من فضلك اختار القائمة العلويه من القوائم داخل لوحة التحكم

روسيا راعية الإنسان تغلق مقر العفو الدولية وتعلن هدنة في حلب

بقلم :

ميسرة بكور كاتب وباحث سوري

روسيا راعية الإنسان والإنسانية ونبراس حقوق الإنسان وملجأ الخائفين و المظلومين المستضعفين في الأرض : من الشيشان إلى أوكرانيا مروراً بدمشق والقرم.

لم تزل صفحات التاريخ القريب تذكرنا بإنسانيتها والتزاماتها بالقانون الإنساني الدولي والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، مستمرة بتسطير اثمها في ذاكرة الأجيال جيلاً بعد جيل بمداد القلب وماء العيون، ومازال القلم يقطر دماً في التاريخ لإنسانيتها في غروزني، وحلب.

ولم تزل ذاكرتنا حاضـــــرة متقدة وهــــي توثق مواقـــــف روسيا العلمانية المتسامحة المنفتحة على كل الأيديولوجيات الثقــــافية والدينية، و لم ينس العالم بعد صورة البطريرك الروسي وهو يبارك أول فوج من القوات الروسية المتوجهة إلى سوريا ليعلن للعالم أنها حرب روسية صليبية بامتياز، طبعاً هذا يندرج ضمن سياق الدفاع عن علمانية سوريا.

روسيا تلك الدولة المارقة المنفلتة من عقال القيم والأخلاق، بإسم الإنسانية تعلن هدنة في حلب، لكن ليس من أجل الإنسان بل من أجل الاستسلام المذل، وتغلق مقر منظمة العفو الدولية بسبب عدم دفع الإيجار.!

روسيا راعية القانون الدولي الملتزمة دائماً أبداً بمحاربة المنظمات الإرهابية المصنفة حسب مصالحها العدوانية، مستمرة في كفاحها الطويل من أجل تعزيز مبدأ حقوق الإنسان، والتزامها الواضح الذي لا تشوبه شائبة في ملاحقة الإرهابيين والقضاء عليهم من أجل لذلك ولأجل ذلك استدعت غواصاتها النووية ومضاداتها الجوية وحاملة طائراتها البحرية لمحاربة الأرهاب وتعزيز حق الشعوب في تقرير مصيرها من افغانستان إلى أوكرانيا.

و تستعد روسيا للحرب بإعلان هدنة جدية في حلب بعد أن أعلنت وفاة الهدنة السابقة التي اعلنتها من طرف واحد ثم أعلنت وفاتها وإعادة انبعاثها من رقودها، واليوم تعلن هدنة جديدة «عشر ساعات».
في الأثناء تستغل روسيا الوقت من أجل تقوية ذراعها العسكرية في سوريا بوصول أساطيلها البحرية إلى السواحل السورية، التي بات من حق روسيا أن تعربد في رمالها وتنشر قواتها فيها بعد أن وقع فلاديمير بوتين، القانون الخاص بالمصادقة على اتفاقية نشر قوات جوية حربية روسية في الأراضي السورية بشكل دائم إلى الأمد الذي تريد.

في السياق ذاته أشارت تقارير دولية عن قرب وصول حاملة الطائرات الروسية «الأميرال كوزنيتسوف» إلى السواحل السورية، ترافقها ثلاث غواصات، بعد أن وصلت الفرقاطة «الاميرال غريغوروفيتش»، المحملة بصواريخ «كاليبر» المجنحة، الى سواحل سوريا، فيما أفادت المعلومات الى تعزيز الروس ذراعهم الجوي في سوريا بطائرات «سوخوي 25» المتخصصة بمهمات الدعم الجوي القريب، بالإضافة الى الـ«ميغ 35»، المتعددة المهام، كطائرة مقاتلة جوا وداعمة للعمليات الأرضية، ما يشير الى انخراط روسي اكبر في ساحات المواجهة السورية المستعرة، إضافة إلى منظومة «أس ـ 300» و«أس ـ 400» للدفاع الجوي.

وهنا نتساءل ويتساءل معنا الجميع. من هو المغفل الذي سيقتنع أن كل هذه الترسانة العسكرية من أجل محاربة حفنة من الإرهابيين أكبر سلاح لديهم صاروخ «تو» المضاد للدروع. وهل محاربة الإرهاب تقتضي استدعاء غواصات وطرادات بحرية تعمل بالطاقة النووية؟
برغم أنه سبق لموسكو وأعلنت هدنات « 48 ساعة، 72ساعة» كللت جميعها بالفشل بما فيها الهدنة التي تم اعتمادها بالتعاون مع الشريك الأمريكي رأس الحربة في محاربة الإرهاب بالتعاون مع منظمة الحشد الشعبي أحد أذرع إيران صاحبة شعار الموت لأمريكا والشيطان الأكبر، ومنظمة سوريا الديمقراطية الإرهابية، في أيلول/سبتمبر التي لم تصمد أكثر من أسبوع كان نتيجتها أن تبادل الطرفان الأمريكي والروسي الاتهامات في أفشال الهدنة المزعومة، فكانت الحجة الامريكية أن الروس لم يلتزموا بالسماح لقوافل الاغاثة الانسانية الدخول إلى أحياء حلب المحاصرة، فيما اعتبرت موسكو أن الأمريكيين لم يفوا بوعودهم التي قطعوها للروس، وهي تحديد مواقع الجهاديين في حلب وفصلها عن فصائل المعارضة المعتدلة. إذ استثنيت من الاتفاق الروسي الأمريكي، جبهة فتح الشام وتنظيم الدولة الإسلامية.

هدنة الساعات العشرالجديدة التي اعلنت عنها موسكو من طرف واحد، لا يراهن أحد على جديتها وإنما هي مناورة جديدة، تقدم عليها موسكو في سبيل استكمال حشودها العسكري قبالة سواحل سوريا وتمتص حدة الإنتقادات اللاذعة التي تشنها منظمات حقوقية دولية والمجتمع الدولي على خلفية اتهام موسكو بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم التطهير العرقي في سوريا، من ضمنها استهداف قوافل المساعدات الإنسانية الأممية شمال حلب.

وتكمن المناورة الروسية في رمي الكرة في ملعب المجتمع الدولي وإغراق وسائل الإعلام في نقاش الهدنة والرغبة الروسية في تجنيب المدنيين السوريين مخاطر التواجد في مناطق المنظمات التي تعتبرها موسكو منظمات إرهابية، والعبث الروسي يكمن في دعوة المدنيين والمعارضين لترك أحيائهم ومدنهم ورفع الرايات البيضاء وتسليم تلك المناطق لنظام دمشق بعد كل ما قدموه من دماء للخلاص من نظام دمشق الذي تخوض موسكو حرباً بالوكالة عن نظام الأسد وبالأصالة عن نفسها دفاعاً عن مصالحها وطموحاتها الامبراطورية.

تحاول روسيا من خلال هذه المناورة الخادعة الكاذبة «هدنة حلب» أن تظهر بمظهر المحترم للقانون الإنساني من خلال فتح ممرات إنسانية لإنسحاب المقاتلين والمدنيين من مناطق الصراع وتظهر أنها تحترم القانون الدولي وهـــــي طالما رددت على لسان وزير خارجيتها أنها القوة الوحيدة العاملة في سوريا بشكل قانوني وبدعوة من الحكومة الشرعية في دمشق.
وأن موسكو استجابت لطلبات واشنطن والمنظمات الإنسانية بإعلان هدن مدتها 48 إلى 72 ساعة، ولكن والمشكلة كلها تكمن في «لكن» أن الهدن كانت تؤدي دوماً إلى إعادة تموضع المسلحين وحصولهم على تعزيزات إضافية تعزز سيطرتهم.
ويخرج علينا بين الفينة والأخرى وزير خارجية روسيا لافروف أكثر المدافعين عن نظام الهمجية الأسدية في مزاد يقول فيه نحن التزمنا بتعهداتنا، وننتظر أن تلتزم أمريكا وحلفاؤها بإلتزاماتهم، بفصل قوات المعارضة السورية المعتدلة عن تلك المصنفة إرهابية وتحديد مناطق تواجدها.
ولتأكيد على ما ذهبنا إليه، يقول تشوركين: «عليهم إقناعنا بأن لديهم رغبة صريحة في فصل المعارضين المتعاونين مع التحالف الأمريكي عن جبهة النصرة، ثم القضاء على النصرة وجعل المعارضين جزءا من العملية السياسية»، لافتاً إلى أن تنظيم «جبهة النصرة» مستمر في الحصول على الأسلحة من الغرب، والولايات المتحدة تتجاهل هذه الحقيقة.

وأوضح أنه إذا لم يحدث ذلك فسيثير الأمر شبهات لدى موسكو بأن كل هذه التحركات هي من أجل إنقاذ «جبهة النصرة» من الضربة، موضحاً أن تطبيق الاتفاق الروسي الأمريكي يفتح طريقا للحل السياسي في سوريا، وأن لهذا الاتفاق أعداء كثيرين كانوا يسعون لتقويضه منذ البداية، «وهناك انطباع أن موقفهم غير البناء هو الذي تغلّب».

الهدنة التي استولدتها موسكو قيصرياً ولدت ميتة مشوهة، ذلك بأن تركت روسيا عقدة حل النكاح بيدها حيث أن الهدنة المزعومة تستثني المنظمات الإرهابية، هنا نفتح قوسين كبيرين ونضع فيهما تحت تصنيف إرهابية كل الشعب السوري الثائر على نظام دمشق الرافض للإحتلال المقنع الروسي الإيراني.

في غمار تحطيبه دون شمعة أو قنديل يستضيء به لافروف، و تشوركين، يتغافل الإثنان معاً عن روغان متعمد بأن الهدنة ليست إنسانية بمفهومها المتعارف علية دولياً في مثل هذه الحالة، وإنما هي دعوة للإستسلام لنظام الأسد ودعوة صريحة لميليشيات إيران بأن يستأسروا مقاتلي المعارضة، بل يقولون لهم تعالوا وضعوا القيود في ايدينا وحول اعناقنا ونرجو منكم أن تسامحونا كوننا وقفنا بصدق ضد مشروعكم العدواني الإلغائي الإحلالي الشعوبي.

لم أورد هذا الكلام من بنات أفكاري أو من مخيلتي بل أحيلكم لما قالته وزارة الدفاع الروسية التي طلبت بشكل مباشر من قيادات الجماعات المسلحة في حلب، وقف جميع الأعمال القتالية والخروج من حلب عبر ممرين، أحدهما باتجــاه مدينة إدلب والآخر نحو الحدود السورية التركية.

أمام هذا الهول العظيم من المراوغة والكذب هل بقي شيء يُقال في مضمار المراوغة الروسية الرخيصة المتاجرة بدماء وأرواح ملايين السوريين بمزاد رخيص ظاهره إنساني وباطنه نار تحت رماد سرعان ما يتحول لغول يفترس المعارضين السوريين المعتدلين منهم والمتشددين، في حال لم يتوقف المجتمع الدولي على التخفي وراء أصابعهم أو الاستمرار في دفن رؤوسهم في الرمال حتى تقرع طائرات موسكو أسقف منازلهم وتلتهمهم كما فعلت مع شبه جزيرة القرم وسوريا وكما تحاول فعله في شرق أوكرانيا.

Save

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

الرد