من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

"في الذكرى الثانية عشرة لاستشهاد القائد المؤسس الرئيس أبو عمار" "

12369269_105594329815810_9012352081066863952_n

الكاتب الصحفي والمفكر العربي والإسلامي الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل رئيس الهيئة الفلسطينية للاجئين الأستاذ والمحاضر الجامعي غير المتفرغ أمين سر شبكة كتاب الراي العرب سابقًا عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب المركز القومي للبحوث العلمية

 يا رب الكون أطعمني أن أكون شهيدًا من شهداء القدس الشريف”؛ تلك كانت أمنيتهُ، إنهُ شمس الشهداء القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات أبو عمار رحمه الله التي تمناها خالصاً من قلبه ودعا الله بها، فارتقت روحه إلي باريها عز وجل كان ذلك في ليلة القدر السابع والعشرون من شهر رمضان المبارك؛ كيف لا فهو الذي عرف العالم القضية الفلسطينية من كوفية الختيار أبو عمار؛؛؛ فمن عاش لنفسهِ عاش صغيرًا، ومات صغيرًا، ومن عاش لنفسهِ ولشعبهِ وللناس جميعًا، عاش كبيرًا ومات كبيرًا؛ وهكذا هو القائد الشهيد الرمز القائد أبو عمار ياسر عرفات، الذي لم يّذُق طعم الراحة ولم يكِل ولم يمل، وحمل قضية الشعب الفلسطيني في جميع أصقاع الأرض؛ نحن نتكلم عن ذكري قائد بحجم أمة،، يُشعر الإنسان بقشعريرة في بدنهِ حينما نتكلم عن رجل قّل أن تجد له نظيرًا؛ فقد أفني شبابهُ وحياتهُ من أجل أن تحيا فلسطين، وطاف البلاد وخالط العباد، فلقد عاشرتهُ وعايشتهُ عن قرب بعد منتصف عام 1994م، بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولي وتوقيع اتفاقية أوسلوا ودخول السلطة الوطنية لأرض الوطن في غزة، وفي الضفة، ولقد كنا بعد خروجنا من سجون الاحتلال عام 1993م، من أوائل من أكرمهم الله عز وجل عام 94م للسفر لدورة عسكرية مكثفة في الأمن والحماية للرئيس في دولة رومانيا في أكاديمية الضباط؛ وحينما عاد الرئيس الشهيد قطاع غزة عملت في مرافقتهُ في الخط الثاني في المنتدي الرئاسي بغزة، فُكنا بالكاد نلحق به حينما يمشي من قوة وسرعة خطواته، وكان القائد الشهيد أبو عمار لا ينام من الليل إلا قليلاً، يأتي المُنتدي وهو مكتبة في غزة صباحًا، وكان أبو عمار رحمه الله يقرأ القرآن و لا ينام قبل أن يصلي الفجر حاضرًا في مسجد الرئاسة بالمنتدي، ويذهب للنوم بعد صلاة الفجر، بعد يوم شاق وطويل من العمل ومتابعة كافة المستجدات على الساحة الفلسطينية والعربية والدولية، وعملت مرافقًا في بيته كذلك، فكانت الرحمة شعارهُ والتواضع لباسهُ، والمحبة والإنسانية ترافقهُ في كلامهِ وفي ابتساماتهِ، كان لا يخُطب خطابًا إلا ويستشهد بآيةٍ من القرآن الكريم أو بحديثٍ عن النبي صل الله عليه وسلم، ولم يكن يرفض كتابًا يصله من أي أحد يسأُل حاجته قطّ، وخاصةً إن كان طلب مساعدة مالية أو علاج أو للدراسة أو للسكن، من أي إنسان كان إلا ويوقع الكتاب ويحقق حاجة المحتاجين، وكانت صاحب قلب حنون رحيم،، كان يقبل أيادي الجرحى برصاص الاحتلال، بل يقبل أقدامهم كذلك، وحينما كان يُسأل عن أوسلوا والانتقادات التي توجه له من بعض الفصائل والتنظيمات المعارضة لهُ يقول لهم: إن كان لكم تحفظ واحد أو انتقاد فعندي مائة تحفظ وانتقاد، ولكن مكرهًا أخاك لا بطل مُضطرًا لها وقع تلك الاتفاقية، وكان يغضب حينما يرتقي الشهداء برصاص المحتلين الغاصبين والدموع تتحجر في عينيه وتصبح كأنها الجمر غضبًا على هذا الاحتلال المجرم الذي يقتل بدم بارد ولا يحترم اتفاقيات ولا يعرف للسلام طريقًا سوي القتل والارهاب، كانت له مقولات خالدة يُحب ترديدها كثيرًا حتي أصبح الناس يرددونها في معظم المناسبات الوطنية والدينية، وبرغم الحصار والاحتلال الغاشم الذي حاول تضييق الخناق عليه والضغط الهائل الذي يتعرض له في المفاوضات وتزايد الضغوط من الأعداء وحتي من بعض الأشقاء العرب إلا أنه مع الألم كان يزرع الأمل ويرسم خارطة طريق وتواثب للوطن وخطوط حمراء لا يمكن لأي فصيل أو تنظيم كائنًا ما كان أن يحيد عنها، أو يتجاوزها وهي القدس وحق العودة للاجئين وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وكان يعشق الوحدة الوطنية ويعمل على تجسيدها دومًا، وكلما اشتدت العواصف العاتية والتهديدات الاسرائيلية عليه كان له مقالات خالدة عبر التاريخ تجعل منه الغائب الحاضر فيما بيننا ومن أهم ما قال: يا جبل ما يهزك ريح؛ وعلى القدس رايحين شُهداء بالملايين، واللهم يا رب الكون أطعمني أن أكون شهيدًا من شُهداء القدس، وكان يقول يا رجل أنت تكرهلي لي الشهادة: “أدعو الله لي أن يرزقني الشهادة علي هذه الأرض المباركة المقدسة، وكان يهتف مع الناس بالروح بالدم يقولون نفديك يا أبو عمار ويقول لهم:” بالروح بالدم نفديكي يا فلسطين، لأن فلسطين كانت همهُ الأكبر وحلمهُ الأعظم هو تحريرها من براثن اليهود الغاصبين، وكان حينما يلتقي الزهرات والأشبال والشباب يقول لهم:” سترفع زهرة من زهراتنا وشبل من أشبالنا علم فلسطين فوق مآذن القدس وكنائس القدس، ومما أذكره ولن أنساه أبدًا في أحد المرات جاءت له نقابة العمال الفلسطينيين بأعداد كبيرة من العمال في ساحة المنتدي بغزة وكانت دولة الاحتلال تريد ابتزاز الرئيس الشهيد سياسيًا فمنعت إعطاء التصاريح للعمال للعمل في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948م، مما دفعهم من الأوضاع الاقتصادية المتردية للتظاهر أمام مكتب الرئيس بغزة المسمى المنتدي وكنت وقتها في الدوام بمكتب الرئيس؛ جاء العمال وعددهم كبير وحاملين معهم الحلل والأواني والطناجر والمعالق وأصبحوا يضربون عليها ويصدر عنها صوت كبير من الضجيج لأن أعدادهم كانت كبيرة، وسمعت من بعضهم السب والشتم على الرئيس بأقدح العبارات والألفاظ، ولقد سمع الشهيد القائد صوت المظاهرة للعمال بنفسهِ والذين كانوا يتظاهرون بسبب منعهم من العمل في فلسطين المحتلة، وبسبب الفقر الذي اصابهم ومن أجل توفير لقمة عيش بديلة لهم ؛ فهل قام الرئيس الشهيد رحمه الله كما يفعل اليوم بسوريا (بشار الكفر) المجرم بإلقاء
البراميل المتفجرة على أبناء شعبه ليقتل النساء والأطفال وشرد أكثر من مليوني لاجئ سوري من أبناء شعبه؟؛ بل على العكس تماماً قابل أبو عمار رحمه الله السيئة بالحسنة والسب بالصفحِ والإحسان وأعطي أوامرهُ مباشرة لصرف مبلغ مائتي دولار إلي مائة دولار لكل عامل حسب عدد الأسرة والأفراد وكذلك عمل تأمين صحي مجاني لكل العمال الذين منعوا من العمل وسحبت تصاريحهم من قبل الاحتلال المجرم؛؛؛ هذا هو ياسر عرفات تاريخ شعب وأمة وذاكرة حية فينا لا تغيب برغم ما تعرض له من حصار لم يترك الصوم في رمضان مع أنه مريض وتعرض للسم ولديه رخصة للإفطار وحينما توجه له وكيل وزارة الأوقاف السابق الشيخ يوسف جمعة سلامة في المقاطعة برام الله وهو محاصرًا من دبابات وجيش الاحتلال قال لهم يا سيادة الأخ الرئيس معك رُخصة شرعية بأن تفطر في رمضان فرفض ذلك وقال لا، فقال له الشيخ سلامه أنت ملك الشعب ولست ملك نفسك فأفطر؛ فقال أبو عمار باللهجة المصرية التي كان يحب ان يتكلم بها ليؤكد عمق العلاقة الاستراتيجية والتاريخية والقومية مع الحبيبة مصر؛: الله يا راجل هو أنا مش أحسن من الشهيد الطفل فارس عودة”؛ وكانت أخر كلماته حينما اشتد عليه الحصار والخنق والتضييق وقرر الاحتلال قتله بالسم، كما وضعوا السم للنبي محمد صل الله عليه وسلم من قبل في الشاة المسمومة التي نطقت بأمر الله وقالت: لا تأكل مني يا رسول الله فإني مسمومة،،، وتنكر للقائد الرمز الشهيد ياسر عرفات القريب والبعيد ولم يرفع حاكم عربي سماعة الهاتف ليطمئن على أبو عمار ودبابات وطائرات وجيش الاحتلال الصهيوني تُحاصرُه في المقاطعة برام الله وكلهم خافوا من العم سام الولايات المتحدة (الصهيو أمريكية) وتركوه يواجه الموت دون أن يتحرك لهم ساكن أو يسمع لهم صوت، بالرغم من ذلك لم تغيب الابتسامة عن رجل عاش منذ كان صغيراً لشعبه وتمني الشهادة وتعرض للموت ومحاولات الاغتيال من الموساد الاسرائيلي عشرات المرات، كان يقول للصحفيين أنتّ تسألني عن صحتي روح اسأل عن صحة شعبي؛ وردد كلمات خالدة سُجلت بأحرف من نور تضيء الدرب والطريق لكل أحرار والعالم ونار تحرق الأعداء المحتلين قائلاً: يريدونني إما طريدًا … وإما قتيلاً… وإما شريدًا… وأنا بقول لهم…. شهيدًا… شهيدًا… شهيدًا؛ فكانت كرامات الله عز وجل له بأن يلقي ربه في ليلة السابع والعشرين من رمضان ليلة القدر صائمًا محتسبًا شهيدًا إن شاء الله بعدما وصل اليه المحتل ودسوا له السم ويومًا ما سيعرف الجميع وستنكشف الحقيقة الغائبة وسيعرف الشعب الطريقة والوسيلة التي أوصل بها المجرم عن طريق الاحتلال الصهيوني وأجهزة مخابراته من الذي أوصل السم للشهيد أبو عمار؛ وقدر الله عز وجل بتكريمه بعد موته بأن تقام له ما لم يُقام لأي زعيم أو قائد أو رئيس في العالم ثلاثُ جنازات عسكرية في باريس، وفي مصر التي أحبها وأحبتهُ، وفي رام الله التي احتضنته وضمت رفاته واستقبله الشعب كما يحب دومًا بجنازة شعبية وعسكرية عظيمة مهيبة، حُمِّل النعش على الرؤوس والأكتاف، في يومٍ أظلمت فيها الأرض على أهل فلسطين وعلى كل الأحرار والشرفاء في العالم في يومٍ حزين بكت عليه السماء وبكتهُ الأرض؛ في ذلك اليوم 11/11/2004م الموافق هجري التاسع والعشرون من شهر رمضان المعظم المبارك لتنطوي صفحة من صفحات أكثر وأفضل أبطال العالم وعظماء التاريخ البشري الحديث؛ ومما يذكر بعد وفاة أبو عمار رحمه الله بسنوات أن أحد الأطفال في غزة قدر الله عز وجل أن يموت هذا الطفل بحادث سير مروري في غزة وما كان من أهل الطفل إلا العفو والصفح عن السائق ورفض أخذ الدية من أهل السائق، ولكن أم هذا الطفل بقيت طوال شهر تبكي طفلها الذي مات ويأتيها في المنام كل ليلة وقال لها ذات مرة: أمي إن لم تكفي عن الكباء علي فلن تريني في المنام، فقالت لهُ الأم طيب أعطيني دليل أنك في الجنة لأطمئن عليك ومن معك في الجنة فقال لها ابنها الطفل يا أمي معي في الجنة ثلاثة وهم: أبو عمار والشيخ أحمد ياسين والشهد فارس عودة؛ والرؤية للمؤمن حق وهي جزء من ستٍ وسبعون جزء من النبوة الرؤية الصالحة. رحمك الله الشهيد القائد المؤسس أبو عمار في الخالدين، وإلي يوم الدين وأسكنكم فسيح جناته في الفردوس الأعلى مع سيد المرسلين والنبين سيدنا محمد صل الله عليه وسلم ومع الصديقين والشهداء والصالحين اللهم أمين، والملتقي بإذن الله في جنات النعيم، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، وتبقي الغائب بجسدك عنا، وحاضراً بروحك معنا، وكما كنت تردد دومًا علي القدس زاحفين شهداء بالملايين، وسيرفع شبلٌ من اشبالنا أو زهرة من زهراتنا علم فلسطين، فوق أسوار ومآذن وكنائس القدس الشريف، يرونه بعيداً ونراه قريباً وإنا لصادقون، رحم الله الشهيد القائد المؤسس أبو عمار في عليين وأسكنه فسيح جناته مع النبين والصالحين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً…

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد