديها، من ذلك ألفت أغنية” يا قلبي انت أخطاني، و لالي لالي، و حبك حراق يا حمه، و حمام القمري، و جددت أغنية ” هزي حرامك” و هي أغنية من التراث و أغنية ” منك مريضة” و طبعا أعتقد أن الفنان لا يتناسى ذاكرته التي لطالما تعود به إلى روح الأصالة و التجدد و الذكريات، فما أراه أنا هجرانا قد يكون نبع سعادة لدى المستمع المتذوق للفن و ما أراه حبا قد يراه المتقبل للصدى فقدانا، فالشاعر قد يعيش مع واقعه الخاص ، و الفنان يعبّر عنها بإحساسه الخاص، في زمنه الخاص.

السؤال الخامس: هل المطربة سعيدة الهاني متواجدة في المهرجات التونسية؟

أكيد أنا متواجدة في بعض المهرجانات و كنت قد تحصلت على الجائزة الأولى في مهرجان الأغنية الشعبية بالقصرين سنة 2006، كما شاركت في مهرجان دوز الدولي و مهرجان سوق الأحد بقبلي و مهرجان الكرم ومهرجان واد الليل و مهرجان مساكن الصيفي و مهرجان جربة ميدون ومهرجان بيت الشعر مع الحبيب لسود وبعض مهرجانات قابس والوسط التونسي، هذا إضافة إلى مهرجان دولي بالجزائر، و طبعا ككل فنانات الفن الشعبي لم أتحصل على فرصة كبيرة للبروز و الصعود، لا سيما و أن الفن الشعبي حيّ بداخلنا لا يموت، و إن مات فسأعتبره موت للحضارة و للتاريخ.

السؤال السادس: ما هي أعمالك التي سجلها الفن الشعبي في تاريخه؟

في رصيدي إلى اليوم خمس اسطوانات و هي موجودة في السوق و آخر اسطوانة كانت في تكريم الفنانة الشعبية الراحلة فاطمة بوساحة، هذه الفنانة التي أعتبرها رمزا من رموز الفن الشعبي، و التي دأبت على المحافظة عليه و صيانته من النشاز و غيره، و أعتبر نفسي اليوم مسؤولة عن هذا التاريخ الذي لا ينتهي و أحاول دوما البحث عن التجدد و التميز والتفنن لأن الفن عبارة عن قطرة دم تحتضن شراييني أينما تواجدت.

السؤال السابع: رغم تميزك و تفننك، أين أنت في وسائل الإعلام التونسية؟

سيدتي الكريمة، حقيقة و بكل أسف الوسائل الاعلامية تتجاهلنا كثيرا وخاصة في ربوع الجنوب التونسي، و هو تهميش لطالما عانينا منه و لطالما أحسسنا به، فالقنوات التلفزية تفتح أبوابها فقط لأهل العاصمة والساحل، و نبقى نحن في فلك النسيان و لا أعرف إن كان ذلك مرتبطا باللون الفني أو مرتبطا بالمحيط الاجتماعي. و لكنني متواجدة في بعض الإذاعات المحلية في قفصة و القصرين و سيدي بوزيد و القيروان، وحقيقة أعتبر نفسي مظلومة في هذا المجال إلى حدّ كبير ، فلازلت أبحث عن فرصة لإثبات هويتي و موهبتي.

السؤال الثامن: هل لك مشاركات في مهرجانات تونس لهذه السنة ؟

نعم إن شاء الله سأتواجد هذه السنة في مختلف المهرجانات، من ذلك مهرجان دولي بالساحل مع نجيب شبيل و بعض المهرجانات الأخرى، في انتظار أن أصدر ألبوم جديد. و حقيقة أفكر بالسفر للتسجيل في الجزائر نظرا لأن شركات الإنتاج في تونس أصبحت حكرا لأصحاب النفوذ ومفتوحة أمام تسلط المنافسة الشديدة بين أبرز الفنانين،

و أتمنى أن أحضى بفرصة مناسبة لتقديم الأفضل على الساحة الفنية.

. السؤال الأخير: ليس للفنان كلمة أخيرة باعتباره امتداد للماضي والحاضر و المستقبل، لذلك ما هي الرسالة التي توجهها المطربة المتميزة سعيدة الهاني في ظل ما تعيشه الكلمة اليوم؟

أشكركم على هذا الحوار الممتع، و في الختام أوجه تحية لكل من شجعني على مواصلة دربي الفني و لكل من فتح لي باب الحضور و الامتاع وأتمنى أن تكون بلادي باستقرار ليتسنى لنا العودة للساحة و بعث الأمل في الشعوب العربية، حتى يضمنوا الاستمرار في الحياة و معانقة الأمل و التجدد و الكلمة الحرة.

12324945_1093673133997036_1759481643_n

12833360_1093673107330372_1790031859_n

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد